تاريخ كربلاء
مجلس (ديوان) السيّد جَواد الصّافي
يقع هذا الدّيوان في زقاق أبو ديّة الذي عُرف فيما بعد بشارع صاحِب الزّمان في محلّة باب بغداد، وهو ذو ساحةٍ واسعة تحيطُ به غُرفٌ تحوي على شبابيك مُطلّة على ساحة البيت وشناشيل على الشارع زجاجها ملوّن. مؤسس هذا المجلس المرحوم السيّد مهدي السيّد جواد صافي العطاطير أحد تجّار كربلاء المقدّسة المشاهير، توفّي ودُفن في الصحن الصغير الملحق بالرّوضة الحسينية عند باب الصّافي (باب الشُّهداء حاليًّا) وتولّى دفّة الأمور بعده ولده المرحوم السيّد جواد الصّافي، كان الأخير إداريًّا حازمًا، حَسن السيرة، تقيًّا ورِعًا، ورث عن آبائه الصّفات الحَسنة، كالوداعة والسَّكينة، وكان عضوًا في مجلس إدارة اللواء سنة 1311هـ/ 1894م وكذلك في سنة 1313هـ/ 1314هـ المصادف لسنة 1896م. كان يقصد مجلسَ هذا الدّيوان مساءَ كلِّ يوم بعض الشخصيّات الكربلائيّة من أمثال المرحوم السيّد محمّد مهدي بحر العلوم (وزير المعارف والصحّة) والمرحوم السيّد أحمد السيّد صالح آل طعمة، والحاج مصطفى خان، وغيرهم. توفّي السيّد جواد الصّافي سنة 1333هـ / 1914م ودُفن إلى جنب والده عند باب الصّافي (باب الشهداء)، وأعقب ولدينِ هما: السيّد كاظم والسيّد شاكر الذي ورث عن أبيه مالاً عظيمًا فتخلّى عنه وفرَّقه وعاش عيشة بذَخٍ وتَرَف، ممّا أدى إلى غلقِ الدّيوان نهائيًّا. من النّكات والطرائف التي حدثت في هذا المجلس: في مساء ذات يوم دخل السيّد جواد الصّافي منزل مصطفى خان ليسهرَ عنده ، وفي أثناء جلوسه تركه مصطفى خان وكلّف خادمه بأن يجلبَ عاملاً وأمره ببناء جدار أمام باب السيّد جواد الصّافي المجاورة لديوانه، فقام بالعمل وأغلقها نهائياً خلال ساعة واحدة، وأطفأ الفانوس الذي يتوسّط البابين، وكان السيّد جواد جالساً يتحدّث مع أصحابه ولا يدري عمّا يجري، وبعد انتهاء المجلس خرج السيّد جواد في موعده المقرّر وراح يفتش عن باب ديوانه فلم يجدها، وحاول مراراً أن يتلمّس الجدران في ذهابه وإيابه فلم يعثر عليها ولم يستطع أن يبيّن لأحد المارّة الحقيقة، حتى أعياه التّعب وأخيراً ارتأى كتمان سرّه بأن عاد إلى دار مصطفى خان لينامَ ليلته، وفي الصّباح أرسل مصطفى خان على العامل فهدم الجدارَ الذي بناه في الليل، وهنا ظهر مصطفى خان مبتسماً وأخبره بما فعله. ولم تمضِ إلّا أيام قلائل حتى حاك له السيّد جواد الصّافي مؤامرةً إذ أرسل خادمه فجلب تابوتاً جنب داره وكلّف عدداً من الخدَم فافترشوا البسطَ والحصرانَ أمامَ الباب، حيث يتجمّع النّاس لغرض تشييع جنازته وقد سمعوا نعيه عبر بعض المآذن منذ الصباح الباكر، وبدأ النّاس يتقاطرون على باب داره ويبدون أسفهم على رحيله المفاجئ "المزعوم". وهنا ظهر خادمُ مصطفى خان متعجّبًا مستفهمًا عن سبب تجمّع النّاس، ولمّا أخبروه بوفاة مصطفى خان، اندهش وقال: إنّ مصطفى خان موجود ها هنا يتمشّى في ساحة الدّار، فما كان منه إلاّ أن أسرع إلى سيّده وأعلمه بالخبر، فارتدى مصطفى خان ملابسه وخرج إلى النّاس مكذّبًا ادّعاء السيّد جواد الصافي ومؤامرته. وأصبحت تلك الطريفة حديثَ الأنديةِ والمجالسِ إبّان ذلك العهد.
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.