الأمم تبني حاضرها على مجموعة أسسٍ لعلّ أهمها : العمق الحضاري بما فيه من معطيات اجتماعية وثقافية وما إليهما من مكوّنات المجتمعات البشرية التي تشكّل بمجملها "نكهة التراث" ، فالحاضر الذي لا يشتمل على تلك النكهة يفتقد إلى الجذور الممكّنة له من مواجهة الغزوات الثقافية والفكرية الموجّهة إلى كيانه، ويكون عِرضةً للاقتلاع بيسر.

ومادامت هذه النكهة مهمّة في مصير الأمم ، كان لزامًا على أهلها اللاحقين من البحث عن منابع استطعامها ومواكبة جوّها لئلا يحيدوا عنها، بل يكملوا المسيرة بتجذير الايجابيات منها في سلوكياتهم الجمعية وإقصاء السلبيات عنها.

ومن بين وسائل الكشف عن تلك المنابع : المجلات المتخصصة بالتراث ، لذا جاءت مجلة "تراث كربلاء" ساعيةً للكشف عن نكهة تراث "كربلاء" بما تحمله من عبق وعمق عبر مسيرتها البحثية الحثيثة في آفاق متنوّعة.

          حيث عملت المجلة في هذا العدد على فتح نافذتين مهمّين لاستطعام هذه النكهة ، وهما :

- نافذة : مراجعة الكتب والمصادر التاريخية المهمّة في باب تراث كربلاء.

- نافذة : استظهار الشخصيات التي لها علقة بأبواب تراث كربلاء.

          لأنّ هاتين النافذتين مهمّتان في استكشاف نكهة التراث عبر خطّي : الشخوص الفاعلة ، ورصد حركتها في المصادر والوثائق الرئيسية .

          هذا العدد يأتي استكمالًا لخطة النهوض بواقع التراث الخاصّ الذي رسمته الهيأتان "الاستشارية والتحريرية" ، هذه الخطّة التي لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع البحثيّ من دون مساندة الباحثين من أصحاب التخصّص التراثيّ .

          لذا تدعو المجلةُ الأقلامَ البحثيةَ الأكاديميةَ من الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات المتخصصة إلى رفد المجلة بما يدعم ديمومة مسيرتها ، فهي منهم وبهم ولهم.