منطلقاً من قول أمير الإنسانية وأمير الجن والانس علي بن أبي طالبA: "الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.." هذا القول بحد ذاته يحدد لنا معنى الإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالسنة النبوية الشريفة والعترة الطاهرة يرسمان لنا خطوطًا واضحة ننتهج بها طريقنا، ومن ضمن هذه الخطوط مبدأ الإنسانية هذا المبدأ الذي به كل صفات الاخلاق وصفات الانسان المهذب ومعنى كلمة إنسان تأتي من إنسانيته وأن لا فرق بين عربي ولا اعجمي ولا فرق بـلون أو عرق ولا جنس الا بالتقوى، هذا ما تعلمناه من النبي واهل بيتهD وما اجمل احدنا حين يُكنى بها ويقولون إن فلانًا انسانيته كبيرة فهذا يعني أنه يحمل كل صفات الانسان.
إنّ الإنسانية أحدى خصائص الإسلام الكبرى.
وانطلاقا من قول الرسول الأعظم محمد a (الدين المعاملة) أقرّ الإسلام الحنيف مبادئ تحثّ على الإنسانية والمعاملة الحسنة مع الآخرين فمن هذه المبادئ الجميلة التي قرها الاسلام، مبدأ الاخاء الإسلامي وهو مبدأ أقره الدين الإسلامي ويعني أن البشر جميعهم متساوون وجميعهم أبناء رجل واحد وامرأة واحدة، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا| (النساء - 1) .
ودعا الدين الإسلامي إلى مبدأ المساواة ليس بين المسلمين فحسب بل هي أخوة بين بني البشر جميعهم على اختلاف اجناسهم واعراقهم وألوانهم وطبقاتهم ومللهم ونحلهم والبشر جميعهم على نوعين: منهم من عرف الله وانضبط بمنهجه وأحسن الى خلقه فسلم وسعد في الدنيا والآخرة، ومنهم من غفل عن الله وتفلت من منهجه وأساء الى خلقه فشقى في الدنيا والآخرة.
إنّ الاخاء الإسلامي حقيقة دينية لاريب فيها تنطلق من إسقاط كل المتألهين في الأرض الذين طغوا وبغوا ويزداد هذا الاخاء توثيقا اذا اضيف اليه عنصر الايمان فتجتمع الإخوة الدينية والإخوة الإنسانية فتزيدها قوة الى قوة ولما كان باب الايمان مفتوحا لكل الناس بلا قيد ولا شرط ولا تحفظ على لون او إقليم او طبقة، ومن ثمرات إنسانية الإسلام اليانعة مبدأ مساواة الإنسانية فقد أقرّه الإسلام ونادى به وهو ينطلق من أن الانسان يحترم الانسان ويكرمه من حيث هو انسان لا من حيثية أخرى، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِير| (الحجرات-13) .
إنّ الله جلا وعلا في هذه الآية المباركة يضع لنا أساسًا في تقديرنا لديه، فالجميع متساوون بالخلق، وهناك أيضا علاقة الانسان مع ربه وعلاقة الانسان مع الانسان.
ونرى هنا ان اكثرنا يحرص على أن يوثّق العلاقة الأولى وينسى العلاقة الثانية وهي علاقة الانسان بالإنسان، فترى أحدنا لا يترك إقامة الصلاة في المسجد، ويصوم رمضان ويجهد ليحج البيت وكل ذلك محمود ولكن هذا من دون الإنسانية لا يتوافق مع ديننا الإسلامي الحنيف كأمة محمدa كما أن الله سبحانه وتعالى طلب منا التقوى على اشدها في القيم الإنسانية كما تشير الآية المباركة: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ| (آل عمران-102) فهنا يحثّنا على أن تكون التقوى بكامل شروطها وأشد قيمها فنحن آمنا بمحمدa ولكن لن نتبع رسالته الخاتمية وهذا يبرر سلوكنا الجمعي، فنتوهم أنه لا يضيرنا أن نكذب أو نغش أو نغتاب الاخرين او نسخر منهم او نتجسس عليهم او نظن بهم ظن السوء او نعامل الآخرين بكبرياء واذلال وننسى أن جميعنا من صُنعِ الله وكُلّنا متساوون في الخلق وكل هذه السلوكيات نهانا الله عز وجل ونبيه a واهل بيتهD عنها ,وإننا في بعض الأحيان لا نأخذها بنظر الاعتبار في تربية أطفالنا ويهمنا ان يعتاد الطفل على الصلاة في المسجد او الصيام وقراءة القرآن الكريم وهذا مطلوب ومشروط ولكن ينبغي أن نعلّمه بقدر تلك الواجبات اعتياد الصدق ومعاملة الاخرين بالحسنى ونعلّمه التأسي بأخلاق نبيّنا نبيّ الرَّحمة والإنسانيّةa الذي يقول فيه ربُّ العزة وربُّ الكون }وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ| (القلم-4)، ومع ذلك لا أعمم ولا أجلد الذات ولكن عسى ان نراجع أنفسنا قليلا ونقرأ التنزيل الحكيم ونلتزم بأخلاق الإسلام لعلنا نتقدم قليلا على سلم الإنسانية بما يجدر بنا بوصفنا أمة خاتم الأنبياء محمدa .
التواضع 3 / 11 / 2016 |
|
الغيب الرباني والسر الالهي هو الامام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) 13 / 10 / 2016 |
|
فضل المجاهدين 26 / 10 / 2016 |
|
لغة القرب الالهي في السبع المثاني (الحلقة الثانية) 20 / 11 / 2016 |
|
الكمال البشري ومصداقه في القرآن الكريم 15 / 5 / 2018 |
|
سر النصر 2 / 11 / 2016 |
|