مركز تراث الحلة
بيت أبو هوسه والمواكب الحسينيَّة في الحِلَّة
التاريخ : 15 / 5 / 2021        عدد المشاهدات : 1209

   إنَّ النسبة للبيوتات في المدن العريقة يدلُّ على تمدّنها وانسلاخها من النسبة للعشيرة أو القبيلة، وانتسابها للمدينة بما تمثله من حالة انصهار بين مختلف الأعراق والأجناس والفئات، لذا أصبحت النسبة للعائلةِ بمثابة علامة فارقة بين التمدن وما يعاكسهُ، ومِن هنا اشتهرت الحِلَّةُ بالنسبةِ لعوائلها الشهيرة والمعروفة، التي حملت لواءَ العروبة والإسلام والتشيُّع، منذ تمصيرها وحتَّى اليوم، ومن تلك العوائل التي حملتْ حُبَّ محمَّد وآل محمَّد، بيت (أبو هوسه)، وهم من بيوتات الحِلَّة المعروفةِ، ذاتُ الحسب المنيف والنسب الشّريف، التي سخَّرت طاقاتها ووضَّبت بيتها الذي يقع في محلة الجباويِّين، ومن بعدها في محلة التعيس، لخدمةِ مبادئ الثَّورة الحسينيَّة الخالدة، عن طريق رعايتها للمواكب الحسينيَّة، والذي ما زالَ يُعرف ببيت السَّيِّد (علي أبو هوسه)، وليومنا هذا تقصدهُ النّسوة للتبرك وقضاء الحاجات، فهو بيتٌ مبارك؛ لكثرة ما عُقدت بفضائه مجالسُ الذِكر والعزاء لآل البيت الأطهار (عليهم السلام)، فلا يوجد (محاضرٌ ديني) أو شاعــــــرٌ حسينيّ في الحِلَّة، إلَّا وتشرَّف بصعود منبره، ولغاية اليوم الذي مُنعِت فيه المواكب الحسينيَّة من مُمارسة شعائرها في زمن النظام البائد، ففي هذا البيت يكون المجلس الحسينيُّ منعقدًا طيلةَ أيام محرم الحرام، وكذلك في مناسبات ووفيّات وولادات العترة الطاهرة.

تسمية (أبو هوسه):

إنَّ إلحاق تسمية (أبو هوسه) بهذه الأسرة الفاضلة له قصةٌ مفادها: إنَّ الجزء الأكبر من أراضي منطقة المهناويَّة في محافظة بابل، كانت من أملاك الطائفة اليهوديَّة، وكان للسَّيِّد محمَّد بن علي بن عمران بن موسى بن شبَّر الموسوي، حصةٌ تُستخرج من محصول تلك الأراضي، من حِصَّةِ الفلاحين، وعندما شاهدها اليهودي مالكُ الأرض، سأل لـمَن هذه (الحصة)؟

 فقالوا له: إنَّها للسَّيِّد محمَّد الموسويّ، فاعترض ومانع من إعطائها له، ولم يجادلهُ السَّيِّد محمَّد الموسويّ، ولكنَّ الفلّاحين أصرّوا على إعطائه تلك الحصة، فقال له اليهوديُّ:

 "إن كنتَ سيِّداً حقًّا فأدعو ربَّك أو جدَّكَ أن يجعل هذا الكيس يزن – كذا كغم – " فاقترب السَّيِّد من الكيس ووضع يده عليه، وقال لليهوديِّ: لقد خسرتَ، وحين وزَّنه مسؤولُ الوزن ظهر أنَّ وزنه أكثر من ضعف ما قدَّره اليهودي، وهنا -هوَّسَ السَّيِّد الموسويّ، فأطلقوا عليه (أبو هوسه)، وهذه الحادثة نقلها الحاج السَّيِّـد (أبو حسين فرحان)، الذي يسكن قـصر اليهوديّ فـي منطقة المهناويَّة.

بيارق أبو هوسه:

لأسرة السادة (أبو هوسه) ثلاثة بيارق كانت ترفع جميعها في موكب محلة الجباويِّين يحملها كلٌّ من الأخوة:

1- السَّيِّد جعفر شبَّر حبيب محمَّد أبو هوسه.  

2- السَّيِّد حميد شبَّر حبيب محمَّد أبـو هــوسه.

3- السَّيِّد حسن شبَّر حبيب محمَّد أبـو هوسه.  

واقتراح بعضُ أهالي المحلات المجاورة لمحلة الجباويِّين، أن يتمَّ توزيع هذه البيارق على المواكب الأخرى، فأُخذ بهذا المقترح وحصل ما يأتي:

- بيرق السَّيِّد حميد شبَّر حبيب أبو هوسه - انتقل إلى موكب محلة الأكراد، وبعد رحيله أخذ يرفعه ابن أخيه السَّيِّد خلف السَّيِّد حسن شبَّر الموسويّ؛ لكون السَّيِّد حميد لم يعقب، وكان السَّيِّد (خلف) يلف البيرق على ما علق به من نقود ورقية كنذورات بعد انتهاء ممارسة الموكب لشعائره الحسينيَّة، ويسلمه إلى عقيلة السَّيِّد حميد وهي كريمة السَّيِّد حسون السَّيِّد حبيب محمَّد أبو هوسه، التي أصرت على أن يرفع البيرق بعد وفاة زوجها- وحين تتسلمه من السَّيِّد خلف أبو هوسه تقوم بإنفاق المبالغ التي عُلِّقت به على إقامة المآتم الحسينيَّة، وبخاصَّة في مناسبات وفيات آل البيت الأطهار.

- بيرق السَّيِّد حسن شبَّر أبو هوسه - انتقل إلى موكب محلة التعيس، وأخذ يرفعه من بعد رحيله ابنه السَّيِّد هادي السَّيِّد حسن أبو هوسه.

- أمَّا بيرق السَّيِّد جعفر شبَّر حبيب أبو هوسه - فقد ظلَّ مخصَّصًا لموكب محلة الجباويِّين، وبعد رحيله أوكلت مهمة رفعه إلى ولده السَّيِّد (فاضل)، ولأنَّه كان صغيرًا في العمر أُنيطت المهمة إلى السَّيِّد علي شبَّر حبيب أبو هوسه.

- ولبيرق السَّيِّد علي أبو هوسه سالف الذكر- خصوصية مميزة، إذ لا تجد مكانًا فيه لم تُعلّق به الأوراق النقديَّة، كنذور طلبًا لقضاء الحاجات، فيقوم السَّيِّد علي أبو هوسه (طيَّب الله ثراه) بجمعها وإنفاقها على الموكب وعلى مجالس العزاء والمآتم الحسينيَّة .

بعد أن تؤدي مواكب محلة الجباويِّين والتعيس والأكراد، ممارسة شعائرها في حسينية محمَّد بن طاووس، أو مِن قبلها في ديو خانة السادة القزاونة، ثم تأتي مجاميعٌ من تلك المواكبِ، قاصدين دار السَّيِّد علي أبو هوسه في محلة التعيس وهم يرددون:

حي أبو هوسـه         والعـــــــــــلم بيـــده

جده أبـو فاضل         والحــرب عـــيــده

      فيستقبلهم السَّيِّد علي أبو هوسه ويستضيفهم بداره ويطعمهم، ومن بعد ذلك يَرتقي المنبرَ لإلقاء خطبة وعضيّة، أو قراءة الشِّعر بحقِّ آل البيت (عليهم السلام) من قبل أحد الخطباء أو الشعراء.

      وبعد رحيل السَّيِّد علي أبو هوسه للدار الآخرة عام 1957م، كُلِّف ولده السَّيِّد مُحيي أبو هوسه برفع هذا "البيرغ"، وظلَّ يرفعه لموكب الجباويين حتَّى مصادرة حقوق الشيعة، وإلغاء المواكب الحسينيَّة مِن ممارسة شعائرها، في منتصف سبعينيات القرن المنصرم من قبل النظام البائد.


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :