شخصيات
سلمان البرَّاك (1880م ـــ 1949م) أوَّل وزير حِلِّيّ في تاريخ العراق

هو سلمان بن برَّاك بن جنديل بن خدَّام بن عبد نوح بن جمعة بن داود بن مساعد السلطانيّ، عُرفت أسرته بـ (آل البرَّاك)، نسبة إلى جدِّه جنديل، إذ يُروَى أنَّه أيّنما حلَّ كان الحظُّ رفيقه، فلُقِّب بـ(أبي البركات)، وهناك روايات أخر تُشير إلى سبب تسمية هذه العائلة بهذا الاسم. وُلِد سلمان البرَّاك عام(1880م) في منطقة الشوملي التابعة للواء الحلَّة، وتربَّى في كنف أسرة عشائريَّة لها وجاهتها بين العشائر؛ لأنَّ أباه كان شيخ عشيرته، فنشأ تحت ظلِّ والديه وكان في نفسه ميلٌ لتحصيل العلم، فذهب إلى الحلَّة؛ لإكمال دراسته في المدرسة الرشديَّة، ثمَّ ذهب بعدها إلى عاصمة الدولة العثمانيَّة؛ لمواصلة العلم هناك؛ لأنَّ التعليم كان في ولايات العراق لم ينضج بعد، وهنا تعرَّف على عبد المحسن السعدون(1879م ـــ 1929م). لمع نجم البرَّاك بين أوساط الحِلِّيِّين بعد عودته من إسطنبول واشتغاله بدائرة النفوس التي كانت تُعَدُّ من الوظائف الكبيرة في العهد العثمانيّ، وخصوصًا بعد دخول الإنكليز، فقد قدَّم البرّاك استقالة من هذه الوظيفة؛ لكيلا يتعاطى راتبه من الإنكليز باعتباره حرام، والذي زاد في سمعته خيرًا هو اشتراكه بثورة العشرين، إذ كان أحد قادة هذه الثورة؛ بفضل ثقة الناس به، حيث اتخذ من بيته في محلَّة الورديَّة منطلقًا للثوَّار، وقد قصفت الطائرات البريطانيَّة الحربيَّة ذلك البيت وأحرقته، وأُطلِق على ذلك البيت فيما بعد (البيت المحروق) وعُرف بهذا الاسم في أوساط الحلِّيِّين، وكان سلمان البرَّاك يُلقَّب بـ(سلمان أفندي البرَّاك)؛ لاشتغاله بالوظائف الحكوميَّة، لكنَّه بعد عام(1922م) تقلَّد رئاسة عشيرته بعد وفاة أخيه الأكبر دليمي فأصبح يُلقَّب بـ(شيخ سلمان البرَّاك). في(27/3/1924م) افتتح الملك فيصل الأوَّل المجلس النيابيّ التأسيسيّ، ويعدُّ هذا التأريخ يومًا مشهودًا في تاريخ العراق الحديث؛ لأنَّه أوَّل مجلس نيابيّ منتخب، وكان في هذا المجلس ستة نوَّاب من لواء الحِلَّة أحدهم البَرّاك، وكانت أولَى مهام هذا المجلس هي المصادقة على الاتفاقيَّة العراقيَّة ــ البريطانيَّة لعام (1922م)، وقد انقسم أعضاء المجلس على قسمين بإزاء هذه الاتفاقيَّة، مِنهم مَن رآها تعارض مصلحة البلد وتجعله رهنًا لمصلحة بريطانيا، ومِنهم مَن تأمَّل فيها الخير؛ لأنَّها تأخذ بيد البلد نحو الصواب من حيث الاتكاء على دولة قويَّة كـ(بريطانيا)، وكان البرَّاك مِن مؤيدي هذه الاتفاقيَّة، وقد عرَّضه هذا التأييد لمحاولة اغتيال في إحدى ساحات بغداد مع الشيخ عدَّاي الجريان أحد أعضاء مجلس النواب في (20/4/1924) من قِبل مجهولين. شارك البرَّاك في عشرة دورات لمجلس النوَّاب العراقيّ منذ تأسيسه عام (1924م) وحتَّى وفاته سنة (1949م)، ما عدا الدورة السابعة للمجلس؛ لأنَّه كان يظنَّها غير شرعيَّة؛ حيث جاءت هذه الدورة عن طريق الثورة المسلَّحة التي قام بها بكر صدقي، وعلى أثرها قامت وزارة حكمت سليمان، وكان للبرّاك حضورٌ فعَّال في مجلس النوَّاب، وعُدُّ من الشخصيَّات المؤثِّرة ذات الكفاءات العالية، ففي عام(1934م) شغل البرَّاك منصب نائب رئيس مجلس النوَّاب، وفي عام(1943م) شغل منصب رئيس الوزراء نيابةً عن نوري باشا السعيد؛ لسفرٍ طارئٍ حصل له إلى القدس، وفي عام(1944م) شغل وزارة الدفاع نيابةً عن نوري السعيد؛ لسفر طارئٍ كذلك حصل له إلى القدس أيضًا؛ لأنَّ نوري السعيد كان يشغل منصب رئيس الوزراء ومنصب وزير الدفاع، فأُسند منصب رئاسة الوزراء إلى توفيق السويدي رئيس مجلس النوَّاب، وأسند منصب وزارة الدفاع إلى سلمان البرَّاك، هذا إلى جانب منصب وزير الري والزراعة الذي كان قد شغله في عدَّة وزارات منها: وزارة عبد المحسن السعدون من (14/1/1928م ـــ 20/1/1929م)، ووزارة توفيق السويدي من (28/4/1929م ــ 1/10/1932م)، كما شغل البرَّاك منصب وزير الاقتصاد في وزارة نوري السعيد السابعة من (8/10/1942م ــ 25/1/1943م)، ووزيرًا للري والزراعة في وزارة نوري السعيد الثامنة من (25/12/1942م ــ 3/6/1943م). أمَّا عن بعض انجازات النائب والوزير سلمان البرَّاك، فإنه قام ببناء ناظمين أحدهما على شطّ الديوانية، والآخر على شطّ الدغَّارة في عام (1928م)، وإنشاء سد ديالى الثابت، (1929م). عُرف عن البرّاك أنَّه من الداعين إلى التقارب العربيّ، وإلى التجنيد الإلزاميّ، ومن الداعمين للعشائر العراقيَّة، ومن المراعين لأحوال الفلاحين والمزارعين، وتخفيف وطأة الحياة عليهم، ومن المنتقدين للقرارات التي تسقط البلد في الهاوية.