مكتبات عامة او شخصية
"الباب الحادي عشـر" للعلَّامة الحِلِّيّ الحسن بن يوسف ابن المطهَّر الأسديّ (648-726هـ)

هو متنٌ مختصَـرٌ جليل في عِلم الكلام والأصول الدينيَّة الخمسة في العقيدة الإماميَّة، ألَّفه العلّامةُ الحِلِّيّ ليُشكِّلَ (الباب الحادي عشـر) المتمِّم للأبواب العشـرة من كتابه (منهاج الصلاح في مختصـر المصباح)، فكتاب (مصباح المتهجِّد) لشيخ الطائفة الطوسـيّ (ت460هـ)، اختصـرَه العلَّامةُ ورتَّبه على عشـرة أبواب، ولمَّا كان الكتابُ في فنِّ العمل والعبادات والأدعية، استدعى ذلك أن يقفَ الداعي على معـرفة المعبود والمدعو، فأضافه العلَّامةُ ليكونَ تكملةً للكتاب. وقد أُفـرِدَ هذا البابُ عند النَّسخِ؛ لجليل فائدتِه وعلوِّ مضامينِه، واعتنى به العلماءُ دراسةً وشـرحًا وتعليقًا وتحشيةً وترجمة. فبعد أن أُفرِدَ ليكونَ رسالةً مستقِلَّة، أُخِذَ تسلسلُه في أبوابِ كتاب (منهاج الصلاح) عنوانًا له، ومن قول العلَّامة المصنِّف أيضًا في أوَّله: «الباب الحادي عشـر، فيما يجبُ على عامَّة المكلَّفين من معـرفة أصول الدِّين»، فمِن هنا جاءت شهـرتُه مستقِلًّا بهذا العنوان. رتَّبَهُ العلَّامةُ المصنِّفُ على مقدِّمة صغيرة في بيان وجوب معرفة أصول الدين، وسبعة فصول: الأوَّل: في إثبات واجب الوجود لذاته تعالى. الثاني: في صفاته الثبوتيَّة. الثالث: في صفاته السلبيَّة. الرابع: في العدل. الخامس: في النبوَّة. السادس: في الإمامة. وفيه مباحث. السابع: في المعاد، وما يجبُ الإقرار به ممّا جاء به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله)، كالصـراط والميزان، وإنطاق الجوارِح، وتطاير الكتب، والثواب العقاب، ووجوب التوبة والأمر بالمعـروف والنهي عن المنكـر. ولـ(الباب الحادي عشـر) نُسخٌ مخطوطةٌ كثيرةٌ جدًّا، منها نُسَخٌ حَوَت المتنَ فقط، ومنها اشتملت على شـروحه، وبعضها جعلتهُ منظومًا في قالبِ الشِّعـر. أمَّا نُسخُ المتن فقد بلغَت أكثر من (170) نُسخة خطِّيَّة باللغة العربيّة، لعلَّ أقدمها النسخة التي كتبها أحمد بن حسين بن أبي القاسم بن العوديّ الأسديّ الحِلِّيّ، بتاريخ يوم السبت 23 ذي الحجَّة سنة 741هـ، وهذه النسخة موجودة في ضمن مجموعٍ خطِّيٍّ في مكتبة بادليان في أكسفورد. وثمَّةَ أيضًا نُسخٌ خطِّـيّة كثيرة للكتاب باللغة الفارسيَّة، لعلَّ أقدم مَن ترجمه هو عبد الحيّ بن عبد الوهّاب الجرجانيّ (تُوُفِّي في حدود 959هـ)، وثمَّة نسختان من هذه الترجمة موجودتان في قم: الأولى: في مكتبة آية الله المرعشـيّ العامَّة، كتبها محمود بن محمَّد بن محمود كومج بتاريخ 1011هـ. والثانية: في مكتبة المسجد الأعظم، كُتِبت بالاعتماد على النسخة المرعشيَّة السابقة. وهناك ترجمةٌ أُخرى قريبة العهد بسابقتِها اشتملت على شـرح الكتاب، كتبها نور الدِّين عبد الحسين الكاشانيّ (ق10هـ)، أهداها للشاه طهماسب الصفويّ (ت984هـ). وأمّا الشـروح والحواشـي التي أُلِّفت على (الباب الحادي عشـر) فقد ناهـزت الخمسين شـرحًا وحاشية، باللغة العربيّة وغيرها، أشهـرها (النافع يوم الحشـر في شـرح الباب الحادي عشـر) للمقداد السيوريّ الحِلِّيّ (ت826هـ)، و(جامع الدّرر في شـرح الباب الحادي عشـر) لخضـر بن محمَّد الرازيّ (ت850هـ). وللكتاب طبعات كثيرة جدًّا، باللُّغتين العربيَّة والفارسيّة، للمتن وشـروحِه. فكلُّ تلك النُّسَخ الخطِّـيَّة للكتاب، وكلُّ تلك الطبعات المتواليات له بمختلف اللُّغات، تكشفُ ما لهذا الكتاب من منزلةٍ جليلة عند أهل العِلم، بنحوٍ جعلهم يُولُونَه مزيدَ اهتمامهم به، حتّى صار مدار البحث والدرس في الحوزات العلميَّة إلى يومنا هذا.