مركز تراث كربلاء
قبسات من تاريخ (الكتاتيب) في مدينة كربلاء المقدسة
التاريخ : 18 / 6 / 2017        عدد المشاهدات : 895

كانت الكتاتيب أولى صور المدارس الأهلية، فقد كانت تعد  بمثابة مدارس أولية يتعلم فيها الاطفال القراءة والكتابة ومبادىء الدين الاسلامي، وقد شهدت المجتمعات العربية الاسلامية هذا النوع من التعليم منذ وقت مبكر من القرون الهجرية الأولى، وكانت المساجد والجوامع أماكن للكتاتيب، حيث تقام في ركن من أركانها أو في غرف ملحقة بها تخصص لهذا الغرض، كما تقام الكتاتيب أحياناً في أماكن أخرى غير المساجد أو الجوامع غالباً ما يكون جناحاً من بيت المعلم؛ فحشر عشرات الأطفال في غرف مظلمة ورطبة، وكل واحد من هذه الكتاتيب ليس فيه سوى معلم واحد ويدعى بـ (الملّا ) يجيد الكتابة والقراءة ويكون حافظاً لأجزاءٍ أو سوَرٍ من القرآن الكريم وملمّاً ببعض الأعمال الحسابية الأولية، وربما اشترك أكثر من معلم واحد في تعليم الأطفال إذا كان عددهم كبيراً ، وقد يختار (الملّا) من بين طلّابه القدامى الذين قطعوا شوطاً في تعلّم القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم واحداً أو أكثر ليكون نائباً عنه ومساعداً له في أعماله، وكان يسمى (الخلفة) ويستعين (الملّا) بالخلفة في تعليم بقية الأطفال، فكان يبثهم بين هؤلاء فيجعل كلَّ (خلفة) على رأس مجموعة من الأطفال يدير شؤونهم ويعلمهم مبادىء قراءة القرآن الكريم وكتابة الحروف والأرقام. أما الاطفال المتقدمون في التعليم فكان (الملّا) يتفرّغ لتعليمهم بنفسه، وكان هؤلاء (الخلفات) يجلسون بالقرب من (الملّا) في حين كان المبتدئون من الأطفال يجلسون بعيداً عنه.

في سن يتراوح بين الرابعة والسابعة يرسل الطفل إلى أحد الكتاتيب القريبة من داره، إذ لم تكن هناك سن معينة لقبول الأطفال في الكتاتيب، و كان الطفل (المتعلِّم)يصطحب معه القرآن الكريم أو جزءً من أجزائه مع صحيفة من الزنك ومحبرة وقلم من القصب، وكان بعض شيوخ العشائر يستقدم معلِّماً خاصاً من المدينة لتعليم أولاده القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم، وطريقة التعليم في الكتاتيب فردية، حيث يُعد كلُّ طفل صفاً قائماً بنفسه على الرغم من أن جميع الأطفال كانوا يجلسون في مكان واحد، وذلك لأنَّ (الملّا) كان يعلم كلَّ طفلٍ على حِدَة فيعطيه في كل يوم مقداراً من الدراسة يتناسب مع استعداده لتعلم ذلك المقدار، ولم يكن هناك نظام يتعين بموجبه دخول الأطفال الكتاتيب في وقت واحد، لذا كان تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم ممكناً في أي وقت من أوقات السنة.

كان إكمال الدراسة في الكتاتيب يختلف من طفل لآخر تبعاً لقابلية الطفل على التعلم؛ فكان بعضهم ينتهي من تعليمه في سنة وبعضهم الآخر في سنتين أو ثلاث أو أكثر، ويبتدىء الطفل تعليمه بحفظ حروف الهجاء جميعها ثم يحفظها محركة بالحركات الثلاث، ثم يبدأ بعد ذلك بتعلم قراءة سورة الفاتحة أو أي سورة قصيرة أخرى، كسورة الفلق أو غيرها بطريقة التهجي فيقرأ كلمات السورة بربط حروف الكلمة الواحدة بعضها ببعض ونطقها مع حركاتها، ثم ينتقل إلى قراءة آيات السورة كلمة كلمة، وهو ما يعرف بقراءة (الروان) ويبتدىء الطفل بعد ذلك بتعلم الكتابة فيكتب (الملّا) أو (الخلفة) سطراً واحداً على صحيفته الخاصة به، فيقوم الطفل بكتابة السطر عدّة مرات مع ترديد ما يكتب، ولم يكن هناك جدولٌ معين للدروس، وكان (الملّا) ينتقل من درسٍ لآخر بحسب الوقت الذي يستغرقه الأطفال في إتقان الموضوع الذي يمرِّنهم عليه.

ومن أشهر الكتاب في العتبة الحسينية المقدسة هم الشيخ حمد الكعبي، الشيخ حسن كوسة، السيد صادق نشأت، الشيخ محمد السراج (أبو خمرة)، الشيخ علي أكبرالنائيني، الشيخ علي العاملي، الشيخ حسن القصير، السيد محمد رضا الاسترابادي ، الشيخ مهدي الرئيس، السيد هاشم الغريفي مدير الأيتام، الشيخ عبد الله المعلم، الشيخ عباس الصفّار.

أما في العتبة العباسية المقدسة فكان الشيخ علي أبو كفانة، الشيخ محمد مهدي الحائري، الشيخ عبد الكريم الكربلائي(أبو محفوظ)، الشيخ علي الصيقل . وفي أماكن أخرى من المدينة تجد في سوق الصفارين الشيخ عبد الحسين المسلماني، وعند باب صحن أبي الفضل العباس –عليه السلام- الشيخ رحيم العطّار، وفي مسجد العطّار الكائن في عقد شبر السيد مهدي الحكيم، وفي باب السلالمة الشيخ علي الهر. وقد بدأوا بالتعليم منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى أواسط القرن العشرين.

بقلم: م.م. محمد حربي الجبوري - جامعة بيروت العربية


وحدة الإعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :