السيّد محمّد علي الطباطبائيّ .. عالمًا وفقيهًا ومرجعًا

ولد آية الله العظمى الحاج السّيد محمد علي بن عبد الكريم الطباطبائي -قدس سرّه - بمدينة كربلاء المقدسة في 22 أغسطس 1945 الموافق 14 شهر رمضان 1364 هـ، عاش مراحل طفولته وصباه وشبابه في مدينة الكاظمية، بدأ دراسة الكتب الفقهية والدروس الإسلاميّة والحوزوية و هو في الخامسة عشر من العمر- عام 1960م- وأكمل دروس السطوح العالية قبل بلوغ الخامسة والعشرين- قبل العام 1970م- وكان من مدرّسيه حينها: العلاّمة المجتهد البغدادي الكبير، ثم فيما بعد: السيد الخميني، السيد أبو القاسم الخوئي، السيد عبد الأعلى السبزواري، السيد عبد الله الشيرازي، السيد نصر الله المستنبط، آية الله العظمى السيد محمد طاهر الحيدري، السيّد محمد الحسيني الشيرازي. درس بحث الخارج من عام 1968م الى 1980م, فأكمل الاجتهاد المطلق، وحصل على وثيقة من السيّد عبد الأعلى السبزواري عام 1973م فيها وصف السبزاوريُّ الطباطبائيَ بالإجتهاد، وعندما انتقل إلى الكويت عام 1974م لازم دروس المرجع محمّد الحسيني الشيرازي حتى عام م1980، وحصل منه على وثيقة الاجتهاد العالية وإجازة الرجوع إلى فتواه و أهليّته بمرجعية المسلمين, وبإذن الشيرازيّ طبعت أول رسالة عمليّة للطباطبائيّ في أحكام الحج وهي (رسالة الحج و الزيارة) التي طُبعت في الكويت عام 1977م, ووُزعت على مجموعة من الحجّاج وعمل بها مقلدون له. درّس السطوحَ العاليةَ ودرّس البحثَ الخارج حتى خرج من سوريا إلى باكستان عام 1998م. رسائله العمليّة تشهد له بالدقّة والاستيعاب لأمور الدين واحتوائها فروعاً فقهية و إشارات لم تتواجد في رسائل بعض العلماء أيّدهم الله, بالإضافة إلى الأسلوب الإجتماعي المبسّط والشيّق. كان في شبابه يجمع الشباب وخصوصًا في شهر محرم الحرام وشهر رمضان المبارك ويخطب فيهم في أهمية الصلاة والصوم وغيرها من المواضيع، وفي أثناء دراسته في حوزة كربلاء المقدسة كان يدير مجموعة من هيئات القرآن الكريم وقام بزيارة مجموعة من القرى القريبة و البعيدة منها مدينة الثورة والشعلة و معامل العبيدي في بغداد ليحثَّ الشباب على الإيمان ويعلمهم الصلاة و يخوّفهم من المعاصي وقد اهتدى به كثير ، وعندما ذهب الى الكويت اشتغل بالإرشاد بالدوحة و العباسية و صيهد العوازم، وأنشأ حسينية في جليب الشيوخ و سكنها وأقام فيها المجالس، وحين سكن في سوريا زار مائة قرية تقريبًا من القرى الكبيرة والصغيرة وشارك في تجديد وبناء عشرين مسجدًا. وحينما سكن لبنان لظروف قاهرة قد زار خمسين قرية تقريبًا في الهرمل وبعلبك وبيروت والجنوب وخطب في كثير من المساجد، وبنى بيتًا للتبليغ و التدريس قرب بعلبك، وحينما توجه الى باكستان خطب في مدن وقرى كثيرة ومنها كويتا وكراچي وإسلام آباد وبيشاور وغيرها مصحوبًا بالمخاوف والتهديدات، وقد كتب في هذه الظروف كتبًا ومقالاتٍ كثيرة ترجمت و انتشر بعضٌ منها بين المؤمنين. دأب طيلة حياته على العمل في إرشاد الناس ودعوتهم إلى الصلاح وتوجيههم إلى التمسّك بحبل مودة أهل البيت – عليهم السلام - واضطلع بدور اجتماعيّ إصلاحيّ كبير شهدت به مدن الكاظمية وكربلاء والنجف ودمشق والمدن الباكستانية التي مكث فيها مدة غير قصيرة. أجبرته الظروف القاهرة على التنقل من بلد لآخر بحثاً عن الحرية والعدل والكرامة، حتى انتهى به المطاف أخيراً إلى لندن فأسس فيها (رابطة تهذيب الأخلاق والخدمات الإسلاميّة) دعا فيها إلى العمل بكل الوسائل المتاحة والمحاولة الجادة في شتى السبل لبلوغ غايات الإسلام العظيم ونشر لواء المذهب الحق في سماء الوجود. توفّي-قدّس سرّه- في العاصمة البريطانية لندن مساء يوم الأربعاء 1/ 2 / 2017م، بعد عمر ناهز السبعين عامًا، ونقل جثمانه الطاهر إلى مدينة النجف الأشرف، فأقيام الصلاة عليه سماحة الشيخ شمس الدين الواعظي بحضور جمع غفير من المؤمنين ثم شيع إلى مثواه الأخير في مقبرة وادي السلام. مؤلّفاته: له أكثر من 60 كتاباً والكثير من الكراسات والنشرات في شتى مجالات المعرفة الإنسانية، إذ لم تقتصر على الفقه وحده، منها: رسالة أصول الدين، رسالة المرأة المؤمنة، رسالة القوانين الشرعية من ثلاثة أجزاء، رسالة الحج والزيارة، الزواج الاسلامي سعادة الدارين، الطلاق وقصة التشيع في ايران، تعليقات وتوضيحات على العروة والتحرير، علوم وأحكام مستجدّة، قبسات من القوانين الشرعيّة. رسالة الاسلام إلى الطلائع المؤمنة، تعليق وتوضيح على منهاج الصالحين، شرح استدلالي على وسيلة النجاة، ميثاق الإسلام في الشهادة الثالثة(علي ولي الله)وذكرها في الصلاة، اجماع الفقهاء وأدلّتهم في الأحكام الشرعية، نظرتنا الفقهية في الشعائر الحسينية، رسالة الأمور السياسية، وإقام الصلاة (مقدمات وحدود)، تعليقة على مذهب الزيدية، تعليقة على رسالة الشيخ حسين عصفور، آداب تجهيزات الميّت المسلم، بحوث وافية في آيات الأحكام، عزا داري شرعي حيثيّت (باللغة الأُردية)