نشاطاتنا
نصُّ كلمةِ اللّجنتينِ التحضيريَّةِ والعِلميَّةِ في مؤتمرِ الإمامِ الكاظمِ عليه السّلامُ
تضمّنت فعالياتُ مؤتمر الإمام الكاظِم -عليه السّلام- الذي نظّمه قسمُ المعارفِ التابع للعتبة العبّاسيّة المُقدّسة، اليومَ الاثنين 24 ذي الحجّة - 1445هـ، الموافق 1 تموز - 2024م؛ ضمن أسبوع الإمامةِ الدَّولي الثانيّ، كلمةً للّجنتين التحضيريَّة والعِلميَّة، ألقاها الأستاذُ المساعدُ الدكتور فلاح عبد علي سركال. وكان نصُّ الكلمةِ، ما يأتي: "بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، وَلَا شَبِيهٌ يُشاكِلُهُ، وَلَا ظَهِيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الْأَعِزَّاءَ، وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ مَا يَشاءُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على البَشيرِ النَّذيرِ، والسِراجِ المُنيرِ؛ سيدِّنا ونبيِّنا أبي القاسمِ مُحمّد، وعلى أهلِ بيتهِ أُولي النُّهى، وأَعلامِ الوَرى، ومَصابِيحِ الدُّجى، وعلى أَصحابِهِ المُنتجبينَ، ومَنْ والاه. السلامُ على الحسينِ، وعلى الأرواحِ التي حَلّتْ بِفنائهِ، وأَناخَتْ بِرحلهِ، السلامُ على أبي الفضلِ العبّاس، قَمرِ العشيرةِ وسيّدِ الماءِ والفداء، السلامُ على الحضورِ الأكارمِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. أمّا بعد ... فما مِنْ شكٍّ أَنَّ الإمامةَ منزلةٌ عظيمةٌ أَوكلها اللهُ تعالى لخاصّةِ أوليائهِ، وهي مرحلةٌ تلتْ مَرحلةَ تبليغِ الرّسالةِ السماويَّةِ من قِبَلِ رسولِنا الأكرمِ محمدٍ (ص)، ودامتْ على تعاقُبِ العُصورِ والأَزمان، وتستمرُّ إلى أنْ يَتحققَ الوعدُ الإلهيُّ على يَديْ إِمامِنا القائمِ المَهدي (عَجَّلَ اللهُ تعالى فرجَهُ الشريف). فالإمامةُ منصِبٌ إلهيٌّ، وأَصلٌ من أصول الدّينِ القويم، إذ لا يكتملُ إيمانُ عبدٍ مؤمنٍ مِنْ دُونِ الاعتقادِ بها؛ ومن هنا وجبَ وجودِ إمامٍ، أو مَن ينوبُ عَنهُ في كُلِّ عَصرٍ من العُصورِ؛ من أجل هدايةِ الناسِ وارشادِهم إلى ما فيهِ خيرُهُم وصلاحُهُم في أمورِ الدين وَالدُّنيا، وفي عباداتِهم ومُعاملاتِهم، فقد قالَ اللهُ سُبحانهُ وتعالى في مُحكمِ كتابهِ وجليلِ خطابهِ: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا، وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ، وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾، وجاء أيضًا : ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ . فالإمامةُ تُمثّلُ استمراراً لأهدافِ النبوّةِ ومسؤولياتِ الرِّسالةِ، فلا يخلو عصرٌ من العُصورِ من إمامٍ مُفترضِ الطّاعة، منصوبٍ من قِبَلِ الله تعالى؛ لِيُقيمَ بهِ الحُجَّةَ على عبادهِ، ويَهديهم إلى الصراط المُستقيم، وقد ورد ذلك في قولِهِ تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَإِنْ مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾، وقد ورد في وصيّةِ الامامِ الكاظِمِ (ع) لهُشامِ بن الحَكَمِ: يا هُشام إنَّ للهِ على النّاسِ حُجَّتينِ، حُجّةً ظاهرةً وحُجّةً باطنةً، فأمّا الظّاهرةُ فالرُّسلُ والأنبياءُ والأئمةُ، وأمّا الباطنةُ فالعقول. وقد بيّنَ الإمامُ عليُ بن موسى الرِّضا (ع) دورَ الإمامِ والإمامةِ في قولهِ: (( إنَّ الإمامَ زِمامُ الدِّين ونظامُ المسلمين، وصَلاحُ الدُّنيا وعِـزُّ المؤمنين، إنَّ الإمامةَ أسُّ الإسلامِ النَّامي وَفرعُهُ السَّامي، بالإمامةِ تَمامُ الصَّلاةِ والزكاةِ والصيامِ والحَج، وتَوفيرُ الفَيءِ والصَّدقات، وإمضاءُ الحُدودِ والأحكام، ومَنعُ الثُّغورِ والأَطراف، الإمامُ يُحِـلُّ حَلالَ اللهِ ويُحرِّمُ حرامَ الله، ويُقيمُ حُدودَ الله وَيَذِبُّ عن دينِ الله، ويدعو إلى سبيلِ ربّهِ بالحِكمةِ والموعظةِ الحسنةِ والحُجَّةِ البالغة )). ولهذا يَمكنُ القول: إنّ تَوجيهاتِ الإمامِ وسيرتَهُ وأقوالَهُ هي مشروعُ حياةٍ، ونظامُ مجتمعٍ، وتربيةٌ للأُسرِ والأَفراد؛ لأنَّ الإمامَ معصومٌ ومُسددٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ تعالى، لأنّه لو جاز عليه الخطأ لأفتقر إلى إمامٍ آخرَ يُسدِّدُ خطاه، ويأَخُذُ بيدهِ، ولم تُؤمنْ منه الزَّلةُ والخطأُ والزيادةُ والنُقصان . فوجبَ أنْ يكونَ أفضلَ الرّعيةِ في جميعِ صفاتِ الكمالِ؛ من العلمِ والكرامةِ والشجاعةِ والفقهِ والرأفةِ والرّحمةِ وَحُسنِ الخُلُقِ والسياسةِ وتدبير الأُمور، ولابُدَّ من تَميُّزهِ بالكمالاتِ النفسيَّةِ والكراماتِ الرَّوحانيَّة، بحيثُ لا يَفْضلُهُ في ذلك أحدٌ من الرعيَّة. والامامُ موسى الكاظِم أَحدُ أَئمتِنا العِظامِ الذين كَلَّتِ الأقلامُ عن إحصاءِ فضائِلهِ ومناقبهِ وعِلمهِ وورعهِ وتقواه، ومن هنا جاءتِ الرغبةُ من إقامةِ هذا المؤتمرِ المبارك، لِيُسلِّطَ الضوءَ على جانبٍ يسيرٍ من اشراقاتِ هذا الامامِ، وأثرهِ في علومِ القرآنِ والتَّفسير، والتربيةِ الدينيةِ والعَقديّة، والفقهية والنفسيّة والأخلاقيّة، والاجتماعيَّة والثقافيّة. ولا يخفى على السامعينَ الأكارمِ ما للعتبةِ العباسيَّةِ المُباركةِ من دَورٍ فاعلٍ في إحياءِ تُراثِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) ونَشرِ عُلومِهِم، ولمّا كانَ للإمامِ الكاظِم (ع) ذلك التراثُ المعرفيُّ الواسع، والاسهامُ العِلميُّ الزاخرُ بكُلِّ نفيسٍ وقيّمٍ، أَخذَ قِسمُ شؤونِ المعارفِ الإسلاميّة والإنسانيَّة على عاتقِهِ الاضطلاعَ بِمهمّةِ نَشرِ عُلومِ هذا الامامِ الهُمام وإحياءِ تُراثهِ، ودَعوةِ الأقلامِ المُبدعةِ؛ الأكاديميّةِ والحوزويّةِ وغيرِها إلى ذلك، والتَّنقيبِ في سيرتهِ العَطِرة وأقوالهِ القُدسيّة، وَبَيانِ قِيمتِهِا العِلميةِ والتربويَّةِ والمَعرفيةِ التي تُؤثِّرُ إيجاباً في حياةِ الأفرادِ والمُجتمعاتِ. وهذا الهدفُ السّامي هو ما دعا القائمينَ على العتبةِ العباسيّةِ المُقدسةِ إلى عَقدِ هذا المؤتمرِ المُباركِ الذي يَحملُ شِعارَ (النبوّةُ والإمامةُ صِنوانِ لا يَفترقانِ)، وقد نَالَ قسمُ شؤونِ المعارفِ الإسلاميّةِ والإنسانيةِ شرفَ تَبنِّي الأبحاثِ الخاصّةِ بهذا الإمامِ الهُمام، المعروفِ بكاظِم الغَيظِ وراهِبِ آل محمَّد، وَصيِّ الأبرار وإمامِ الأخيار، ووارثِ السكينةِ والوَقار، والحِكَمِ والآثار، الذي كان يُحيي الليلَ بالسَّهرِ إلى السَّحرِ بمواصلةِ الاستغفار، حليفِ السَّجدةِ الطويلةِ والدموعِ الغزيرة، والمناجاةِ الكثيرة، الذي قيل في حقّهِ: (إنّهُ التِّرياقُ المُجرّب) عليه وعلى آبائهِ آلافُ التّحيَّةِ والسَّلام. وكانَ مِنْ ثِمارِ هذا المؤتمر، أنْ تَناولتْ أَيديْ الباحثينَ سيرةَ هذا الامامِ، وتُراثَهُ العِلميَّ والمعرفيَّ بالبَحثِ والدِّراسةِ والتَّنقيب، فَبَلَغَ عَددُ البُحوثِ الواردةِ إلينا (اثنينِ وخمسينَ) بَحثاً، تناولتْ هذه البحوثُ مُختلفَ الجوانبِ العِلميَّةِ والتربويةِ التي أَشاعَها الامامُ قولاً وفعلاً، لِباحثينَ حَوزويينَ وأَكاديميينَ، مِنْ مُختلفِ محافظاتِ العراق، ومِنْ دُولٍ أُخرى، كإيرانَ وَمِصرَ ولبنانَ وأذربَيْجان، وَقَدْ قُبِلَ مِنْ هذهِ البُحوث (أربعةٌ وعُشرونَ) بَحثاً، بَعدَ أنْ عُرِضَتْ على لِجنةٍ عِلميّةٍ مُتَخصصةٍ. فلا يَسعُنا في هذا المَقامِ إلّا أنْ نُـقَـدِّمَ عَظِيمَ شُكرِنا وامتِنَانِنا لجميعِ الحاضرينَ والمُشاركينَ والباحثينَ الذينَ أَسهموا بإحياءِ تُراثِ هذا الإمام عن طريق رفدِ المؤتمرِ بالأبحاثِ القيِّمةِ والمُشاركاتِ العِلميَّةِ، وندعو الله أنْ يكونَ الجميعُ من المشمولينَ بقول الإمامِ الكاظِم (ع): (طوبى لشيعتِنا، المُتمسكينَ بِحبلِنا في غَيبةِ قائمِنا، الثابتينَ على موالاتِنا، والبراءةِ من أعدائنا، أولئك مِنّا ونحنُ منهم). وفي الخِتام: نتقدّمُ بالشُكرِ والعِرفانِ إلى الأَمانةِ العامةِ للعتبةِ العباسيةِ المُقدَّسة، وإلى سماحةِ المتولي الشرعي السيدِ أحمدِ الصافي لدعمِهِ المُتواصِلِ لإحياءِ تُراثِ وعلومِ أهل البيت عليهم السلام. (أعتقد الأفضل يتقدّم المتولي على الأمانة) والشُّكرُ مَوصولٌ إلى جنابِ الشيخِ عَمّارِ الهِلاليّ رَئيسِ قِسمِ شؤونِ المعارفِ الإسلاميَّةِ والإنسانيَّةِ؛ لِمُتابعتِهِ المباشرِةِ لجميعِ حيثيّاتِ المؤتمر. ولا يفوتُنا أَنْ نُزجيَ آياتِ الشُّكرِ والعِرفانِ لكُلِّ مَنْ شاركَ في إنجاحِ هذا المؤتمر مِن لجانٍ عِلميَّةٍ وتحضيريّةٍ وتنظيميّة. نَسألُ اللهَ تعالى أنْ يُسدِّدَ خُطى الجَّميعِ، ويأخُذَ بأيديهِم إلى خَيرِ الدُّنيا والآخرةِ، إنّهُ نِعمَ المولى ونِعمَ النَّصير، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلى الله على سيدِنا ونبيِنا محمدٍ وعلى أهلِ بيتهِ الطيّبينَ الطاهِرين". الجدير بالذِّكرِ أنَّ أسبوعَ الإمامةِ الدَّولي الثاني، تنظّمُهُ الأمانةُ العامَّةُ للعتبةِ العبّاسيّةِ المُقدّسة، تحت شعار: (النبوَّةُ والإمامةُ صنوانِ لا يفترقانِ)، وبعنوان: (منهاجُ الأئمةِ في تربيةِ الفَردِ والأمَّة)، للمدّة 20-27 ذي الحجّة 1445هـ، الموافق 27 حزيران - 4 تمّوز 2024م.
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.