مكتبات عامة او شخصية

مكتبة المولى البرغاني

مكتبة المولى البرغاني

تدل ظاهرة انتشار المكتبات الخاصة في مدينة كربلاء سيما في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، على رغبة واضحة نحو القراءة والمطالعة واقتناء الكتب خاصة بين صفوف الشباب والطلاب ، حتى أصبح الكل يجتهد في البحث عن مجلدات الكتب القديمة قبل الجديدة فيشتريها ويحتفظ بها تماماً مثلما يحفظ نفسه وماله ، وبسبب كثرة المشتريات كثرت المكتبات الخاصة في كربلاء بحيث قلّما وجد بيت يتعامل ساكنوه مع العلم والأدب والشعر لا توجد به مكتبة خاصة , ولقد وُجد بين العلماء والخطباء وطلاب العلوم الدينية في حوزة كربلاء خلال العقدين الأخيرين ممن كان لهم رغبة شديدة في اقتناء الكتب والاحتفاظ بها تماماً مثلما يحتفظ التاجر بسلعته الثمينة ، فقد سعى بعضهم إلى تأسيس مكتبات خاصة في بيوتهم ، تلبية لتلك الرغبة العارمة الآخذة بنفوسهم. نعم إن الكتب بما تضمه بين دفتيها من علوم وفنون وآداب وشعر وحكمة وفلسفة ومواضيع شتى ترتبط بأمور الدين والدنيا ، أصبحت أهم زاد للإنسان العارف والمثقف ، وأهم مؤشر لطبيعة الشخص ، وأكبر أداة معينة للعالم المتتبع والدارس المتفحص، ولذلك إذا أردت أن تعرف نفسية ومزاج هذا الشخص أو هذا العالم فانظر إلى ما لديه من كتب وكذا نوعيتها ، حتى تعرف ذوقه وسليقته ومنهجه في الحياة .. وخلاصة القول أن اقتناء الكتب يشدُّ الإنسان لمطالعتها وتصفحها وإلقاء نظرة على مواضيعها ومحتوياتها وأن مثل هذا التصفح مهما كان سريعاً وخاطفاً من شأنه أن يزيد من معرفة. ويجب التنويه هنا ، إن غالبية المكتبات الخاصة لم تعد موجودة في الوقت الحاضر ، لأن يد الدهر عبثت بالكثير منها فبعثرتها أو أن كتبها توزعت على مكتبات أخرى لا تزال قائمة حتى يومنا هذا ، أو أن أصحابها اضطروا إلى مغادرة كربلاء في أوقات مختلفة ، فجرى تعطيلها وتصفيتها في غيابهم، غير أن الحديث عنها يوفر لنا دليلاً إضافياً على مكانة كربلاء العلمية وسبقها في ميادين العلم والفضيلة ، وذلك من منطلق أن خزائن الكتب هي تماماً كخزائن المال ، فالمال الوفير يعني الثراء ، والكتب الكثيرة تعني الغنى العلمي والثقافي. ومن أهم هذه المكتبات مكتبة المولى صالح البرغاني وهي من خزائن الكتب التي كانت عائدة إلى الفقيه والمحدث الكبير المولى محمد صالح بن المولى محمد البرغاني القزويني المتوفى بالحائر الشريف سنة 1283 هـ -1867م، وقد ورثها عن جده الأكبر المولى الشيخ محمد كاظم الطالقاني الحائري ، الذي كان من كبار العلماء والمدرسين في حوزة كربلاء العلمية بأواسط القرن الحادي عشر الهجري ، وقد حوت في عهد المولى البرغاني آلاف الكتب في شتى المواضيع العلمية والدينية بضمنها تفاسير القرآن وكتب الحديث ، الفقه والتاريخ الإسلامي، والفلسفة والمنطق ، ومن نوادر المخطوطات فيها : كتاب «من لا يحضره الفقيه»، و «شرح اللُّمعة الدمشقية» و «مخزن الأبرار» و «معتصم الشيعة» و «النخبة» و «عيون الأصول» وكانت مكتبة عامرة كذلك بالكتب المخطوطة النفيسة ، أشار إليها أصحابُ الرجال والسِّيَر منهم: العلامة السيد محسن العاملي في كتابه «أعيان الشيعة» والشيخ آغا بزرك الطهراني في موسوعته «الذريعة إلى تصانيف الشيعة». إنتقلت بعد وفاة المولى محمد صالح البرغاني إلى أبنائه وأحفاده جيلاً بعد جيل ، حتى استقرت أخيراً في ملكية أحد أبناء أحفاده، وهو الشيخ الفاضل عبود بن الشيخ حسن الشهيدي الصالحي (البرغاني) الذي اهتم بتوسيعها ، بأن اضاف إليها آلافاً من الكتب والمجلدات جلبها من أسفاره لخارج العراق ، لكن (الشيخ عبود) هاجر من كربلاء وسكن مدينة قزوين ومعه انتقلت هذه المكتبة منذ عدة سنوات ، حيث تفرغ للتحقيق والتأليف وطبع الكتب المخطوطة منها: التقريرات الفقهية للمولى البرغاني ، ودائرة المعارف الشيعية التي تقع في عشرات المجلدات.. توفي عبد الحسين (عبود) الصالحي في أواخر ذي الحجة سنة 1435هـ في مدينة قزوين ودُفن بها.

صور من الموضوع ...

نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7711173108
00964-7602365037
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
info@mk.iq
media@mk.iq

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...