شخصيات

الشاعر محمّد عليّ كمّونة مَفخرةُ الأمجادِ وسُلالةُ الأجوادِ

الشاعر محمّد عليّ كمّونة  مَفخرةُ الأمجادِ وسُلالةُ الأجوادِ

محمّد علي بن محمّد بن عيسى الأسديّ الحائريّ، المعروف بـ (ابن كمّونة)، من مشاهير شعراء كربلاء وكبار شعراء العراق، وُلد في كربلاء سنة (1200هــ / 1776م) من أسرة لها تاريخ عريق في الزعامة والوجاهة عرفت بآل كمّونة، يعود نسبها إلى بني أسد وكان عميدها شاعرنا الشيخ محمّد علي كمّونة. نزحت هذه الأسرة إلى كربلاء من الكوفة في أوائل القرن الثاني عشر الهجريّ عندما هاجر الشيخ عيسى - جد الشاعر – وبعد استقرارها في كربلاء برز منها عددٌ من الأعلام، منهم: الشيخ مهدي بن محمّد بن عيسى الذي تولّى سدانة الروضة الحسينيّة المقدّسة في المدّة (1258 ــ 1272هـ)، والشيخ الميرزا حسن بن محمّد الذي تولّى سدانة الروضة الحسينيّة المقدّسة بعد أخيه مهدي في المدّة (1272 ــ 1292هـ)، ويبدو أنّهما كانا أكبر من شاعرنا سنًّا فلم تصل إليه السّدانة، فقد توفّي بالوباء الذي حلّ بمدينة كربلاء عام (1282هــ / 1886م) أي في المدّة التي تولّى بها أخوه الشيخ حسن السّدانة ودفن في الصّحن الحسينيّ الشريف مع أخيه الشيخ مهدي في مقبرتهم تجاه قبور الشهداء. نشأ شاعرنا نشأةً علميّةً دينيّةً أدبيّة، نظم فأجاد، وبرع حتّى فاق أقرانه، ولأنّه يتحدّر من قبيلة بني أسد العربيّة الشهيرة، وهم الذين نالوا الشرف بمواراة جسد الإمام الحسين - عليه ‌السلام – وآل بيته وأصحابه، فهو مازال يفتخر بهم، ولأنّ عدداً غير قليل منهم نالوا السعادة وحصلوا الشهادة يوم عاشوراء بين يدي أبي عبدالله الحسين - عليه ‌السلام – فهو يتمنّى أن يكون معهم ويغبطهم على هذه المنزلة فيقول: فوا حُزني إنْ لم أكنْ يومَ كربلا قتيلاً ولم أبلغ هناك مآربي قال السيّد جواد شبّر في ترجمته في أدب الطف: مفخرةُ الأمجاد وسلالة الأسخياء الأجواد، نشأ في بيت الزعامة والرئاسة والوَجاهة، كان ولم يزل هذا البيت محطّ رحال الوفّاد، ومنتدى العِلم والأدب، وله الشرف والرفعة والمكانة السامية لدى أهالي كربلاء، وكانت بيدهم سدانة الحرم المطهّر الحسينيّ من ذي قبل. وقال عنه الشيخ محمّد السماويّ في الطَّليعة: كان فاضلاً، مُشاركاً في العلوم، تقيًّا، محبًّا لآل بيت محمّد - صلّى الله عليه وآله - له ديوان شعر جُلّه في الأئمّة - عليهم السلام - حُكي عنه أنّه رأى في منامه الإمامَ الحسين - عليه السلام - وهو يُردِّد: فمنّا المنادي ومنّا السميع ... فانتبه وأكملها بقوله: سَـبـقـنـا فـلا أحدٌ قبلَنا سوى من برانا ومنَّا الصَّنيع فذا الخلقُ منّا إلينا لنا فـمـنّـا الـمـُنـادي ومنّا السَّميع وقال عنه أيضًا في أرجوزته مجالي اللطف بأرض الطف: وكأخي الفضلِ محمّد العلي أعني ابن كمّونة ذا الفخرِ الجلي فـكـمْ لـه من النظامِ الحاكي بـزهـرِه كــواكـــــبُ الأفـــــلاكِ نالَ علاءً بالحسينِ وشرفْ وحـلّ مــن ولاهُ أرّخ بـغُـــــرَف وقال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء في الحصون المنيعة في طبقات الشيعة: ((كان شاعراً بليغاً، أديباً لبيباً فصيحاً، آنست الناسَ أشعارُه الرائقة وأسكرتهم بمعانيها ومبانيها الفائقة، درّة صدف الأدب والمعالي والعاقمة عن مثله أمّهات الليالي، قد شاهدته أيام صباي في كربلاء زمن توقفي فيها واجتمعت معه كثيراً واقتطفت من ثمار إفاداته يسيراً وقد ناهز عمره الثمانين، وعرضت أوّل نظمي عليه، وكان رجلاً طوّالاً ذا شيبة بيضاء مهيباً شهماً غيوراً، وكان قليل النظم وأكثر شعره في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه‌ السلام، وكان معاونًا لأخويه الحاج مهدي والشيخ محمّد حسن في تولية خدمة مرقد أبي عبدالله الحسين وسدانة هذه العتبة المقدسة)). وقال عنه عبد العزيز البابطين في معجمه: ((تربّى في بيئة قبيلته العلميّة والأدبيّة، فنشأ على علمائها وأخذ عنهم، وكان الأدب والشعر شاغله الوحيد))، كما ترجم له كلّ من السيّد محسن الأمين في (أعيان الشيعة)، والشيخ محمّد حرز الدين في (معارف الرِّجال)، والأستاذ محمّد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة في (مدينة الحسين) والأستاذ جعفر صادق التميميّ في (معجم الشعراء العراقيّين المتوفين في العصر الحديث، ولهم ديوان مطبوع) والأستاذ سلمان هادي آل طعمة في (تراث كربلاء)، والأستاذ عباس العزّاويّ في (تاريخ الأدب العربيّ في العراق)، والشيخ محمّد هادي الأمينيّ في (معجم رجال الفكر والأدب) والشيخ موسى الكرباسيّ في (البيوتات الأدبيّة في كربلاء) والأستاذ يوسف عزالدين في (الشعر العراقيّ - أهدافه وخصائصه في القرن التاسع عشر) والدكتور داود سلوم في (تطوّر الفكر والأسلوب في الأدب العراقيّ). كما كتب عنه الشيخ محمّد علي اليعقوبيّ دراسة وافية عن حياته وشعره، منها: ((ومن بواعث الأسف الشديد أن يعيش هذا الشيخ النابغة قبل قرن من الزمن في كربلاء، ثمّ يموت ولم يعرف القرّاءُ وجيزًا من حياته ولم يقفوا على شيء من بنات أفكاره حتّى اليوم، لقد كان من ألمع الشخصيّات الأدبيّة، مبرّزًا على من عاصره من أدباء كربلاء المجيدين، مثل: الحاج جواد بدقت، والشيخ عمران عويّد، والشيخ علي ناصر، وجماعة آل الهر وأضرابهم من فحول الشعراء الذين قضت حوادث كربلاء على آثارهم وهجمت أيدي التَّلف على دواوين أشعارهم)). قال الشيخ اليعقوبيّ: تصدّى لديوان ابن كمّونة أحد أحفاده فجمعه وسمّاه (اللآلئ المكنونة في منظومات ابن كمّونة) وهو يناهز الخمسة آلاف بيت وكلّه من الطبقة العُليا، رصين التراكيب حسن الأساليب جمع فيه بين الجزالة والفخامة، ولكنّه تلف في إحدى حوادث كربلاء الأخيرة، ولم يوجد منه اليوم سوى قطعة صغيرة رأيت فيها بضع قصائد في مراثي الإمام الحسين عليه السلام. وقد قام الأستاذ محمّد كاظم الطريحيّ بجمع بعض أشعار ابن كمّونة والتعليق عليها في ديوان طُبع في النجف الأشرف. وقال عن شعره عبد العزيز البابطين: ((نظم على بحور الشعر المختلفة وارتجل عليها، وعدّد في أبنيته فخمّس القصائد. لغته سلِسة، وتراكيبه محكمة)). وقال السيّد سلمان آل طعمة عن خصائص شعر ابن كمّونة: ((في موضوع شعر الشيخ محمّد علي كمّونة عنصر مهم استطاع أن يكسب به الخلود ألا وهو (المأساة) وأعني بها مأساة كربلاء أو حادثة الطف المروّعة ... وإلى جانب ذلك نجد قصائد وقطعًا شعريّة في شتّى الأغراض والمناسبات الأمر الذي يجعل الديوان ذا أهميّة بالغة... وإن معظم قصائد الرثاء تناقلتها ألسن خطباء المنابر الحسينيّة في ذكرهم للإمام الشهيد)). قال من قصيدة في النبيّ الأكرم محمّد -صلّى الله عليه وآله - ورثاء الإمام الحسين عليه السلام تبلغ (79) بيتاً: تـجـلّـــى عـــلـــيـهِ اللهُ جـــلَّ جـــــلالُه فوارى بـه نــورَ الــتـجـلّي وحجَّبا وأودَعـَـه صـَـونــاً حــقــيــقـــةَ ســـرِّه وصــانَ بــهِ عــلـمَ الــغـيوبِ فغيَّبا وقال من قصيدة في أمير المؤمنين - عليه السلام- تبلغ (19) بيتاً، تعدّ من أروع قصائده: تــقــاصــرتْ دونَ أدنـى شأوِكَ الشُّهبُ وشـامخاتُ العُلى والمجدُ والرّتبُ وقُــدّســتْ ذاتُـكَ العلياءُ واحــتــجــبـتْ عـن الـعـقولِ فلا يرقى لها الطلبُ وقال من قصيدة في رثاء أهل البيت - عليهم السلام- تبلغ (46) بيتاً: مَن ذا دهى مضرَ الحـمـرا وعـدنـانا وســام أقـمـارَهــا خــسفاً ونقصانا ومَـن أزالَ لـويّــاً عـــــن مــراتــبِـها من بعدِما طاولتْ في الشأوِ كَيوانا مَن سامَ أُمَّ القرى ضيـماً وزعزعَـهـا مـن هـدَّ لــلــديـنِ والإيمانِ أركانا وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين - عليه السلام - تبلغ (44) بيتاً: للهِ طــائــفــةٌ بــعــرصـــــــةِ (كربلا) بـفـنـائـِهـا طـافَ الـبقا بصفائِها فـئـةٌ أبــاةُ الــضـيـمِ تــــدري أنّـــهـــا ورثت إباءَ الــضَّـيـمِ مـن آبائِها هــاجـتْ بـهـا عـزمـاتُـهـا فـتـزاحمتْ بــإزائِــهــا الأقـدارُ تحتَ لوائها فـكـأنّـمـا أجــرتــه أحــكــامُ الــقـضـا وجرتْ به الأقدارُ عن إمضائها وقال من قصيدة تبلغ (52) بيتاً في رثاء الإمام الحسين - عليه السلام - ومنها يستنهض الإمام الحجّة المنتظر عليه السلام: أمـامُ الـقـائـمِ الـمـهديِّ شمسُ الـ ـمـعـالـي بدرُ دائرةِ الصَّلاحِ هـوَ الـقـطـبُ الـذي دارتْ عليهِ بـهِ أفــلاكُ أُفــقِ الافــتـتــاحِ وبـحـرٌ تـسـتـمـدّ الـسـحـبُ منه وتـسـتـجـديـهِ أمـواجُ السّماحِ مـتـى يـأتـي فـنسعفُ في زمانٍ نـبـيـتُ بـه بـأفـئـدةٍ صِـحــاحِ ونختم بهذه الأبيات التي أنشدها بحلول شهر المحرّم الحرام والتي يقول فيها: قيلَ ما بالُ السّما مصفرَّةً بعدَ صفوٍ وهي ذاتِ الحُبُكِ قـلـتُ لـمّا هلَّ عاشورٌ بدا أثـرُ الـحـزنِ بـوجــهِ الفَلَكِ والدّراري أدمعٌ في وجهِه نـثـرتـهـنَّ عــيــونُ الـمَلَكِ

صور من الموضوع ...

نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7711173108
00964-7602365037
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
info@mk.iq
media@mk.iq

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...