مركز تراث كربلاء
الشيخ عبد الرحيم حفيد صاحب الفصول الغروية
التاريخ : 11 / 12 / 2016        عدد المشاهدات : 3137

لمحات من عطاء العلامة الأديب

الشيخ عبد الرحيم حفيد صاحب الفصول الغروية

 

أرض كربلاء المقدسة أنجبت كثيراً من العلماء والأدباء والمفكرين وممن كان لهم الأثر في طيات الزمان وذلك لما نهلوه من خيرات هذه الأرض الطيبة المباركة ولمجاورتهم سبط النبي المصطفى –صلى الله عليه وآله وسلّم- وسيد شباب أهل الجنة المولى الزكي أبا عبد الله الحسين –عليه السلام- ومما ارتشفوه من رحيق مدرسة أهل بيت النبي المصطفى وكان منهم الشيخ العلّامة الأديب الأريب البارع المبدع الشيخ عبد الرحيم  حفيد صاحب الفصول الغروية والذي كانت له مكانة عالية وشأنية سامية عند مذهب التشيع ومذاهب أبناء العامة و كان له الشـرف بأن تولد في هذه الأرض المقدسة وارتشف من نمير علوم أهل البيت–عليهم السلام-  فيها ، فكان له الصيت والسمعة اللامعة في أرجاء المعمورة، لذا نرى أن أمير نجد والحجاز وكما مرفق في الوثيقة المصورة الآتية التي أرسلها إليه بشأن قضية تهديم قبور أئمة البقيع–عليهم السلام- وعدم المساس بقبر النبي–صلى الله عليه وآله وسلّم- وبيان موقف تلك الحكومة الجائرة بهذا الشأن لهو دليل على أهمية الشيخ وعلو شأنه عند الخاص والعام.

فهو العالم الفاضل والأديب الكامل الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ الورع البارع الشيخ عبد الحسين بن العلاّمة الأصوليّ المحقّق الشيخ محمّد حسين الإيوانكي الطهرانيّ الأصبهاني الحائريّ صاحب كتاب الفصول الغرويّة في الأصول الفقهيّة من بيت علم رفيع ، فأجداده وأعمام أبيه كلّهم من العلماء الأعلام ، والأجلاّء المشاهير، ولد في كربلاء المشـرَّفة في الساعة الأولى من اليوم الثاني من شهر ربيع الأوّل سنة 1294ه‍.

وفي سنة1310ه‍ انتقل إلى أصفهان وأقام بها عشـر سنين مشتغلاً بالعلوم الدينيّة، والقيام بالوظائف الشـرعيّة من إقامة الجماعة ونشـر أحكام الشـريعة الغرّاء ، ثمّ رجع بعد ذلك إلى مسقط رأسه كربلاء ، ثمّ انتقل إلى النجف الأشرف وأخذ عن علمائها ، وكانت إقامته هذه المرّة في المشاهد المشـرّفة عشـر سنين متواليات. وعند حصول الحرب العالميّة الأولى واضطراب أوضاع العراق ارتحل إلى إيران ، وتشـرّف بزيارة مشهد الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا -عليه الصلاة والسلام- ولمّا رجع من زيارته استقرّ في طهران مشتغلا بنفسه ، فلم يخالط الناس ، ولم يعاشرهم ، ولم يتردّد إلى مجامعهم وأنديتهم. بَيْدَ أنّ إلحاح أهالي طهران وإصرارهم ألجأه إلى إقامة صلاة الجماعة ، وعقد مجالس الوعظ والإرشاد في بعض الليالي. ومع ذلك فقد كان ممّن جدّد في ذلك العصر أساس الأخوّة والاتّحاد بين المسلمين في جميع البلاد.

دراسته: تربّى الشيخ في مسقط رأسه مدينة كربلاء المشـرّفة إلى أوان بلوغه ، وفرغ من المقدّمات وصنّف في بعض العلوم ونظم فيها وهو لم يبلغ عمره خمسة عشـر عاماً، أو بلغها ولم يكملها تماماً.

وكانت تلمذته في الفقه والأصول على الشيخ زين العابدين المازندرانيّ ، وأخذ الكلام والحكمة الإلهيّة وطرفاً من العلوم الغريبة عن المولى إسماعيل البروجرديّ - وهو جدّه من طرف الأم - وكان عمدة تلمّذه عنده ، كما حضـر في الفقه والأصول عند السيّد الميرزا محمّد هاشم الخونساريّ الإصبهانيّ حين اشتغاله بالتدريس في كربلاء ، والسيد محمد باقر الحُجَة والشيخ حسين الكسائي والملا علي سيبويه والشيخ محمد باقر  الأصفهاني وغير هؤلاء من العلماء.

مؤلّفاته: لم يزل الشيخ يؤلّف ويصنّف في شتّى العلوم والفنون ، ويدأب على ذلك أينما حلّ، في كربلاء وإصبهان والنجف وطهران ، فكانت ثمرة ذلك أن خلّف ثروةً علميّةً جديرةً بالعناية والتقدير، وإليك ما وقفنا عليه من أسماء مؤلّفاته:

 مختصر في الاشتقاق ،  خلاصة في الإعراب ،  محصّل في المنطق ، ملخّص في المعاني والبيان ، تعليقات على بعض كتب المعاني والبيان ، هداية العامّة في إثبات الإمامة، منظومة في علم الدراية ارجوزة موسومة ب‍(موجز المقال) وقد نظم " الوجيزة " للشيخ البهائي في علم الدراية في عام 1309 ه‍ وهو في أيّام شبابه، وفي عام 1343 ه‍ طبعت هذه الأُرجوزة برفقة أُرجوزة أُخرى في الرجال اسمها " ملخّص المقال "، وأُدرج معها تقريظ علماء كبار كالسيّد محمّد باقر حجّت ، والشيخ محمّد حسن الحائري . وستطبع ضمن سلسلة " دراية الحديث " بعد تحقيقها على يد السيّد حسن آل المجدّد الشيرازي . توجد نسخة منها في مكتبة السيّد محمّد باقر حجّت الطباطبائي في كربلاء برقم 397 ، وورد التعريف بها في ص 222 من فهرست هذه المكتبة.

وكان العلاّمة الشيخ عبد الرحيم الإصبهانيّ الحائريّ قد حاز قصب السَّبْق في هذا المضمار ، فجاء بنظمٍ مستطاب للوجيزة لم يُسبق إليه. ونظراً لجزالته وسلاسة لفظه انعقد العزم على إعادة طبعه بصورة تليق به، مع تعريف مختصـر بالناظم ومنظومته ، والله الموفّق والمستعان، ومن مؤلفاته: منظومة في البيع الفضوليّ ،  تقريرات وتوضيحات في الفقه والأصول لأبحاث أُستاذه الشيخ زين العابدين المازندرانيّ ، تقريرات وتحقيقات في الفقه والأصول والكلام والحكمة الإلهيّة؛ لأبحاث المولى إسماعيل البروجرديّ ،  تقريرات وتدقيقات في الفقه والأصول والدراية والرجال وغيرها ؛ من إفادات السيّد محمّد هاشم الخونساريّ الإصبهانيّ ،  غنائم التبيان في تفسير القرآن ، رسالة في مسألة بيع الوقف ، رسائل في مسائل شتّى من الفقه والأصول ، ودائع الأسرار وبدائع الأخبار في مراقي الإيقان ومدارج الإيمان - أنظر : الذريعة ( 25 / 62 ) ، كنوز الرموز في المعارف العليّة والحكمة العلميّة والعمليّة ، . مشـرق الأنوار، منظوماً  بالفارسيّة في القصص والأمثال وشرح درجات الأحوال، وقال في الذريعة (21/ 47): منظومة فارسيّة في ذكر الأسرار القرآنيّة و الاتّحاد ، طبع بطهران سنة (1332) شمسيّة ، مجمع الأسرار ، منظومة عرفانيّة ، طبع سنة ( 1332 ) شمسيّة - أنظر : الذريعة ( 20 / 17 ) .  ديوان في القصائد والغزليّات على منوال مشرق الأنوار - أنظر : الذريعة ( القسم الثاني من الجزء التاسع 92 / صفحة 686 ) ،  بدر التنجيم في معرفة رقوم التقويم - بالفارسيّة - ،  جامع الشتات في جمع المتفرّقات من نوادر الحكايات ، وجواهر الكلمات وخفايا الرسوم وخبايا العلوم ، رسائل في الفقه والأصول ، والمنقول والمعقول ،  بدائع الأحكام في شرح شرائع الإسلام ،  رسالة مفردة في تكليف مَن فُرض كونه في الأماكن التي تخرج في العَرْض عن متعارف البلاد ومساكن العباد ؛ في الصوم والصلاة ، وسائر المؤقّتات ،  منظومة ملخّص المقال في خلاصة أحوال الرجال وهي نظم لكتاب خلاصة الأقوال في معرفة الرجال للعلاّمة الحلّيّ ( رحمه الله ) فرغ من نظمها سنة ( 1333 ه‍ ) ، وهي مطبوعة مع (موجز المقال) سنة (1343ه‍) أنظر: الذريعة (1/474 و10/125و22/213-214) ،  رسالة في الردّ على المتصوّفة ، وبيان حقيقة التصوّف ، رسالة في أنّ المراد بالذِّكْر في قوله تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ) هو الصلاة ، لا ما زعمه بعضٌ تبعاً للصوفيّة ، وترجمة الصلاة وآداب السلوك كما ورد عن الأئمّة الهداة –عليهم السلام- ،  داستان حيّ بن يقظان، رواية عرفانيّة على طريقة الرومان في خلق الإنسان ، وبيان أنّ الشـريعة سرّ الطبيعة ، وإثبات ماوراءَها بنفسها ، شرح فيها قصّة حيّ بن يقظان - أنظر : الذريعة ( 8 / 37 ) ، داستان اَبسال وسلامان، وهي رواية فارسيّة ألحقها بداستان حيّ بن يقظان ، استخرجها من كتابه ودائع الأسرار ، أنظر : الذريعة : ( 8 / 35 - 36 ، 17 / 95 ) .

ومن قصار كلماته :

1 . مَن لم ينتفع بكتاب نفسه لم ينفعه كتاب غيره .

2 . العلم ما شرح صدرَك ، لا ما شرحه صدرُك .

توفّي - رحمه الله تعالى - ليلة الجمعة سادس شهر ذي القعدة الحرام سنة ( 1367 ه‍ ) في مدينة سلطان آباد المسمّاة حاليّاً ب‍ ( أراك ), وذكر الشيخ آغا بزرك الطهرانيّ أنّ وفاته كانت ليلة الجمعة الثالث عشر من شهر ذي القعدة، كما في الذريعة: ( 92 : 686 و 10 : 125 ) .

 

السيد كمال رزاق الغريفي - وحدة الدراسات - مركز تراث كربلاء


وحدة الدراسات


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :