أعلام
جنوب الجهاد

جنوب الجهاد كان داعية الفرات الأوسط, ومرشده الأكبر, له اليد الطولى في القضية العراقية, وهو الذي أثار الحماس الديني في عشائر السماوة وما والاها, ونظّم منها جيشاً جرّارًا, وقف به أمام جيوش الاحتلال, وهو القائد والمرشد والداعي. كان صالحًا, نقيًّا, دائم الذكر, تُرى آثار الأبرار بارزة عليه, وميسم العبادة لامحًا بين عينيه, وقف سدًّا منيعًا قبالة الإنكليز سنة 1333 هـ _ 1914م, وكبّدهم خسائر كثيرة في العدّة والعدد، إنه الشيخ رحمة الله ابن الشيخ جواد ابن الشيخ علي ابن الشيخ حمود ابن الشيخ محسن ابن الشيخ علي الكبير. وُصف بأنه كان ضعيف البدن, وقصير القامة. ولحيته البيضاء, وعمامتهُ الكبيرة يُضفيان عليه هيبة العلماء ووقارهم. وكان في غاية الجرأة, والبسالة, والشجاعة. فالمرءُ بأصغريه قلبه ولسانه, إن نطق ببيان, وإن قاتل بجنان. وصدق الشاعر عباس بن مرداس حين قال: ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسدٌ مُزيرُ ويعجبك الطريرُ فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطريرُ ضِعاف الطير أطولها جسومًا ولم تطل البزاةُ ولا الصقورُ ضِعاف الأُسد أكثرها زئيرًا وأصرمها اللواتي لا تزيرُ ولما انقضت الحرب لاحقه الانكليز أشد الملاحقة، فلم يظفروا به. تُوفِّى يوم الأحد الثاني والعشرين من المحرّم سنة 1356هـ _1937م, وشُيّع جثمانه تشييعَا فخمًا ضمّ جميع طبقات المجتمع؛ وذلك لما له من اليد البيضاء في تشييد أركان الدين, ومقاومة الكافرين, ودُفن في الصحن العلوي الشريف, في الحجرة التي تكون عن يسار الخارج من الصحن من باب الطوسي.