تاريخ الحلة

مدينة المسيب في مذكرات الرحالة

مدينة المسيب في مذكرات الرحالة

المسيّب، عروس الفرات، مدينة جميلة، ثرة بتاريخها، طيبة طيب أهلها، ورد ذكرها في الكثير من كتب الرحالة المسلمين، والأجانب الذين مرّوا بها، وأشادوا بها، وعللوا تسميتها، ونعتوها بأجمل الصفات، وأبهى الكلمات. ذكرها الرحالة (عمانوئيل فتح الله) حين مرّ بها، ونشر تفاصيل سياحته سنة (1911م)، فقال: "وسميت هذه البلدة باسم المسيَّب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب علي بن أبي طالب (عليه السلام) وخيارهم"، وهذا الرأي ارتآه المؤرخ عبد الرزاق الحسني، وكان الدكتور مصطفى جواد من أشد المعترضين عليه، ورجّح "أنها سميت باسم المسيَّب أخي دبيس بن صدقة المزيدي صاحب الحلة"، ويرى الدجيلي: "أما سبب تسميتها فاعتقد أنه من جريان الماء وانسيابه، وهذا التعبير كثير الاستعمال في العراق قديماً وحديثاً"، ويذكر الأنباري: "سميت المسيب نسبة الى نهر السيب"، وقد خالف الباحث المعروف فؤاد جميل الآراء السابقة، حينما سُئل عن أصل تسمية (المسيَّب)، وقال: "نرجح ولا نقطع أن المسيَّب سميت باسم المسيَّب الأمير العقيلي"، وأعقبهم الشيخ علي القسام برأي جديد ذكره في كتابه (السفر المطيب) المطبوع سنة (1974م)، أعتقد فيه أنها سميت بهذا الإسم نسبة إلى نهر السيب المندرس، ومن المؤكد أن المدينة ظهرت في القرن الرابع عشر الميلادي، ولم يرد لها ذكر في كتب الجغرافيين العرب القدامى أمثال ابن واضح اليعقوبي (ت284هـ) في كتاب (البلدان)، وياقوت الحموي في (معجم البلدان)، وعبد المؤمن البغدادي في (مراصد الاطلاع)، وأبي عبيد البكري الأندلسي في (معجم ما استعجم)، وغيرهم، كذلك خلت كتب الرحالة الأوائل كابن بطوطة، وابن جبير، وغيرهما من الإشارة لها، وهذا لا يلغي وجودها إذ قد تكون امتداداً لمدينة قديمة تحمل اسماً مغايراً، وهنالك دلائل آثارية كثيرة، وشواهد تؤيد ذلك . أقدم ذكر لها ورد في عام (834هـ)، فقد ذكرها الغياثي في حوادث السنة، إنّ أسبان من آل قراقوينلو قصد مدينة الحلة في تلك السنة، وكان فيها السلطان حسين الجلائري، الذي أرسل عساكره لمقابلة جيش أسبان، وألتقى العسكران بـ (المسيب) وقد انتصر عسكر حسين الجلائري، وانكسر عسكر أسبان الذي هرب إلى جهة أربل أو أربيل والموصل . وذكرها بعد ذلك جماعة من المؤرخين والكتاب والرحالة العرب والأجانب، ومن هؤلاء القائد العثماني سيدي علي التركي، الذي ذهب في رحلة إلى الجزيرة العربية عام (1553م), ووصل إلى قبالة بلدة المسيب, حيث عبر الفرات بواسطة العبارات, ومنها توجه إلى مدينة كربلاء المقدسة . وذكرها الرحالة البرتغالي تكسيرا، وقال إنهم وجدوا في الجهة المقابلة, وهي جهة (ما بين النهرين) على حد تعبيره, خاناً كبيراً آخر يقوم في موقع مناسب على الفرات، فوق أنقاض مدينة قديمة كانت تسمى (المسيب)، والظاهر أن بلدة المسيب كانت موجودة قبل ذلك التاريخ (1604م) وتهدمت, ثم عادت إلى الوجود من جديد، أو انتقلت الى مكان ثان، أما الرحالة (ديللافاليه) فقد تحدّث عن خان يقع بين مدينة المسيب ومدينة بابل، في رحلته من بغداد إلى مدينة بابل الأثرية في يوم 23 تشرين الثاني (1616م) حيث قال: "غادرنا خان المسيب منذ الصباح الباكر وعند منتصف النهار رأينا من بعيد عن يسارنا بلدة فيها مسجد يقال له (أبو القاسم)"، وفي عام (1765م)، في زيارته للعراق, ذكر الرحالة الألماني كارستن نيبور في رحلته : "أن المسيب هي قرية على الفرات, لها جسر ُشيّد على العوامات"، ويقول الرحالة الفرنسي جان بابتيست جاك لوي روسو الذي زار العراق عام (1809م): "على مسافة ليست بعيدة شمالي الحلة, وعلى الضفة الشرقية لنهر الفرات, ثمة قرية, وهي المسيب التي تنتج كميات كبيرة من خشب التدفئة، والتمور، والأعناب، والقمح، والقطن"، وكذلك زار المدينة الرحالة جس بكنغهام، وقد اتخذها طريقا إلى كربلاء، وقد ذكر جسرها الخشبي، عام (1816م)، وذكر مدينة المسيب كذلك المنشئ البغدادي في رحلته التي كتبها عام (1237هـ)، وممن مرّ عليها قادماً من كربلاء، الرحالة لوفتس عام (1853م). وذكرها عبد العلي خان، أديب الملك في العرش الملكي، أيام الشاه ناصر الدين في ايران، الذي قام برحلته إلى العراق عام (1273هـ – 1856م), وفي رحلته زار المسيب في طريقه إلى كربلاء وكتب عنها قائلاً : "تناولنا طعام الغداء في خان المزراقجي, ثم تحركنا مسافة فرسخ واحد, فلاحت لنا قرب المسيب قباب مقبرة محمد وإبراهيم أولاد مسلم بن عقيل". وفي عام (1863م) زار الحاج سلطان عبد المحمد ميرزا سيف الدولة المسيب، في طريقه إلى كربلاء، وقال عنها: "تقع مدينة المسيب على جانبي نهر الفرات, وهي مكان لطيف, وهواؤها طيب, وفيها أراض زراعية كثيرة, تنتشر بساتين الفواكه والنخيل بكثرة, وهي مشهورة في كل العراق بلبنها الرائب, وفيها سوق وعدة مقاهي عربية" . وزارها جون أشر، عضو الجمعية الجغرافية الملكية بلندن, عام (1864م)، وقد وصل إلى كربلاء عن طريق المسيب، التي عبر الفرات من فوق جسرها المصنوع من الزوارق، فوجد المسيب ذات سوق صغيرة، يتيسر فيها الكثير مما يحتاجه الزوار والمسافرون. وفي سنة (1883م) زار المسيب الصحفي والكاتب المسرحي العثماني عالي بك، في طريقه إلى كربلاء، حيث قال : "تحركنا من خان الإسكندرية، في وقت السحر من اليوم التالي, ووصلنا المسيب في ساعتين, والمسيب مركز أحد النواحي الواقعة على نهر الفرات, وهي تابعة لكربلاء, وعلى الرغم من أنها على الضفة اليسرى لنهر الفرات, إلا أنه توجد محلة تقع على الضفة الأخرى من النهر, ويوجد بين الساحلين جسر خشبي مقام على أعمدة خشبية"؛ وممن زار المسيب أيضا الأب انستاس الكرملي اللغوي المشهور، وكذلك البلجيكي الواموسيل صاحب كتاب (الفرات الأوسط) القيّم. ومن الرحالة الأجانب الذين مروا بالمسيب (سيروليس جيستي)، وقد ذكر ذلك في رحلته التي قام بها عام (1881م)، ورحلته الثانية عام (1890م). وذكر المسيب الرحالة العربي السيد عباس المكي استطراداً في كتابه المسمى (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس)، الذي دوّن فيه زيارته للعراق وإيران عام (1131هـ) . وذكرها أيضاً السيد صادق الأعرجي المشتهر بالفحام المتوفى عام (1204هـ)، في رحلة له دوّن فيها زيارته لمشهد الإمام الرضا (عليه السلام ). وفي عام (1909م) زارت (المس غيرترود بيل) - المستشرقة والرحالة البريطانية- المسيب، قادمة إليها من كربلاء، ومن ما كتبته عن المسيب : "قرية تقع على نهر الفرات, أعلى نقطة فيها فروع قناة الهندية من النهر، وفي النصف الأخير من رحلة اليوم, مشينا على حافة الهور، وفي الحقيقة هو كان أكبر من هور بكثير، كان بحيرة ضحلة تمتد على مساحة شاسعة". في عام (1909م) زار كربلاء المفتش العثماني علي سعاد، مكلفاً من قبل السلطان العثماني، للقيام بأعمال التفتيش في مناطق الخليج العربي، والجزيرة العربية، ودوّن كل مشاهداته في مخطوط مكتوب باللغة العربية, حيث قال عن المسيب عند مروره بها: "وفي وقت الظهيرة وصلنا إلى ناحية المسيب, التي تعد منزلاً لما يزيد عن منتصف الطريق, وبعد أن تجولنا في شارع، وسوق القرية، كنا مضطرين لأن نعبر الجسر الخشبي الموجود حتى نصل إلى الضفة الأخرى من النهر، وذلك لأن عربة أخرى كانت ستقلنا إلى كربلاء". وكتب الرحالة والمستشرق التشيكوسلوفاكي (ألوا موسيل) عن المسيب، عند تنقله من كربلاء إلى بغداد عام (1912م) ما يلي : "في الساعة 12,40 بعد الظهر عبرنا جسر قوارب، مقاما على الفرات، ودخلنا مدينة المسيب, وكانت تبدو كأنها متوجة بإكليل من النخيل". وفي عام (1917م) بات في المسيب (رونالد ستورز) ومساعدوه قادمين من القاهرة؛ وزار المسيب المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني ضمن زياراته لألوية وأقضية ونواحي العراق عام (1924م) حيث ذكر عنها ما يلي : "قضاء المسيب مركزه قصيبة المسيب وهي قصبة مبنية على ضفتي الفرات فيها مساكن كثيرة وجامع منهدم، هواؤها جيد ومنظرها جميل، ونفوسها (3500) نسمة". وفي عام (1930م) زار كربلاء الأديب والسياسي المصري عبد الوهاب عزام, وفي الطريق مرّ بالمسيب فقال عنها : "وفي المسيب, قابلنا من بها من رجال التعليم فساروا معنا إلى الهندية, حيث القناطر, التي تسمى (سدة الهندية), قناطر على الفرات لحبس المياه وتوفيرها للري" . ويقول المؤرخ والصحفي السوري أمين سعيد (1933م): "ومررت بسدة الهندية وهو أعظم مشروعات الري الحديثة على الفرات ويبعد عن بغداد نحو 65 كيلومتراً، وقد أنشيء في أواخر العهد التركي وربما كان هو الأثر العمراني الوحيد الذي خلفه الأتراك في هذه البلاد" .

صور من الموضوع ...

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7602320073
00964-7601179478
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
turathhi@gmail.com

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...