كاظم الهر ..من اكبر شعراء كربلاء في القرن 19 الميلادي
التاريخ : 16 / 4 / 2018        عدد المشاهدات : 1976

 

يعتبر  الشاعر الشيخ كاظم الهر   من أشهر شعراء الادب الفراتي في القرن التاسع عشر الميلادي، وشعره يمثل جانبا واسعا من المثل العليا الراسخة في حياة المجتمع. فهو شاعر يتجه في شعره نحو الادب الكلاسيكي او بالأحرى مدرسة المحافظين ذلك الادب المدرسي التقليدي الذي ينحو منحى الآداب القديمة ويسير على نهجها، سواء من حيث الأغراض او الأساليب حتى الألفاظ والصور. ومن مزايا شعراء هذه المدرسة انهم كثيرا ما يفتتحون شعرهم بالغزل، وان المدح هو الموضوع المحبب إليهم. ومن بواعث الأسف ان معظم شعراء تلك الفترة قد أهملوا تدوين شعرهم ونشره بين الناس الا ما وصل بين أيدينا.

وفي مدينة (كربلاء) ذات المركز الثقافي العتيد، بزغ كوكب في سماء الادب طالما بهر الابصار بضوئه الوقاد ليضيق الى تاريخ – ال الهر – سطور أخرى مشعة بالعبقرية والنبوغ .. لقد اشتهر أبناء هذه الاسرة بالعلم والادب والورع، فنبغ فيها علماء وشعراء احتلوا مكانتهم المرموقة في الأوساط الفكرية، كان من بينهم الشيخ قاسم الهر والشيخ كاظم الهر والشيخ جعفر الهر وغيرهم .. وان أشهر صيتا واجودهم شاعرية لهو (الشيخ كاظم الهر) مدار حديثنا الان.

ولد الشاعر الشيخ كاظم في كربلاء عام 1257هـ، وما ان شب وترعرع وتصلب عوده اندفع يختلف على المجالس الأدبية العامرة في ارجاء هذا البلد لتلقي المعارف والعلوم، وانصرف الى درس المقدمات كالنحو والصرف وغيرهما، فنال قسطا وافرا منها، وبعد ذلك أكب على دراسة الفقه واصوله على اعلام عصره المشاهير كالشيخ صادق إبن العلامة الشيخ خلف العسكري وغيره. وبعد مضي فترة من الزمن ليست بقصيرة أصبح الشيخ كاظم الهر ادبيا يشار اليه بالبنان، ومن هنا تتلمذ عليه نفر من اهل الفضل والادب كالشاعر الكبير الحاج محمد حسن أبو المحاسن، والشاعر الشيخ محمد بن الشاعر الشيخ فليح الكربلائي  والشاعر الحاج عبد المهدي الحافظ، والشاعر حسين الكربلائي وغيرهم، فتعلموا على يديه واخذوا عنه العروض والنحو والفقه ودراسة الشعر.

وكان المرحوم الشيخ كاظم الهر ملازما لديوان ال الرشدي، ذلك المنتدى الادبي الذي لم تشهد له كربلاء مثيلا بالقرن السابق،وكان يحضر مجالسه العامرة صباح مساء منذ عهد اديب الاسرة وشاعرها – السيد احمد الرشتي – وعندما قتل السيد احمد المذكور في حادثة مروعة رثاه شاعرنا بقصائد تدمي القلوب وتحرق الاكباد.

ومما يجدر التنويه عنه انه الشاعر الشيخ كاظم كان ظريفا، لا تخلو أحاديثه عن الفكاهة المستملحة والدعابة المليحة، ويقول السيد سلمان ال طعمة : حدثني  الفقيد سماحة العلامة الحاج السيد عبد الحسين ال طعمة سادن الروضة الحسينية فقال: انني دخلت مرة في ديوان ال الرشدي لزيارة السيد قاسم الرشدي، وإذا بالشاعر الشيخ كاظم الهر يتناول كوبا من الشاي بين لفيف من أصحابه، فحسده أصحابه على ذلك، لأنهم قد احتسوا القهوة دون غيرها فأجابهم الشيخ كاظم على الفور: حتى من الشاي لا اخلو من الحسد! فأثار الضحك بين الحاضرين.

ولا بد لنا في هذا المجال ان نتحرى اقوال الادباء به، فنجد ان هناك عددا غفيرا من الاثار المطبوعة والمخطوطة التي تشير الى شخصيته الحافلة بالمواهب الخلاقة، فقد ذكره الشيخ محمد السماوي في ارجوزته بقوله:

وكالأديب الكاظم بن الصادق       ظريف ال الهر في الحقائق

فشعره كان لأهل البيت        مشتهر كغرة الكميت 

لاح له فلك نجاة عاصم        فأرخوا (راح لفلك كاظم) 

وما دمنا نسوق اقوال ادباء العصر، فليس من العدل في شيء ان نغفل راي السيد محسن الأمين فقد قال: (الشيخ كاظم بن الشيخ صادق بن الشيخ احمد المعروف بالهر، توفي سنة 1333في كربلاء ودفن بها ويوافق تاريخه (للحور زفوا كاظما) كان فقيها عالما قرا على السيد محمد حسين الشهرستاني وميرزا محمد حسين الاردكاني والشيخ زين العابدين المازندراني، وهو معاصر للسيد إسماعيل الصدر والسيد محمد باقر الطباطبائي والسيد هاشم القزويني وميرزا جعفر الطباطبائي وكانت له حوزة التدريس في مدرسة حسن خان وله ديوان شعر جله مدح في  ال البيت ورثاء لهم ولم يطبع.

قلنا ان اغلب شعر الشيخ كاظم الهر هو من الطراز التقليدي وزنا وقافية وعبارة ، ويمتاز برصانة الأسلوب وقوة اللفظ وعمق التفكير. وفي ديوانه المخطوط قصائد مختلفة الأغراض ولكنها ليست مبوبة تبويبا حسنا، وتشمل المديح والرثاء والوصف والغزل والعتاب والتشكي من الزمان الى غير ذلك ...

ومما اجاد به شاعرنا ادب الرثاء، فان اول ما يتبادر الى الذهن رثاؤه الغزير لآل البيت عليهم السلام، وما أروع وصفه لمصرع الشهيد الامام الحسين (عليه السلام) في قصيدته العامرة التالية:

فقمت فأنستك الخطوب خطوب            منها يضيق الصدر وهو نحيب

ولوت صروف النائبات عنانها             تعدو بمضمار الردى وتنوب

واعصوصيت بالمرجفات يشلها            يوم اطل به البلاء عصيب

لا يعجبنك من الزمان فعاله                 بل لو عجبت من الزمان عجيب

اخبئ على الصيد الهداة فشملهم            من بعد ذاك الالتئام شعوب

سل عنهم ارض الطفوف فكم لهم          فنيت شباب في الطفوف وشيب

خلت الديار من الكرام فما بها              بعد الندى الا بكاء ونحيب

اين البحور الفعم يزخر موجها             كيف اعتراها للحمام نضوب؟

ايطيب عيش، والحسين على الثرى        وكريمه بدم الوريد خضيب؟

الله أكبر كيف يغدو موطئا                  للخيل، من هو للحبيب حبيب؟

هد الهدى يوم الحسين فانه                 يوم يكاد به الجنين يشيب

كم حرة تسبى به ومصونة                 تهدى كما تهدى وتسبى النوب 

 

وقوله راثيا السيد مهدي القزويني الكبير في قصيدة وقد عزى فيها السيد محمد الطباطبائي والقاها في الفاتحة التي أقامها في كربلاء ومطلعها:

ما للردى قد جرعت بني الابا          صروفه من المنايا اكعبا 

 

وأخيرا، قد ارتفعت روحه في معارج السماء، وتوقف قلب الشاعر النابض بالحب الحسيني عام 1330هـ، وفقدت كربلاء شاعرا متوقد الفكر بعد ان أدى رسالته في الشعر والحياة أحسن أداء، ورثاه فريق من شعراء كربلاء.

 


وحدة الاعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :