مكتبات عامة او شخصية
المكتبات في الجنوب:

لا يُمكن أن تُصنع ثقافة مجتمع من دون الكتاب والمكتبات، فعن طريقهما يتم التعلم ويُبث الوعي والفكر، وتُنتج المعرفة. وقد ارتبط نشوء المكتبات- قديماً وحديثاً- بالعامل الديني ورجال الدين، لأنهم يعرفون القراءة والكتابة؛ ولذا غالباً ما كانت المكتبات ملحقة بالمساجد والجوامع، لتكون متاحة لأكبر عدد ممكن من الناس وطلبة العلم. ومع نشوء المساجد والجوامع في مدن الجنوب أنشئت المكتبات في إحدى زواياها، فكانت من أوائل المكتبات في(ذي قار)مكتبة الشيخ باقر آل حيدر(ت1915م) في جامع آل حيدر في سوق الشيوخ، وأسس الشيخ عباس الخويبراوي مكتبة دينية في مسجده الذي بناه عام(1932م). كما أسس الشيخ إبراهيم الكرباسي(ت1986م)مكتبة دينية في جامع الشطرة الكبير الذي بناه عام(1968م). ومن المكتبات الجنوبية القديمة والشهيرة في مدينة(العمارة)،(المكتبة المحمدية)،إذ نص(حسين مروة1910-1987م) في سيرته التي كتبها نجله(أحمد حسين مروة)على إنشاء هذه المكتبة عام(1929م)،أنشأها الشيخ حبيب بن سليمان بن إبراهيم(الشيخ المهاجر)، وهو شيخ وعالم دين من لبنان، ومن خريجي حوزة النجف الأشرف، اُنتدب للمهام الدينية في مدينة العمارة، فشيد مسجداً وبيتاً، وأخذ يعطي دروسا دينية للكبار والصغار في المدينة. وفي عام(1929م)جاءت إرسالية تبشيرية من البروتستانت الأميركيين إلى مدينة العمارة، ففتحت مكتبةً ومدرسةً ًومسشفى بالمجان؛ فتقاطر أهل ُالعمارة على مستشفاها المجاني، وتهافت الشباب المتعطش للعلم والمعرفة على مكتبتها ومدرستها؛ فما كان من الشيخ المهاجر إلا أن أسس مكتبةً دينيةً، وأرسل إلى النجف يطلب المساعدة في إرسال أحد الشيوخ الشباب المثقفين والعصريين، ليتولى أمر المكتبة، والمجلة التي بادر بإنشائها، وليساعده في إعطاء الدروس الدينية، فأرسلوا له الشيخ حسين مروة(حينها كان رجل دين ويرتدي الزي الحوزوي)فأدار شؤون المكتبة، التي كانت تحتوي أكداسا متنوعة من الكتب، واستطاع اجتذاب الشباب نحوها، ونحو الدرس الديني، حتى بدأت مكتبة المبشرين الأميركيين تقفر من روادها. ومن المكتبات الدينية الأخرى في ميسان، مكتبة الشيخ محمد باقر آل زاير دهام مؤسس المدرسة الباقرية، ومكتبة جامع الشيخ جعفر نقدي، ومكتبة جامع الشيخ أحمد الأنصاري، ومكتبة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي، وغيرها. أما في محافظة المثنى(السماوة)، فكان لحلول بعض أفراد أسرة آل حيدر في هذه المحافظة، وتحديداً في مدينة (الخضر)- قضاء الخضر حالياً-، ولا سيما الشيخ محمد آل حيدر، وولده الشيخ علي (1902- 1967م)الأثر الطيب في إثراء المشهد الثقافي في المحافظة، سيما وأن الشيخ علي كان دؤوب العمل الديني بين الناس هناك، وأسس مكتبةً دينيةً في حانوت استأجره سنة(1965م)، وظل بين المسجد والمكتبة دليل هدي وحركة إصلاح، وإمام جماعة. وكذلك أخوه الشيخ طالب بن محمد آل حيدر، الذي ورث مكتبة الأسرة وأورثها لبنيه، وفيها بعض كتبه المخطوطة ككتاب(علي بين مناوئيه ومواليه).ومن المكتبات الدينية الشهيرة الأخرى في السماوة، مكتبة الإمام الحسين(ع)العامة في شارع باتا، التي قام على بإنشائها الشيخ محمد مهدي السماوي عام(1964م)، ثم أصبحت مرتبطة بمكتبة الإمام الحكيم العامة. أما في محافظة الديوانية، فأشهر المكتبات الدينية فيها، هي تلك التي يتوارثها آل الغراوي، التي تحوي العديد من مؤلفات هذه الأسرة العلمية الدينية النبيلة ومخطوطاتها، ولا سيما الشيخ محمد رضا الغراوي(1868-1965م)الفقيه والمفسر المعروف، الذي كان السيد أبو الحسن الأصفهاني(1933م)، انتدبه لمهمة التمثيل الديني في قضاء أبي الخصيب. ترك العديد من المؤلفات التي تربو على ستين كتاباً، وما يزال قسم كبير منها مخطوطاً. ومن مؤلفاته: أدلة الأحكام في شرائع الإسلام، وصحيفة الأمان في أحوال صاحب الزمان، وموهبة الرحمن في تفسير القرآن، والنور الوافي في تهجية أخبار الكافي، وأصدق المقال في علم الدراية والرجال.. وقد أُثريت ثقافة المكتبات الدينية في مدن المحافظات الأربع وأقضيتها ونواحيها بعد تأسيس مكتبة الإمام الحكيم العامة سنة(1957م)، التي أراد لها السيد الحكيم سعة الانتشار والنمو، لمواجهة الأفكار الإلحادية والشيوعية التي بدأت تغزو المجتمع العراقي في عقد الستينيات والسبعينيات، فعمل على فتح فروع لها في مختلف المحافظات العراقية، فبلغت فروعها قرابة(60 فرعاً)،أُلحق أغلبها بالمساجد والحسينيات في الأقضية والنواحي..
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.