السيد حسن الشيرازي شهيد العلم والدين

السيد حسن بن آية الله السيد الميرزا مهدي بن السيد حبيب الله الحسيني الشيرازي، تنتسب عائلته إلى الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام). ولد في مدينة الكاظمية سنة 1354هـ، ونشأ في أسرة دينية عُرفت بعلمائها وفضلائها، حيث تربى تربية صالحة. بدأ بدراسة العلوم الدينية وهو في مقتبل عمره على يد والده آية الله السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي، ثم هاجر معه إلى مدينة كربلاء وهو في عنفوان شبابه، حيث عاش بجوار جده أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وهناك علا شأنه، وأصبح من الشخصيات البارزة في هذه المدينة المقدسة. تتلمذ على يد نخبة من العلماء الأعلام، فدرس مرحلة السطوح على يد كلٍّ من: الشيخ محمد الخطيب، الشيخ محمد الشاهرودي، والشيخ يوسف الخراساني. ثم حضر بحث الخارج على يد: والده السيد مهدي الشيرازي، والشيخ محمد رضا الأصفهاني، والسيد محمد هادي الميلاني، والشيخ يوسف الخراساني. ومع حضوره دروس هؤلاء الأعلام، مارس التدريس بنفسه، بدءًا من المقدمات وحتى نهاية السطوح العالية. وكان له نشاط بارز في توعية الشباب، خاصة في مواجهة التيارات المنحرفة، لا سيما المدّ الشيوعي في العراق، وقد تعرّض بسبب ذلك لشتى أنواع التعذيب الوحشي على يد البعثيين، ما اضطره للهجرة إلى لبنان. كان له اهتمام كبير بأمور التبليغ، فسافر إلى بعض الدول الإفريقية، وكذلك إلى جبال العلويين في سوريا ولبنان، حيث عمل على خلق روح التآلف بعد أن كانوا منطويين عن سائر المسلمين. وقد أسّس أول حوزة علمية بجوار مرقد عقيلة الهاشميين (عليها السلام)، واحتضن طلابًا من شتى الجاليات لتقوية الحوزة الحديثة. مؤلفاته: له العديد من المؤلفات، منها: • موسوعة الكلمة (25 جزءًا) • الشعائر الحسينية • حديث رمضان • الاشتقاق في الصرف • الأدب الموجَّه • التوجيه الديني • الاقتصاد الإسلامي • خواطري عن القرآن • الوعي الإسلامي اعتقاله: اعتقلته أجهزة النظام البعثي في أوائل شهر ربيع الأول عام 1389هـ، وزُجّ به في سجن "قصر النهاية"، حيث تعرض لأبشع ألوان التعذيب. يروي السيد محمد الشيرازي في كتابه تلك الأيام، في صفحات من تاريخ العراق السياسي: "اعتقال السيد حسن تم بمكيدة خبيثة؛ فقد جاءوا إليه وقالوا إن أحمد حسن البكر – رئيس الجمهورية آنذاك – يريد أن يشاورك في بعض الأمور، فارتدى السيد ملابسه وذهب معهم إلى بغداد، لكنه لم يعد. بعد مدة، جاء أحد أعوان النظام من العاصمة بغداد، وذكر لبعض أصدقائنا أن السيد حسن معتقل في سجن (قصر النهاية)، وأنه يتعرض لتعذيب قاسٍ، وأن حياته في خطر، وذكر ذلك بخبث وتشفٍّ، ثم أضاف: إنه سيُعدم لا محالة". بعد الإفراج عنه: بعد الإفراج عنه، سافر مباشرة إلى بيروت دون أي تأخير، وقضى مدة تحت العلاج في مستشفيات لبنان. وبعد تحسّن حالته الصحية، عاد إلى ساحة العمل والجهاد بمعنويات عالية وإرادة أقوى من ذي قبل. أسّس العديد من المؤسسات والمراكز الدينية في مختلف بلدان العالم، منها أكثر من عشر مجلات، أبرزها: • الأخلاق والآداب • أجوبة المسائل الدينية • صوت المبلّغين • نداء الإسلام • القرآن يهدي • أعلام الشيعة • منابع الثقافة الإسلامية • صوت العترة • ذكريات المعصومين (عليهم السلام) • مبادئ الإسلام كما أسّس عددًا من المراكز الدينية في لبنان، منها: • حوزة علمية باسم مدرسة الإمام المهدي (عج) • دار الصادق، وهي أول دار شيعية في لبنان لطباعة الكتب ونشرها • مجلة الإيمان • جماعة العلماء، التي كان لها دور بارز في مختلف المجالات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية في سوريا: أسّس أول حوزة علمية شيعية بجوار مقام السيدة زينب (عليها السلام)، أطلق عليها اسم الحوزة العلمية الزينبية، وذلك عام 1393هـ / 1973م، وكان تأسيسها بتوصية من والده آية الله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي. استشهاده: استُشهد رحمه الله عصر يوم الجمعة 16 جمادى الآخرة عام 1400هـ، حيث تم اغتياله أثناء خروجه من محل إقامته في بيروت متوجهًا إلى مجلس تأبين الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والذي عُقد في مدرسة الإمام المهدي (عج). كان يستقل سيارة أجرة حينها، فحاصرته عصابات البعث، وأطلقوا عليه النار، فأصابته عدة رصاصات في رأسه الشريف، فلبّى نداء ربّه، مخضّب الشيب بالدماء، ونال درجة الشهادة الرفيعة. شيّع جثمان الشهيد السيد حسن الشيرازي في لبنان وسوريا تشييعًا مهيبًا، شارك فيه العلماء والفضلاء والشخصيات الرسمية والسياسية، إضافة إلى جموع غفيرة من الناس. ثم نُقل جثمانه الطاهر إلى إيران، حيث شُيّع كذلك في طهران.