شذرات من حياة الشاعر عبد الباقي رضا الزجاجي
التاريخ : 5 / 10 / 2016        عدد المشاهدات : 650

على امتداد التاريخ نجد عمالقة وعباقرة غمرهم الدهر وظلمتهم الدنيا فلم تُسلَط عليهم الأضواء كما سُلِّطت على غيرهم وقد يكون ذلك –غيرهم- أدنى منهم منزلة ومقاماً، ومن هؤلاء المبدعين الشاعر عبد الباقي رضا الزجاجي فهو ذلك الشاعر الأديب والخطاط البارع والشاب المثقف المتواضع المولود سنة 1932م في كربلاء المقدسة. ولإنصافه أكتب هذه السطور فإنه أديب يافع بارع حقاً فعمره لا يتجاوز الخمسة والعشرين سنة، امتلك ثقافة أدبية جارى فيها كبار الأدباء والشعراء القدامى. فما أيسر النظم  لديه ! لكنه لا ينشر كلَّ  ما ينظم  لتواضعه وعدم قناعته الأدبية بسمو شعره وأدبه رغم أن شعره يمثِّل رقَّة الإحساس ودقة الملاحظة وصدق العاطفة وعذوبة الكلمة وسحر البيان ، فهو صاحب الصرخة المدوّية بوجه السياسيين من أهل الباطل في عراقنا الحبيب. يقول واصفاً حبهم للمال والدنيا وتخليهم عن المبادئ :

هو الأصفر الرَّنّان أعمى بصائراً                      إلى الحق كانت قبل ذاك روانيا

ألفنا   (رجالاً)   بالولاء   تبجّحوا                     وإن سمعوا الرَّنّان مدّوا الأياديا

وكم عرضوا في معرض البيع سلعةً                  ضمائرهم كانت فمن كان شاريا

لقد عشقوا الكرسي والحكم في الدُّنى                  فما أصلحوا في الحكم إلّا الكراسيا

 

وللشاعر الفذ عبد الباقي رضا الزجاجي أبيات أخرى يذم فيها من يطلب الصلاح بطريق الباطل تحت مقولة (الغاية تبرر الوسيلة) وهو يقصد بأبياته أحزاباً سياسية بعينها اشتهرت بذلك كما اشتهرت بالكفر والإلحاد. يقول :

وقوماً  ألفنا  في  دياجير  غيِّهم                           يسيرون سير اللِّص إنْ كان حافيا

يريدون إصلاحاً هو الغيّ عينه                           وإن  ألبسوه  اليوم  ثوباً  مُرائيا

ينادون باسم (الكادحين ) وجلُّهم                        عليهم : وشادوا الشامخات مبانيا

 

وهكذا هي الجرأة والصراحة عند الزجاجي فهو يبث معاناة البلاد والعباد مهما كانت النتائج والعواقب بأسلوب أدبي رفيع وبلغة عالية واضحة ، وله قصائد يرثي بها الإمام الحسين -عليه السلام - لكن الملاحظ في قصائده أنه يربط مشاكل المجتمع ومصائبه وما يعانيه بما تعرَّض إليه سيد الشهداء –عليه السلام – وما لقيه من البلوى والأذى. إذ يقول :

والعرف  أن  يعلو  الغبيُّ  بماله               ويموت  ضنكاً  عبقريٌّ  معدم

فكأنما التاريخ   يبعث  نفســـه                والظلم يبعث في النفوس تكتــّم

ويعود عهد الجور مزهواً  إلى                 سلطانه    بصرامةٍ    يتحكَّم

ثم يخاطب سيد الأحرار –عليه السلام – في قصيدة أخرى ويقول :

فنحن  إذا  ما الدهر أبدى تعسفاً                  جعلناك نبراسَ الحياة  وحاديا

ومن  شاء  أن  يحيا حياة  أعزّةٍ                            مضى بك يجتاز الدروب تساميا

شهيد  الإبا  والعز  جاهدتَ  مؤمناً              ولولا لظى الإيمان ما رحت داميا

أَجَلْ من يَخُضْ سوح الجهاد مناضلاً             حسامُ العدا ناداه ما دمت ظاميا

  

واللافت  للنظر أنّ الشاعر طرق أغلب أبواب الشعر فهو لم يقتصر على باب واحد، وقد كوَّن ديواناً مخطوطاً لكنه لم يعترف هو بديوانه لتواضعه ، ولعل هذا أحد الأسباب التي جعلته مغموراً فلا يُذكَر ، ويُعدُّ عبد الباقي الزجاجي من الشعراء المحافظين (الكلاسيكيين) وهو لا ينظم الشعر إلّا وقتما تهيج به العاطفة ويستفزه الشعور وفي جلسات هادئة خاصة ، والمعروف عن الشاعر الزجاجي عاطفته الجياشة وشعوره الوقَّاد وحفظه كثيراً من الشعر. أما ما يتعلق بالنثر، فهو لم يهتم به كاهتمامه بالشعر سوى مجموعة مقالات كتبها ونشر بعضها، امتازت هذه الكتابات برشاقة الأسلوب وامتياز المعنى ومعالجة المشاكل الاجتماعية ومعاناة العراقيين.

ومن هنا يتجلى لنا أدبه الرفيع وذوقه العالي فهو قد جعل أدبه شعراً ونثراً لخدمة أهله وبلده فلم يُغمَر من حمل هموم الناس ودافع عنهم...


وحدة الإعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :