تاريخ كربلاء
عَگد اليَهودي.. زقاقٌ يحملُ عَبَقًا مِن ماضي المدينةِ المقدَّسة
في كلِّ زقاقٍ من أزقّة مدينة كربلاء المقدّسة هنالك عبقٌ من التراث والتاريخ، وهناك حكايةٌ تُحكى للأجيالِ القادمة، فلا بدَّ لك وأنت تتجوّل بين أزقّة ومحلّات المدينة أنْ تجد أثرًا لماضي كربلاء، أو أنْ تسمعَ حكايةً تروى في أزقّتِها، وإذا جلستَ في مقهىً من مقاهي كربلاء القديمة التي يتوافد إليها كبارُ السنِّ ستسمعهم يسترجعونَ ذكرياتِهم وقَصَصهم في هذه الأزقّة والأسواق. ومن الأزقة التي اشتهرت في مدينة كربلاء (عگد اليهودي) إذ أنَّ تسمية (عكد) في لسان أهالي المدينة تعني الزُّقاقَ الضيّق والملتوي، أمّا عن سببِ تسميةِ هذا الزُّقاقِ بـ (عگد اليهودي) فيذكر أهالي كربلاء القُدامى "أنّ يهوديًّا يُدعى (دانيال اليهودي) كان يعمل ببيع الأقمشة في هذا العگد، حيث سكن في مدينة كربلاء واشتهر فيها، وكان يتوافدُ عليه الناس من مختلف المحافظات للشراء من أقمشته التي كان يبيعها؛ بسبب معاملته الجيّدة لزبائنه وأمانته التي عُرِف بها، وكان هذا اليهودي رجلًا كبيرًا في السنِّ، ولم تكن له أسرة، فعاش في هذه المحافظة المقدّسة وحيدًا حتى باع محلّه وسافر خارج البلاد"، كما كان يوجد حمّام في بداية (العگد) يعرف أيضًا بـ (حمّام اليهودي) والذي ذكره الروائي المرحوم علاء مشذوب في روايته والتي حملت اسم (حمّام اليهودي) والتي تحكي تاريخَ الزُّقاق، ويذكر أنّ هذا الحمّام اندثر الآن وتحوّل إلى بنايةٍ من ثلاثة طوابق. يقع عكد اليهودي في كربلاء مجاورًا لسوق العَلاوي بالقرب من ساحة الميدان، ومجاورًا لشارع الجمهورية الذي يعدُّ الشارع الرابط بين شارع قبلة مرقد الإمام الحسين وشارع قبلة مرقد أبي الفضل العبّاس – عليهما السلام- وصولًا إلى منطقة باب طويريج. حيث يبدأ (العگد) من حمّام اليهودي وينتهي ببداية (خان الحاج سلمان). وتقع في هذا (العگد) بعض المحلات التجاريّة لبيع الملابس والأقمشة ومحلّات بيع الأجهزة الإلكترونية. أمّا المحلّات التي تقع ملاصقةً ل جدار (العگد) فقد أضيفت لاحقًا وهي لا تعدُّر جزءًا منه وإنّما تابعةً له وهو يرتبط بشارع العباس- عليه السلام- وسوق العلاوي. هذا الزقاق أو (العگد)- كما يحب أنْ يطلق عليه سكّان المدينة من القدماء- يمثّل صورةً عن التكاتف الاجتماعي الذي كان حاضرًا فيها، وكيف أنّ سكّان المدينة كانوا متحابّين فيما بينهم، وأنّ سمةَ العنصريّة الدينيّة والقوميّة كانت منبوذة لديهم، فلم يكونوا يفرقوا بين المسلم وغير المسلم، العربيّ والأعجميّ(كلّكم لآدم ..) فالكلّ كانوا سواءً في المعاملة فيما بينهم، فبالرغم من أنّ اليهودي "دانيال" لم يكن من سكان المحافظة الأصليين، وإنّما جاء من محافظة أخرى وسكن فيها، إلّا أنّ أهالي المدينة استقبلوه وفتحوا قلوبهم له. لم يتبقَ –اليوم- من معالم الزّقاق الذي يمثّل جزءًا من تراث هذه المدينة إلّا الذكريات التي يرويها لنا كبار السنِّ والصور التي يحتفظ بها بعض الذين يرون أنّ الماضي هو الأساس الذي يرسم المستقبل.
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.