شخصيات

ابن النحوي الحليّ (1183 هـ)

ابن النحوي الحليّ (1183 هـ)

الحلّة: حاضرة البلدان وسيّدة الزمان، مدينة الشّعر والأدب والفقاهة، نشأت في زمن وُسِمَ بالظُلمَةِ والتَخَلُّف، فتوهّجت، لتنير العالم العربيّ والإسلاميّ بالمعرفة، وباتت الحِلِّةُ روضةً غنّاء، تنسّم عبقها أرباب الفنون والآداب، وقد ساعد هذا المناخ الصحيّ على تخصيب رحمها الأدبيّ والثقافيّ، ممّا تمخّضَ عن أسرٍ عِلمِيّةٍ اشتهرت بكافةِ ضروبِ العلمِ والمعرفةِ، ومنها أسرة آل النحويّ، وقد نبغ فيها رجال ارتقوا سلالم المجد الأدبيّة، منهم: الشاعر الكبير (أحمد النحويّ الحليّ تـ 1183هـ).. هو: الشيخ أبو الرضا أحمد بن حسن بن عليّ الخواجة الخيّاط النحويّ الحليّ، ولد في الحلّة ودرس على فضلائها، ثم شدّ رحاله صوب كربلاء طلبًا للعلمِ والمعرفةِ، فتتلمذ على يد السيد نصرالله الحائريّ، وبعد أنْ تُوفي السيد نصرالله، سافر إلى النجف، متتلمذًا على السيد محمد مهدي بحر العلوم، والشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء، ومن ثمَّ عاد إلى الحلّة في أُخريات أيامه، لينتقل إلى بارئه في العام الذي عاد فيه إليها (1183 هـ). له آثار علميّة وشعريّة نذكر منها: جذوة الغرام ومُزنَةُ الانسجام، وشرح المقصورة الدريديّة، وأرجوزة في البلاغة، وديوان شعر مخطوط "بين يدي الدكتور سعد الحداد". كان رحمه الله من ذوي الفضل المعروفين بالعلمِ والدّينِ والفصاحَةِ والأدبِ، فهو من عائلة معروفة بالأدبِ والشعرِ، وكان ولداه (الرضا، والهادي) شاعرينِ، وقد جمع العلّامة السماويّ شِعرهُما وشعر والدهما في مجلدٍ ضخم، وكانت بينه وبين علماء عصره وشعراء زمانه مراسلات شعريّة وأدبيّة تدلُّ على براعته وتقدّمه، فهو من النجوم الزاهرة في القرن الثاني عشر للهجرة، وكان من جُملةِ معاصريهِ الشاعر المعروف السيد صادق الفحام، والشاعر السيد حسين مير رشيد الرضويّ.. تميّز شعر أحمد النحويّ الحليّ، بالسهولةِ من دونِ إسفافٍ، وبالفخامةِ من دون تعقيدٍ، وبالانسجامِ مع طول النفس، وهي مزايا لا نكاد نتحصّلها إلّا عند الشعراء الكبار من شعراء العرب، إذ كان قويّ البديهة سريعها، مرهفَ الحِسِّ يتلمس المعاني الشعريّة بأسلوبٍ رشيقٍ وحِسِّ مترفٍ، كأنّ الكلمات تنزلق لوحدها وهي في نظمه، وكانت له قصائدُ في مختلف أبواب الشعر، منها الغزل والمديح والرثاء والحماسة وغيرها، وكان ما قرضه في آل البيت "عليهم السلام"، يقع في صفوة الصفوة من أبواب شعره، فمن رائع شعره داليته التي قالها في رثاء أهل البيت "عليهم السلام"، وبها اشتهر في الآفاق، قوله في مطلعها: لو كنت حين سلبت طيب رقادي عوّضت غير مدامعٍ وسهادِ أعلمت يا بينُ الأحبة أنهم قبل التفرّق أعنفوا بفؤادي إذ جاء نضمهُ لها متوافقًا مع طريقةِ عمودِ الشعرِ، فقد قدّم لغرضه بمقدّمة ذكر الطيف والتحسّر والتّوجّع، التي جاءت بمعانٍ سهلةٍ ومحفِّزةٍ، حتى نصل إلى غرض القصيدة، الذي بدأها بالحديث عن غدر الزمان بأهل البيت "عليهم السلام"، ثم اتّجه للحديث عن سيد الشهداء الإمام الحسين "عليه السلام"، وعن بسالته في مواجهة الأعداء من جيش بني أميّة عليهم اللعنة: صبرا على مضض الزمان فإنما شيم الزمان قطيعة الأمجادِ نصبت حبائله لآل مُحمّد فاغتالهم صرعى بكلّ بلادِ وأباد كلّ سميدعٍ منها ولا مثل الحسين أخي الفخار البادي العالِم العلم التقيّ الزَّاهد الوَ رِع النّقيّ الرَّاكع السَجّادِ خوّاضِ ملحمةٍ وليثِ كريهة وسحابِ مكرمةٍ وغيثِ إيادِ لم أنسَ وهو يخوض أمواج الردى ما بين بيض ظبىً وسمر صعادِ يلقى العدى عطلاً ببيض صوارم هي حلية الأطواق للأجيادِ ثم يسترسل الشاعر في وصفِ بطولةِ سيّدِ شبابِ أهل الجنة وبسالته، وهو يحصدُ الظالمين حصدًا، غير منتظر لمُعجزةٍ من السماء، فقد كان هو "عليه السلام" المعجزة: حتى شفى غلل الصوارم والقنا منهم وأرقدهم بغير رقادِ فتخال شهب الخيل من فيض الدما ما بين شقر في الوغى وورادِ ثم يُسلم المولى "عليه السلام" نفسَهُ، لقدرِ اللهِ وقضائِهِ: بأبي أبي الضيّم لا يعطي العدى حذر المنية منه فضل قيادِ بأبي فريداً أسلمته يد الردى في دار غربته لجمع أعادي حتّى هوى ثبت الجنان إلى الثرى من فوق مفتول الذراع جوادِ لم أدر حتّى خرّ منه بأنّها تهوى شواهق من متون جيادِ ويصوّر لنا الشاعر رأس سيّد شباب أهل الجنّة وهو فوق الرمح، يتلو القران الكريم بقوله: يا رأس مفترس الضياغم في الوغى كيف انثنيت فريسة الأوغادِ يا مخمداً لهب العدى كيف انتحت نُوَب الخطوب إليك في الإخمادِ حاشاك يا غيظ الحواسد أن ترى في النائبات شماتة الحُسّادِ لهفي لراسك وهو يُرفعُ مُشْرِقاً كالبَدْرِ فوق الذابل الميَّادِ يتلو الكتاب وما سمعتُ بواعظٍ تخذ القنا بدلاً عن الأعوادِ والقصيدة طويلةٌ جدًا وفيها من المعاني المُحزِنَةِ الشَجِيّةِ الشيء الكثير، وللشاعر ِ قصيدةِ داليّةٍ أخرى، قالها في مديحِ الإمامِ الحجةِ بن الحسن المنتظر "عَجّل اللهُ فَرَجَهُ"، يقول فيها: إليكم بني الزهراء أمّت مغذةٌ عرابُ المهارى والمسوّمةُ الجردُ فيا بن النبي المصطفى وسميه ومن بيديه الحلُّ في الكون والعقدُ إليك حثثناها خفافا عيابها على ثقةٍ أن سوف يوقرها المجدُ وجئتكمُ والدّهرُ عضّت نيوبه عليّ وعهدي وهي عندكم وردُ فكن لي يا إسكندر َالعصر معقلاً وكهفًا يكنْ بيني وبين الرّدى سدُّ وفي النفس حاجاتٌ وعدتم بنجحها وقد آن يا مولاي أنْ يُنجز الوعدُ فدونكها فضفاضة البُرد ماسها لنعتك (بشّارٌ) إليها ولا بُردُ على أنها لم تقضِ حقّاً وعذرها بأن المزايا الغرُّ ليس لها حدُّ وذكر الشيخ محمد علي اليعقوبيّ هذه القصيدة في كتابه (البابليّات)، وهي طويلة بعض الشيء، ومشتملة على كثير من المعاني الجميلة، التي تنبض حُبًّا وولاءً لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).

صور من الموضوع ...

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7602320073
00964-7601179478
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
turathhi@gmail.com

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...