تاريخ كربلاء

خياطةُ الفرفوريّ مهنةٌ تراثيّةٌ تتأرجح بين الدقّة والفنّ والجمال

خياطةُ الفرفوريّ مهنةٌ تراثيّةٌ تتأرجح بين الدقّة والفنّ والجمال

الحرف أو المهن التراثيّة كثيرة وتتميّز جميعها بالجماليّة والفرادة، وقد اندثرت في الواقع بسبب التطوّر الحاصل في مختلف مجالات الحياة، إلّا أنّها بقيت عالقة في أذهان الناس يستذكرونها بشغف ويستذكرون معها مرحلة من مراحل حياتهم لأنّها كانت جزءًا من يومهم الذي يعيشون، وإحدى هذه المهن هي مهنة (خياطة الفرفوريّ) وهي مهنة جميلة جدّا فيها لمسات فنيّة وإبداعيّة دقيقة تتلخّص بترميم الأوانيّ المتكسرة بطريقة احترافيّة، وقد ذاع صيت (خياط الفرفوريّ) سابقًا حتّى أُشير له بالبنان. ولم تكن هناك محلّة أو زقاق لا يسمع فيها نداء (خيّاط فرفوريّ، خيّاط فرفوري)؛ إذ كانت هذه المهنة من المهن المعروفة آنذاك، ومعنى الفرفوريّ هو الأواني المصنوعة من مادة الزجاج أو الخزف مثل (الإناء والطاسة و القوريّ).. وأكثر ما كان يخيطه أصحاب الحرفة أباريق الشاي (القوريّ) والأواني الصغيرة المعروفة باسم (البلام المستطيلة والألفي وهو الماعون الفرفوريّ المدوّر العميق الذي يستخدم للمرق والرز) وبعض التحفيّات والزهريّات، وبالإضافة إلى تجوال خيّاط الفرفوري في المحلّات فأنّه يقوم بزيارة منازل الميسورين والأغنياء، إذ كان يقوم بإصلاح التحف والمزهريّات والأنتيكات التي تعرّضت للكسر وإعادتها إلى ما كانت عليه، ولأصحاب المقاهي نصيب من تلك الزيارات أيضاً. إنَّ أغلب من امتهنوا خياطة الفرفوريّ في كربلاء من الأجانب الشرقيّين الوافدين إلى العراق، وعُدّة عملهم عبارة عن قوس ووتر ومزرف رفيع (مثقب) يربط بالوتر؛ ليستطيع حفر حفرة صغيرة في حافّتي الإناء المكسور مع أسلاك معدنيّة رفيعة تشبه خيوط الأطباء الجرّاحين، وكليبس وكميّة من البورك الممزوج بالمادّة اللاصقة وبعد أن يضبط تنطبق حافتا الكسر بقطع من الاكليبس ما يكفي لإيصال الفتحتين اللتين عملهما في القوريّ أو الماعون، ثمّ يطلى الاكليبس بالبورك اللاصق وينتظر حتّى يجف ليبدأ بالتنعيم بواسطة ورق السنبادة، وإذا كان الكسر كبيرًا فتربط الحواف بعدّة اكليبسات. كان خيّاط الفرفوريّ يحمل كيسًا أو سلّة من الخوص على كتفه فيها عُدّة العمل المذكورة، سائراً في الأحياء الشعبيّة منادياً بصوت عالٍ (خيّاط......فرفوريّ)، ومن أبرز من عملوا في هذه المهنة في كربلاء المرحوم عبد عون، ولطيف أبو مهدي، والمرحوم الحاج عبّاس الملقّب بتركي، والمرحوم الحاج محمّد الذي يتّخذ من بداية سوق المهدي (عكد اليهود) سابقاً مكاناً بسيطاً ويجمع أدواته التي يستعملها لخياطة الفرفوريّات الثمينة، والمرحوم الحاج كريم في منطقة السعديّة وهناك آخر كان في سوق باب الطاق. وقد اندثرت هذه المهنة مع مرور الزمن بسبب توفر الأوانيّ والمواد (الفرفوريّ) بكثرة وانخفاض أسعارها؛ ممّا أدى إلى سهولة اقتنائها واستبدالها والاستغناء عن التالف منها (فربّما أجور تصليحه أغلى من ثمن شرائه)، ولكنّ عبقها باقٍ في الذاكرة والبيوتات فلا تزال قطع من الفرفوريّ المخيط شامخة بكامل أناقتها مع التحف الثمينة والأنتيكات التراثيّة في أغلب البيوت العراقيّة.

صور من الموضوع ...

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7711173108
00964-7602365037
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
info@mk.iq
media@mk.iq

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...