شخصيات

د. نعمة العزّاويّ من روافد الفكر الحِلِّيّ

د. نعمة العزّاويّ من روافد الفكر الحِلِّيّ

لقد اعتنى أهلُ الحلّة بالعلم لما له من أهميّةٍ بالغةٍ في حياةٍ المجتمعاتِ، لأنَّه يساعد في النهضة الثقافيَّة، ويساهم في رقيّ الشعوب، وكان للأندية الأدبيّة في الحِلّة على مدى حقبٍ عديدةٍ تأثيرٌ قويٌّ في نموّ الفكر والثقافة حتَّى سمت هذه المدينة في آفاقه وأشار لها الزمن بالبنان، وكان الطلبة آنذاك يتلقّون الدروس في المساجد والحسينيّات والبيوت على شكل حلقات، وشهدت إقبالًا لا نظيرَ له، واتسعت هذه الحلقات ممَّا دعا إلى البحث عن أماكن أوسع لاستيعاب أعداد التلاميذ المتزايدة، وكانت تلك الأماكن الشريفة تسمّى بالكتاتيب، وازداد عددها، وكان الملالي فيها يبذلون جهودًا كبيرة حرصًا منهم على إيصال المعلومة إلى التلاميذ، وإنَّ السهم الأكبر في نضوج أفكار المتعلّمين هو الاعتماد الكلّي على كتاب الله العزيز، والفقه والعقائد والمنطق و..، ومن ثمّ الحساب، إلى آخر المناهج التعليميّة الأخرى، إلى أن تزايد عدد المدارس الحكوميّة، وقد شهد العصر العثمانيّ حركة بدائيّة كبيرة نوعًا ما؛ لافتتاح عدد من المدارس، وكانت الحلّة تسابق الزمن لنشر الأدب فضلًا عن العلم اللذين ارتقت بهما إلى مصافي الحضارة، وهكذا نمت الحياة الحِلّيَّة، وقد نبغ فيها عدد كبير من الأدباء والمفكرين، منهم: الدكتور نعمة رحيم كريم العزاويّ. الذي ولد في الحِلّة محلّة المهديّة سنة 1355هـ/ 1936م، ونشأ فيها ودخل الكتاتيب ثمّ انتظم في مدارسها فكانت محطّته الأولى المدرسة الشرقيّة للبنين، ثمّ متوسطة الحِلّة للبنين، وقبل أن يكمل دراسته الثانويّة كانت قد استهوته اللّغة العربيّة وبلاغتها، وكانت له رغبة شديدة في أن يصبح خطيبًا للمنبر الحسينيّ، وكان يرتدي الزيّ العربي (الكوفيّة والعقال) ويعتلي المنبر ويقرأ المقدمة وينطلق بأبيات شعر من خيرة الشعر العربيّ، وهذا يحدث قبل أن يقرأ الشيخ محاضرته الدينيّة. وبعد إكماله دراسته الثانويّة في الحِلّة سنة 1955م التحق بدار المعلّمين العالية (كليّة التربية) جامعة بغداد وتخرّج في قسم اللّغة العربيّة سنة 1958م، وعمل منذ تخرجه في التعليم الثانويّ، فكان أحد أساتذة اللّغة العربيّة في إعداديّة الحلّة للبنين، وفي سنة 1965م أصبح معاونًا لمدير تربية بابل، وفي سنة 1968م سافر إلى المملكة العربيّة السعوديّة؛ ليعمل أستاذًا للّغة العربيّة في جامعة الرياض حتَّى سنة 1971م، وبعد عودته منها نُقلت خدماته فصارَ أحد أساتذة النحو في جامعة بغداد كلّية (التربية ابن الهيثم)، ثمّ عاود الدراسة مرة ثانية فقبل في كلّية الآداب جامعة بغداد على دراسة الماجستير في اللّغة العربيّة التي أكملها سنة 1974م، وكانت رسالته(أبو بكر الزبيديّ الأندلسيّ وآثاره في النحو)، وفي الكلّية نفسها حصل على شهادة الدكتوراه عن أطروحته (النقد اللغويّ عند العرب حتَّى نهاية القرن السابع الهجريّ)، وبعد الدكتوراه أشتغل المرحوم العزّاوي (رحمه الله) مباشرة في ديوان وزارة التربية وشغل عدّة وظائف علميّة منها مدير المناهج والكتب، وعميد معهد تطوير تدريس اللّغة العربيّة، وهاتان الوظيفتان أتاحتا له التعرّف على المناهج الدراسيّة ونقاط ضعفها، وكيفيّة تأليفها وتطوير هذا المعهد بما يقرّب اللّغة العربية من أبنائها وبما يبصّر معلّميها ومدرّسيها بالجديد والمستحدث من طرائق تدريس اللّغات، ولا سيّما اللّغة العربيّة، وبهذا فتحت له آفاقًا رحبة، ترجمها إلى منجزاتٍ علميّةٍ، ومشاريع تربويّة ذات علاقة بالتأليف اللّغويّ وطرائق تدريس العربيّة، فأصبح له تخصّص أخر زيادة على تخصّصه في أصل اللّغة وآدابها، وفي عام(1987م) نُقل إلى جامعة بغداد وعُيّن تدريسيًّا في كلّية التربية (ابن رشد) وحصل على درجة الأستاذيّة عام 1995م واختير عضوًا في دائرة علوم اللّغة العربيّة في المجمع العلميّ العراقيّ، وعضوًا في لجنة المصطلحات في المجمع المذكور وعمل خبيرًا في وزارة التربية ومديرًا للمناهج والكتب فيها ". لقد شارك العزاويُّ في العديد من المؤتمرات العلميّة والأدبيّة داخل القطر وخارجه. وذكره الناقد مهدي شاكر العبيديّ في مؤسّسة النّور للثقافة والإعلام: " كان العزاوي عضوًا في اللّجنة الوطنيّة للعناية باللّغة العربيّة، وعضو اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيِّين، واشتغل خبيرًا في المجمّع العلميّ العراقيّ وكانت له آراء في تدريس الإنشاء وكتابة المقالة وكان يدعو إلى التجديد في النحو العربيّ ". كما نشرت مجلّة "بلادي اليوم" تقريرًا عن دوره في حماية اللغة العربيّة والذود عنها. وذكر الدكتور إبراهيم العلاف في مدونته الثانية: " كان العزّاوي رحمه الله حارسًا للّغة العربيّة مصوّبًا ومُدقّقًا.. ولد في الحِلّة سنة 1936 وتوفي ببغداد 2011 وكان لغويًّا متميّزًا وخبيرًا للّغة في وزارة التربية وأستاذًا في جامعة بغداد، ألّف كتبًا عديدة منها: (الزبيدي وآثاره في اللّغة والنحو) و(زكي مبارك: سيرته الأدبيّة والنقديّة)، و(الزيات كاتبًا وناقدًا)، وقبيل وفاته أصدر كتابين مهمّين هما: (مقالات في اللّغة وتعليمها) و(فصول في اللّغة والنقد)، وله أيضًا كتاب بعنوان (مظاهر التطوّر في العربيّة المعاصرة)، رحم الله الأستاذ الدكتور نعمة رحيم العزّاوي وجزاه خيرًا على ما قدّم لوطنه ولغته ". ومن مؤلّفاته التي ذكرها د. صباح نوري المرزوك في (معجم المؤلّفين والكتّاب العراقيّين): " (أبو بكر الزبيديّ الأندلسيّ وآثاره في النحو واللّغة)، أصلها رسالة الماجستير: كلّية الآداب ـ جامعة عين شمس ـ القاهرة 1970)، و(أثر بعض العوامل في لغة التدريس): و(تقويم تجربة التكلّم باللّغة العربيّة الفصيحة)، و(الاستعداد وتهيئة الطفل للقراءة والكتابة)، و(الإملاء: قواعده ومشكلاته وتطويره وتعليمه)، و(البطاقات وأهميّتها في تعليم اللّغة العربيّة)، و(التطبيق النحويّ لمعلميّ اللّغة العربيّة - مرحلة الابتدائيّة -)، و(تعليم القواعد)، و(تدريبات لغويّة)، و(زكي مبارك: سيرته الأدبيّة والنقديّة)، و(طريقنا الوحدة والفروع في تعليم اللّغة العربيّة)، و(في حركة تجديد النحو وتيسيره في العصر الحديث) و(القراءة في الصفوف العليا من المرحلة الابتدائيّة)، و(مرشد المعلّمة للثقافة العامَّة للنساء، مرحلة التكميل)، و(مظاهر التطور في اللّغة العربيّة ـ الموسوعة الصغيرة)، و(مقالات في أثر الشعوبيّة في الأدب العربيّ وتاريخه، و(من معجم ابن حيان التوحيديّ)، و (من قضايا التعليم اللّغة العربيّة ـ رؤية جديدة)، و(النقد اللّغوي بين التحرّر والجمود)، و(النقد اللغويّ عند العرب حتى نهاية القرن السابع الهجريّ ـ اطروحة الدكتوراه ـ). ومن المقالات: (الاستشهاد في النحو)، و(تصويب ما وقع من تصحيف وتحريف في كتاب (الاستدراك على سيبويه للزبيديّ)، و(الجملة العربيّة في ضوء الدراسات اللّغويّة الحديثة)، و(الجهد النقديّ في أمالي الشريف الرضيّ، و(الجهد اللّغويّ في أمالي الشريف والمرتضى)، و(حركات الإعراب، و(دفاع عن النحو العربيّ)، و(ديوان حيص بيص ج1 تحقيق: شاكر هادي شكر، ومكي السيِّد جاسم نقد)، و(طه الراوي اللّغويّ النحويّ المجمّع العراقيّ)، و(ظواهر لغويّة في عامّية العراق التراث الشعبيّ)، و(القافية في التراث النقديّ)، و(لغة الشعر عند أبي تمّام)، و(المباحث النقديّة)، و(المعجم العربيّ القديم والمدونات الأدبيّة، كتاب مثالب الوزيرين أنموذجًا)، و(ملامح من العربيّة القديمة)، و(مناهج التصويب اللّغوي) وغيرها. أمّا كتابه (مقالات في اللّغة وتعليمها) الذي صدر عن دار الفراهيدي للنشر والتوزيع فقد عالج فيه محورين كبيرين من محاور المعرفة هي اللّغة ومحور تعليمها، كما ضمّ ما بقي من مقالات لم تنشر في كتابه الموسوم (فصول في اللّغة والنقد) وهي: أخطاؤنا في تعليم لغتنا ما وراء الأفق(المصطلح النحويّ الدراسيّ)، أسئلة اللّغة العربيّة في الامتحانات العامّة للدراسة المتوسّطة، هموم لغويّة، قراءة لغويّة في قصّة عراقيّة قصيرة، أسُس عامة نحو إصلاح تعليم اللّغة العربيّة، لغة الكتابة في الدواوين الرسميّة، منطق النحو ومنطق الطفل، دور الحفظ في التربية اللغويّة، القوالب اللغويّة، ليس حلمًا، من دلائل النهوض اللغويّ، نحو المتكلّم ونحو النحويّ، رسالة الخطاط اللغويّة، السليقة اللغويّة، تحقيق لغويّ في أساليب المعاصرين، فهو يحرص على أن يزاوج بين القديم والحديث, ولا يقف موقفًا منحازًا إلى أحدهما, ولا أن يكون تقليديًّا في فهمه للموروث كما وجدنا غيره من أساتذتنا، ستجده في هذا الكتاب وفي غيره من كتبه, ناقدًا, ومجددًا, وميسرًا, ومقترحًا, وداعية إلى الأخذ بأيسر السبل وأصحّها في تعليم اللّغة العربيّة, والعزوف عمّا لا ينفع من نحوها ". أحيل العزّاوي على التقاعد نهاية عام 2008م. توفي يوم 20/9/2011م في25 شوال موافقة لذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام إثر جلطة دماغيّة بعد ثلاثة أيام قضاها في غيبوبة في مستشفى الكاظميّة ببغداد.

صور من الموضوع ...

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7602320073
00964-7601179478
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
turathhi@gmail.com

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...