مكتبات عامة او شخصية
نشأت شارع المكتبات في الحلة

لا تحدثنا مصادر تاريخ الحلة عن وجود مكتبة بهذه المدينة في أواخر العهد العثماني والسنوات الأولى من الاحتلال الإنكليزي للعراق، وكان هناك بعض أصحاب الدكاكين التجارية يتعاطون بيع وشراء الكتب المخطوطة واللوازم المكتبية كالحبر والمحبرة والقرطاس والقلم وما شاكل ذلك، أما الصحف والمجلات والكتب المطبوعة فلا توجد ألا عند الذين يجلبونها من بغداد أو من خارج العراق بسفراتهم. واستمر حال المدينة هكذا على الرغم من محاولات المرحومين محمد جواد حيدر وعباس حلمي (صاحبي مكتبة المعارف والمكتبة العصرية ببغداد) على تشجيع وحثّ أقاربهم ومعارفهم في الحلة بخوض ميدان تجارة المطبوعات والقرطاسية، وأول من تعاون مع حلمي في الحلة السيدان مجيد نصر الله وعباس السعيد، إذ أخذ يجهزهما بنسخ من القرآن الكريم والكتب والمجلات والصحف والقرطاسية ومع كل التسهيلات التجارية ليتعاملا ببيعها في دكاكينهم مع بقية المواد العطارية الأخرى، وهكذا كانت البداية. فكانت أول مكتبة في الحلة هي مكتبة الفرات لصاحبها المرحوم عباس السعيد حيث أسسها عام 1925، وبذلك أصبحت هذه المكتبة وكالة لتوزيع الصحف والمجلات العربية والأجنبية في الحلة إضافة لبيع الكتب والقرطاسية وتجليد الكتب، والمرحوم السعيد من مواليد الحلة عام 1900. واستمرت مكتبة الفرات لليوم بمكانها في الجهة اليمنى من شارع المكتبات، إذ ورثها المرحوم مهدي عباس السعيد عن والده عام 1939 ليورثها لأبنائه عام 1998 وهي اليوم بإدارة السيد صلاح السعيد. المكتبة العصرية ومطبعتها: بتشجيع من المرحوم عباس حلمي صاحب المكتبة العصرية ببغداد، أسس المرحوم علي الحاج حسين السباك المكتبة العصرية بالحلة عام 1927 كثاني مكتبة بهذه المدينة وبشارع المكتبات أيضاً من الجهة اليسرى، وقد كان اختيار هذا الاسم تيمناً باسم مكتبة حلمي ببغداد. والسباك الذي اصبح لقبه بعد فتح المكتبة بـ (الكتبي) وهومن مواليد الحلة عام 1909. وفي عام 1932 أصبحت لهذه المكتبة مطبعتها الخاصة، ولكونها المطبعة الوحيدة - حينذاك - في الحلة، فإن نجاح المطبعة أصبح على حساب المكتبة، وكان يدير المطبعة عام 1938 الحاج ناصر السعيد، ومن ثم أنيطت الإدارة للمرحوم صاحب الحاج حسين السباك، وانتقلت ملكيتها عام 1982 لولده فارس، واستمرت في مكانها بشارع المكتبات حتى عام 1988 حيث هدمت بنايات الجانب الأيسر من الشارع، فانتقلت إلى بناية مقابل حديقة النساء. مكتبة الرشاد : في أواخر الثلاثينيات أسس الشيخ نجم العبود مكتبة الرشاد في منتصف شارع المكتبات من الجهة اليمنى، وصدرت عنها مجلة الرشاد بالحلة عام 1939 ومن ثم جريدة (نفحة الرشاد). باع الشيخ نجم المكتبة عام 1947 الى المرحوم عبد الجليل الناصر ولم يقتصر نشاط المكتبة بإدارة الناصر على بيع الكتب والمجلات والصحف والقرطاسية بل وتميزت بتصليح أقلام الحبر ومن كافة الماركات وتوفير المواد الاحتياطية لها. استمرت هذه المكتبة علامة مميزة من علامات شارع المكتبات لغاية عام 1976 حيث تعرض الناصر لحادث دهس ولانشغال أولاده بالدراسة أغلقت هذه المكتبة العريقة. مكتبتا الفيحاء والمعارف : ما بين عامي 1940 - 1942 كانت هناك مكتبة بمدخل شارع المكتبات من الجهة اليسرى تدعى (مكتبة الفيحاء) لصاحبيها محمد طه علوش و عبد الحسين هادي علوش وقد أغلقت هذه المكتبة لاحقا. وبغلق مكتبة الفيحاء، أسس السيد عبد الحسين هادي علوش مكتبة المعارف، وهو من مواليد الحلة عام 1917. وإذا كانت مكتبة المعارف مقابل مكتبة الفرات فأنها انتقلت في أواخر الثمانينيات إلى الجهة اليمنى من شارع المكتبات، ومن ثم انتقلت إلى ساحة الاحتفالات في التسعينيات لتعود أخيرا لشارع المكتبات عام 2001 وقد تعاقب على إدارتها بعد مؤسسها المرحوم عبد الحسين علوش ولده المرحوم فلاح علوش و حفيده علي علوش. ومنذ أواخر الثمانينيات تحولت مكتبة المعارف تدريجياً لتجارة القرطاسية!. مكتبة الرافدين : أسس السيد هادي السيد عباس الموسوي مكتبة الرافدين عام 1953 في نهاية الجهة اليمنى من شارع المكتبات ((عمارة الأوقاف))، وهو قد سبق ان عمل سنوات طويلة عاملا أجيرا لدى خاله المرحوم عباس السعيد صاحب مكتبة الفرات. واستمرت مكتبة الرافدين بمكانها لغاية 1970 حيث انتقلت إلى باب الحسين وبعدها انتقلت الشارع اربعين. اما مكتبات الحلة اليوم فتوجد الان عشرات المكتبات في الحلة، حيث ثمة مكتبة أو اكثر بكل شارع - تقريباً - وبكل حيّ، ومعظم هذه المكتبات متشابهة (توائم) من حيث نوع النشاط وسعته، والبعض القليل يمتاز بشيء معين بسيط كبيع الكتب القديمة أو إيجارها أو وجود جهاز استنساخ، ولكن هناك مكتبة مميزة هي مكتبة الدار الوطنية، التي تأسست كمعرضٍ دائمٍ لبيع منشورات الدار الوطنية في بداية عام 1980 في شارع مواز لشارع المكتبات، ولكن بيعت هذه المكتبة عام 1987 للسيد محمد حسين علي السباك الذي نقلها إلى ساحة المحافظة القديمة عام 1988. وهي اليوم أوسع مكتبات الحلة نشاطاً، إذ هي المصدر الرئيس لتوزيع الصحف والمجلات بالمدينة ونشر الإعلان، إضافة لبيعها الكتب الحديثة والقديمة والقرطاسية بالمفرد وبالجملة، لذا تذكرنا بمكتبات الحلة أيام زمان كالفرات والمعارف والرافدين والرشاد.