عالمٌ فاضلٌ وخطيبٌ موهوب ، متمكنٌ من التأثير في نفوس المستمعين إليه , عُرف بالورع والصلاح والزهد والعبادة وحُسن الخلُق والتواضع ، وسلامة الذات وطهارة النفس , تميَّز بنتاجه العلمي والأدبي والثقافي إضافةً لمهمة نشر الوعي والإرشاد وإمامة الجماعة , اشتهر بموهبته المبدعة وعطائه الكبير في نظم الشعر ، حيث كان يُعدُّ من كبار الشعراء في زمانه ومتضلِّع بالتاريخ الشعري , بسيط في حياته اليومية ، تكاد ابتسامته لا تفارق شفتيه , حتى لاحقته يد الغدر والظلام فسقط شهيداً من أجل كلمة  الحق.

هو الشيخ عبد الرضا بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن حسين الصافي الچلبي الكربلائي , ولد في كربلاء المقدسة  عام1351هـ -1933م فنشأ وترعرع في أسرةٍ مُحبَّةٍ للعلم والأدب والفضيلة.

  أتمَّ دراسته الابتدائية في مدرسة السبط , الواقعة في محلة باب السلالمة , ليلتحقَ بمدرسة العلّامة الخطيب الدينية التي أسسها العلّامة الحجة الفقيه الشيخ محمد الخطيب ، فتخرّج منها وأصبح استاذاً فيها.  درَس أيضاً على يد كبار رجال الدين والفقه آنذاك , حيث درس الفقه وأصوله على يد آية الله الشيخ محمد علي سيبويه , والسيد ميرزا مهدي الشيرازي , والشيخ يوسف الخرساني , والسيد محسن الجلالي , والشيخ محمد بن علي الشاهرودي وغيرهم من أعلام الحوزة في كربلاء. بعد هذه المدة الطويلة من الدراسة بقي يُدرِّس في مدارس كربلاء منها المدرسة الحسنية , والمدرسة الهندية وغيرها من المدارس الحوزوية الأخرى.

كان الشيخ الصافي ذا قريحة شعرية متوقِّدة فقد أنتج مجموعة ضخمة من القصائد ، بعضها لم تزل مخطوطة تنتظر النور. تميَّز شعرُهُ بجماله ودقته ورصانته ، حيث حافظ على مقوِّمات الشعر العربي وأصوله, و كانت معظم قصائده في مدح ورثاء أهل البيت -عليهم السلام- .

حصل على عددٍ من الشهادات الدينية والعلمية حتى أصبح يشار إليه بالبنان في الأوساط الدينية والعلمية والاجتماعية،  وكانت هذه الشهادات من المراجع العظام في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة ، ليكون وكيلاً وممثلاً لهم في أداء بعض الوظائف الشـرعية, ومنها إقامة صلاة الجماعة . ومن هذه الشهادات  شهادة الإمام السيد محسن الحكيم الطباطبائي –قدس سره-, و بعد وفاة السيد الحكيم أكّد سماحة آية الله العظمى السيد الخوئي– قدس سره-  شهادته وإجازته , كما كتب له سماحة آية الله الشيخ يوسف الخراساني الحائري تأييداً لبعض الشؤون الرسمية ..كان إمام الجماعة في (جامع العلقمي) ثم (جامع الحاج صالح عوز) وكان يقيم مجلساً للوعظ والارشاد بعد تأديته للصلاة في المسجد الذي يصلي فيه ، فهو يُعدُّ من الخطباء البارزين في ذلك الوقت  ، فقد تميزت خُطبهُ بالوعظ والارشاد ونشر فكر أهل البيت -عليهم السلام-   والدفاع عن مبادئهم وأهدافهم , كما  كان يدعو إلى توحيد صفوف الأمة الاسلامية ومحاربة أعدائها فقد كان يذهب إلى البصرة وإلى قضاء (مندلي) وغيرها من محافظات العراق لتوسيع خارطة هذه الدعوة المباركة.

لشيخنا الجليل مجموعةٌ قيّمة من المؤلفات المطبوعة والمخطوطة تميَّزت بالإبداع والرَّصانة ، جمع من خلالها بين التدريس والخطابة والتأليف , نذكرُ منها : بلاغة الإمام الحسن -عليه السلام- ، الإسلام مع الطب الحديث ، الأخلاق النفسية ، الثار في أحوال المختار ،  المعاد أو غاية سير الإنسان ،  كشكول الصافي أو حقيبة الجواهر ،  المأساة العظمى في عالم الخلود  و ديوان شعر  ضمَّ قصائداً في رثاء أهل البيت - عليهم السلام- ومدحهم ، ولديه العديد من الكلمات و المقالات المنشورة في المجلّات الدينية والثقافية , كمجلة ذكريات المعصومين , صوت المبلغين , والاخلاق والآداب.

خلّف الشيخ الصافي خمسة أبناء أجلّاء هم: الشيخ أحمد الصافي مدير مدرسة الإمام الحسين -عليه السلام- في العتبة الحسينية المقدسة ، الشيخ محمود الصافي وهو رجل دين ، وعبد الحميد الصافي بالإضافة الى الشهيدين محمد الصافي ومحمد علي الصافي الذين استشهدا إبّان الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991.

بعد صراع طويل مع الباطل استشهد الشيخ عبد الرضا الصافي على يد أزلام النظام المقبور ، حيث تمت تصفيته جسدياً في دائرة أمن كربلاء في 29/ ذي القعدة الحرام سنة 1409هـ الموافق 3/7/1989م، ودُفن في جامع الحاج صالح عوز في كربلاء الذي تم تهديمه من قبل أزلام النظام البائد ، وقبره اليوم في منطقة بين الحرمين الشريفين من جهة مرقد أبي الفضل العباس -عليه السلام- وبعد التوسعة الجديدة للحائر أصبح قبره ضمن مدخل باب صاحب الزمان في مرقد أبي الفضل العباس -عليه السلام-.

له بديعية في الإمام الحسين –عليه السلام- من (220) بيتاً مطلعها:

يا قاصـدَ الطـفِّ طُفْ فـي روضةِ الحَرَمِ             واحرمْ كإحرامِ مَـن قد حلَّ في الحــرمِ

فتلك روضـةُ قــدسٍ قُـدِّسَـتْ شـــرفـاً            ثــوى بهــا سبــطُ طــه سيــدُ الأمـــــمِ