تاريخ الجنوب
الكبائش (الجبايش)...

الكبائش (الجبايش) عندما نتكلم عن الأصالة والشمم ، وعندما نذكر القيم العربية، فلا بد لنا من أن نذكر هذه المدينة. مدينة فاحت بعطر الأهوار الجنوبية، ومزجت بطيبة أهلها وسمارهم ، متعكزة على جذورها الضاربة في أعماق التاريخ، ألا وهي مدينة ( الجبايش( مدينة عراقية جنوبية من أقضية محافظة ذي قار، تحدّها من الشمال محافظة ميسان، ومن الشرق قضاء المدينة التابعة إلى محافظة البصرة، ومن الغرب و الجنوب قضاء سوق الشيوخ التابع محافظة ذي قار. أبرز ما يميزها البيوت التي ترتقي فوق مياه أهوارها، والجاموس العائم بين تلك البيوت، ونباتا القصب والبردي المنتشران في تلك الأهوار. والكبائش مجموعة عرائش فوق جزر كثيرة، يفصل المياه أبنيتها، ولا تستطيع أن تجد أكثر من عريشة واحدة فوق جزيرة واحدة في ذاك المستنقع الجسيم، ولابد لكل عريشة من مشحوف (قارب أو زورق) يركب فيه أصحابه؛ لابتياع اللحم، والخضروات، وسائر الحاجات من الحوانيت القائمة فوق تلك الجزر بصورة متفرقة، إذ لا يمكن تشييد المنازل الحجرية فوق أرض الكبائش. و (الجبايش) - کما يتلفظها العامّة- في اللغة، عربية الأصل محرّفة من كبيسة؛ بسبب ما طرأ على اللغة من التغييرات الناشئة من احتكاك العرب بثقافات أخرى، والكبيسة مشتقة من (الكبس) وهو في الأصل الضغط. والكبس عند العراقيين: الزرع الذي يُبذر في أرض دخلها ماء فيضان النهر، أو ماء فيه غرين كثير، فيرسب على وجهها راسب يصلح لزرع بعض النباتات التي تكتفي بهذا الماء، من غير أن تحتاج إلى مياه الأمطار، ومياه الأنهار، كالسمسم والذرة وغيرهما. ويسمون هذا الزرع بالكباسي، وتلفظ كلها كالجيم المثلثة الفارسية، وكان سلفنا العرب يسمون هذا الزرع بــ (الحق وزان) ، وأشهر هذه الكبائش (برﮔ الحَمَّار) كما ورد في مجلة لغة العرب. وتُعد مدينة ( الجبايش ) من أهم المدن الجنوبية؛ لما يميزها من موقع جغرافي. فهي تربط ثلاث محافظات ( البصرة ، وميسان ، وذي قار ). كما تتميز بموقع تاريخي مهم جدًا لكونها مدينة تاريخية أثرية ، ووجهًا حضاريًا جليًا لحضارة وادي الرافدين. ومما يجدر ذكره أن مركز تراث الجنوب التابع إلى قسم شؤون المعارف الإسلامية والإنسانية في العتبة العباسية المقدسة اعتاد على إظهار كنوز الجنوب التراثية من مدن، ومعالم، وأعلام وذلك في برنامج أُعد مسبقًا لغرض التعريف بهذه الفنارات التراثية.