الشيخ مُحسن أبو الحَب (الكبير) شاعرُ كربلاء وخطيبُها
التاريخ :        عدد المشاهدات : 2762

شاعرٌ خطيب .. خلَّده شعره وخدمته للإمام الحسين (عليه السلام) فقد كان من عُشّاقه الذين أفنوا حياتهم في خدمة عتبته المقدسة، ونظم شعراً وقصائداً تفيضُ عشقاً في محبَّته، فظلّت أبياتُه ترنُّ صوتاً ملائكياً في آذان العاشقين الهائمين حُبَّاً في أهل البيت الطيبين الطاهرين، وهو صاحبُ البيت الخالد الشهير ، والذي قال فيه على لسان الإمام الحسين (عليه السلام):

إن كانَ دينُ محمدٍ لم يَستَقمْ             إلّا بقتلي يا سيوفُ خُذيني

وبسبب شُهرة هذا البيت بما يحمله من معانٍ ساميةٍ وما يفيض به من مشاعرَ مُرهفةٍ لم يستطعْ الكثيرُ من الناس أنْ يميّزَه إن كان من شِعْرِه أو ممّا قاله الإمامُ الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء. وأمّا عن اسم شاعرنا فقد عُرفتْ به شخصيتان في تاريخ كربلاء تشتركان في نفس الأوصاف، إذ كلٌّ منهما لها نفس الاسم والشهرة..  فمن هو إذاً شاعرنا المُترجَم له؟

هو الشيخ مُحسن بن الحاج محمد أبو الحَبِّ الحويزي الحائري، نشأ في أسرةٍ عربيةٍ نبغ فيها علماءُ وخطباءُ وشعراء، هاجرت من الحويزة واستوطنت مدينة كربلاء المقدسة في القرن الثاني عشر الهجري، وأما كُنيته بأبي الحَبِّ فبدأت معه عندما كان مصاباً بمرض السعال فزوَّده أحدُ الأطباء بدواء من الحَبِّ، كان يحمله معه ويعطي منه لمن يراه من الذين أصيبوا بهذا المرض، ومن ذلك الحين أُطلق عليه هذا اللقب.

ورد في بعض المصادر أن الشيخ الأديب وُلد عام 1235هـ، ولكن الدكتور جليل كريم أبو الحب محقق ديوانه ذكر أنّه ولد سنة 1225هـ . وعلى أي حال فقد نشأ يتيماً بعد وفاة والده يقاسي آلام اليُتم والفَقر ، فحرص منذُ صباه على حضور  المجالس الحسينية ومحافل الأدب وندوات العلم حتى أصبح يجدُ فيها سلوتَه ومهجته، وقد ساعدته هذه المجالس على صَقْلِ موهبته فصار خطيباً مُفوَّهاً وشاعراً ماهراً، وتدرَّج على نَظْم الشعر وإلقاء الخُطَب، وقد وصفه السيد جَواد شُبَّر بكلمات تدل على شخصيته فأفاد بأنه نَظمَ فأجاد وأكثر من النَّوح والبكاء على سيد الشهداء (عليه السلام)، وصوّر بطولة شهداء الطفِّ تصويراً رائعاً. لا زال الأدباء ينهلون منه، وستظل مجالسُ العلماء تستعيده و تتذوقه، وسيبقى الشعراء المحدَثين يرتشفون من رحيقه . وللشيخ الأديب ديوانُ شعر حقَّقه الدكتور جليل كريم أبو الحب وقام بطباعته في الحائر ولده الخطيب .  

ألقى شاعرنا الأديب قصيدةً في يوم الغدير مخاطباً أمير المؤمنين (عليه السلام)، كان مطلعها:

أنت الإمامُ أبو الأئمة والذي             لولاهُ ما قامتْ نبوّةُ أحمدِ

أما قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد جاء فيها:

فقامَ بأمرِ اللهِ فيهم مُجاهداً              عن الحقِّ لا يلـــوي ولا يتـــــرددُ

وقدَّمَ من أنصارِه كلَّ أشوسٍ           قلوبُ أعاديه من الخوفِ ترعدُ

وقال في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام):

أبو الفضلِ لا تُحصى مواقفُ فضلِهِ             فمن ذا يُجاريـــه ومن ذا يقاربُهْ

رأى الموتَ دون ابن النبيِّ حياتَهُ                لذلك ساغتْ في لهاهُ مشاربـُهْ

وفي رثاء شهداء الطف:

فيا قلبُ كيف تروم السّلو             وتصحــو وقلبُ الهدى غيرُ صاحِ

بنو أحمدٍ مَنهبٌ للخُطوبِ            أتيحَ لهم كلَّ حتفٍ مُتـــــــــــــاحِ

ظل شيخنا الشاعر والأديب محسن أبو الحب عمراً مديداً في كربلاء فاضلاً لبيباً وقارئاً خطيباً تهتز المنابر له شوقاً إلى أن أجاب داعي ربه يوم الاثنين 20 ذي القعدة سنة 1305هـ ، فيكون عمره ثمانين سنة كما يقول محقق ديوانه، ودفن في الرواق الحسيني الشريف خلف السيد إبراهيم المجاب، معقباً سبعة أولاد وبنتاً واحدة.


مركز تراث كربلاء


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :