متاحف
الازياء الشعبية في الحلة

تتباين وتختلف الازياء الشعبية بين بلد وآخر وربما بين مدينة وأخرى ولأن المجتمع الحلي تأثر كثيرا بالمجتمعات التي هاجرت إليه ، فالحلة هي وريثة مدينة بابل العظيمة صاحبة الحرف الاول والعجلة الاولى في التاريخ كل ذلك جعل هذه المدينة ان تكون المبتكرة الاولى لكثير من الازياء الشعبية ولتصدرها لمدن العراق الاخرى وهذا ما تلاحظه في هذا البحث . الأزياء الرجالية: الزبون (الصاية): والآثار القديمة تشير الى ان الملك حمورابي كان من المهتمين بلبس (الصاية ) وكذلك الملك الكيشي مليشيخو (حوالي 1191-1177 ق م) الذي ظهرت صورته في إحدى الالواح الطينية وبعض المجسمات مرتديا (الصاية) هو والملك الكيشي مليشيخو ، وبمرور الوقت وتعاقب الحضارات على العراق وصولا الى تمصير الحلة في عام 495 هـ ، ولكون الحلة هي وريثة تلك الحضارة العظيمة حافظ الحليّون على التمسك بموروثهم وازيائهم ومنها (الصاية) لتصبح سمة ورمزاً شعبيا لزي أهل المدينة ومن ثم انتشاره إلى بقية مدن العراق وعموم الجزيرة العربية والبلدان المجاورة . زي بابلي الاصل حلي الانتشار منذ القدم ومن الازياء التي ورثتها مدينة الحلة من حضارة بابل الكبرى الزبون (الصاية ) كما تسمى في اللهجة العامية لأهل الحلة فهي بابلية الاصل حلية الانتشار حيث اسهم اهل مدينة الحلة في انتشار هذا الزي التراثي إلى كل مدن العراق الأخرى . إن شكل الزبون (الصاية) هو نفسه الموجود حالياً وهو عبارة عن ثوب طويل مفتوح من الامام وغالبا يكون بدون اكمام وهو عبارة عن صدرين وظهر يلتف صدر الثوب الأيمن على الصدر الايسر وليس العكس وذلك لتفضيل وشرفية الجهة اليمنى على اليسرى او اليمين عل اليسار وهذا ما نلاحظه في كل الموروثات القديمة عموما والاسلامية والعربية خصوصاً. ان التمسك والاستمرار والتواصل مع هذا الزي الذي يخص الرجال دليل تجذر العلاقة بين الحاضر والمستقبل، ودليل اهتمام أهل المدينة بموروثهم القديم الذي يمثل رمزا وسمة تدل على تلك الحضارات الانسانية العظيمة . وما زال اهل الحلة يتميزون بخياطة الزبون (الصاية ) عن غيرهم فإنهم يحسنون صنعتها ويفتخرون بابتكار اجدادهم لهذا الزي الشعبي المهم. العباءة الرجالية:- وهي من الازياء الشعبية المهمة في الحلة وخاصة العباءة الصيفية حيث تشتهر الحلة بحياكة العباءات الصيفية ، وكانت تصنع عادة من الصوف ،وكذلك اشتهرت الحلة بجودة غزولها حتى صارت الحلة تصدر الاصواف المغزولة إلى كل مدن العراق وخاصة مدينة النجف. وامتازت الحلة بجودة تلك الغزول حتى سميت بالغزول الحلية والعباءة الصيفية تكون غالية الثمن وذلك لصعوبة صناعتها وكلما كانت العباءة ذات غزل رفيع ارتفع سعرها وتقاس جودة العباءة بناء على خفة وزنها فمنها ما يسمى (ام النص ) اي نص كيلو و(ام الربع) اي ربع كيلو وهكذا , والعباءة هي عبارة عن قطعة رداء مفتوح يوضع على الاكتاف ويزين بجانبيه من ناحية الصدر بالتطريز والنقوش بخيوط البريسم ومنهم من يزين تلك العباءات بخيوط البريسم المذهبة وهذا ما يلبسه الناس في شمال بابل أما مدينة الحلة عموما فأن عباءاتهم تكون نقوشها أو تطريزها أو (درجها ) من نفس اللون .والعباءات الرجالية غالباً ما تكون من الاقمشة السميكة هي أقل سعرا ً من العباءات الصيفية . العقـــــال من غير الممكن أن يكون للزي العربي سمة مميزة كاملة دون وضع العقال الذي عادة ما يتوج به الرجال رؤوسهم بعد وضعه فوق الكوفية أو ما يسمى حالياً باليشماغ وهي قطعة من القماش أما ان تكون بدون نقوش او ذات نقوش توضع على الرأس، وبالنسبة لليشماغ الفراتي والحلي فيكون عادة ذا لون أبيض تزينه النقوش السوداء وهذا ما يسمى باليشماغ الفراتي . تعددت الآراء عن اصول وأسباب ارتداء هذا الملبوس الذي تفرد به العرب بعدما كان رجالهم يرتدون العمائم ، ولكن بعد ذلك صار العقال هو الزي الاكثر شيوعا في العراق والجزيرة العربية , فمنهم من قال إن أول من لبسه هم العقلاء فلذلك نسبت تسميته لهم ومنهم من قال إن اصل العقال هو أن اهل البادية في السابق كانوا يضعون رباطا او حبلا فوق رؤوسهم يستخدمونه لربط أبلهم او عقرها ،(عقلها) به ساعات راحتها ، فسمي ذلك عقالا نسبة لذلك ثم بعد ذلك صار جزءاً من زيهم الذي يفتخرون به ، وقسم آخر يقولون بأن اصل ومعنى العقال جاء من اصول بابلية قديمة وان أول من لبسه صيادو الاسماك حيث كانوا يضعون شباك صيدهم فوق رؤوسهم وهذا ما يشابهه فعلاً اليشماغ في وقتنا الحاضر ويضعون فوق رؤوسهم الحبال ليصبح الشكل كاملاً وهذه كلها آراء في الحقيقة لم تثبت مدى مصداقيتها ، وهناك آراء أخرى حول تسمية وأصل العقال . رغم كل ذلك صار العقال رمزاً وزياً وشعاراً يشير الى هويتهم الاصلية التي يفتخرون بها بين الاقوام . وللعقال أنواع واشكال وألوان عديدة يكاد كل بلد وكل مدينة او قرية او عشيرة ما يميزها عن الاخرى بشكل ونوع العقال حتى صارت العشائر تفتخر بنوعية وشكل عقالها و حتى صار سمة مميزة تعرف به المدن والعشائر , وأذكر حادثة أبان الحكم العثماني أرادت السلطة العثمانية أن تعاقب بعض العشائر العراقية بمنع رجالها من لبس العقال وهي عملية إذلال لهم فانتفضت جميع العشائر وقامت بمظاهرات عارمة مرددين المقولة أو الهوسة (يعكال مسويلك هيبة) وأمام تلك الضغوطات أضطرت الحكومة العثمانية الى التراجع عن قرارها التعسفي وترك ذلك الأمر لأنه يمس بكرامة وحرية الناس .وللعقال أنواع وأشكال عديدة فمنها :- 1.عقال المكصب :- وهذا يكون عادة مصنوعاً من الحرير الخالص ومطعماً بخيوط الذهب وغالي الثمن وكان يلبسه الأعيان والأمراء وكبار التجار، وفي الحلة تفرد بلبسه المرحوم الحاج (عبد الرزاق مرجان) 2.عقال اللف :- وهذا العقال نادر حيث اختص بلبسه بعض اعيان الحلة والنجف وبغداد وهو على نوعين ذي طبقة واحدة أو ذي طبقتين ثم انقرض هذا العقال في خمسينات القرن الماضي وكان يلبسه في الحلة المرحوم الحاج احمد الشيخ علي شعابث . 3.العقال الاسود:- وهو من الانواع الشائعة ويصنع عادة من صوف الاغنام او شعر الماعز ويكون بعدة اشكال وانواع فمنه السميك ومنه الرفيع ومنه ما جعل له خيوطا ظاهرة لما يسمى (أبو الشعراية ) وهكذا فأن لكل مدينة او قبيلة او عشيرة عقالها الخاص بها وهذا العقال هو الشائع الآن في مدينة الحلة وعشائرها دون سواه. 4.العقال الابيض:-وهو مصنوع من وبر الجمال او الصوف ولونه ابيض وربما يميل الى الصفرة أحيانا وهو لباس اهل الصابئة الميدانيين وبعض العشائر في المنطقة الغربية من العراق. 5.العقال الاحمر:- وهو كذلك مصنوع من الصوف ولونه يميل الى الحمرة واقتصر لبسه على بعض اعيان وشخصيات العراق وفي الحلة تفرد بلبسه الوجيه (اسطة جابر الخفاجي ). وهناك الوان اخرى مثل الاخضر والاصفر وهذه كانت مقتصرة على بعض الناس . وان العقال الاسود بأنواعه واشكاله هو الاكثر شيوعا وانتشارا ولا زال محافظا على ذلك . بعد التطور الذي عم الحياة في العراق واتساع المؤسسات الحكومية بالعمل والنهضة المدنية عموما انحسر لبس العقال وذلك لظروف العمل الشاق ومتطلباته ولان لابس العقال يحتاج الى التوازن في الاداء منع لبس العقال بين موظفي الدولة ولكن ظل عند عامة الناس زيا تراثيا مهما يعبر عن هويتهم العربية الاصيلة وان لم يلبسوه في دوائرهم واماكن عملهم ولكنه زيهم الذي يحافظون على ارتدائه في المناسبات العامة والخاصة تعبيرا منهم على حفظ تراثهم والتمسك به . الكشيدة :- وهو ملبوس يوضع على الرأس وهو عبارة عن طربوش أحمر يزين في نهاية من جهة الرأس بقطعة قماش صفراء ، وهذه علامة عامة الناس أما إذا كانت قطعة القماش خضراء فإنها دلالة إن صاحبها هو من السادة نسل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم )وعادة تلبس الكشيدة من قبل التجار والمتدينين وإن آخر من لبس الكشيدة في الحلة هو السيد (حمد وتوت) الذي توفى قبل سنوات قليلة. السدارة :- وهي ملبوس يوضع على الرأس وإن اصلها هو من افغانستان وقد دخلت العراق بدايات القرن المنصرم وإن أول من أدخلها هو الملك فيصل الاول وبع ذلك سميت بالفيصلية نسبة له ولبسها الكثير من الشخصيات وعوام الناس وكذلك استخدمت كلباس رسمي في العسكرية والشرطة العراقية آنذاك. تلك اهم الأزياء الشعبية في مدينة الحلة ولكن هناك الكثير من الازياء التي كانت شائعة مثل الدشداشة والدميري والقميص والصدرية وغيرها كانت وإلى وقت قريب تمثل رمز وهوية المجتمع الحلي . ازياء النساء 1.الدشداشة :-وهو ثوب المرأة التي تستخدمه في البيت وهو شبيه بالثوب التقليدي الحالي الى حد كبير . 2.الشيلة او الفوطة:- وهي عادة قطعة من قماش البرسيم وكانت تسمى بالبرسيمة أحيانا نسبة لذلك وهي سوداء اللون تلف المرأة بها رأسها لتحافظ على حشمتها والتزامها بالموروث الديني. 3.العصابة:- وهي قطعة قماش سوداء اللون تعصب بها المرأة رأسها وتوضع عادة فوق الشيلة او الفوطة وهي مصنوعة من مادة البرسيم او الحرير . 4.الـﭽرغد:- وهي قطعة قماش سوداء مصنوعة من البرسيم ومزينة بزوائد(شراشيب) تستخدم كغطاء للرأس أيضا . 5. العباءة :- وهي قطعة قماش كبيرة مصنوعة من الصوف سوداء اللون توضع على الرأس لتغطي الجسم كله وهي في الاصل من ابتكار العراقيين وفي التحديد أيام الحكم العباسي حيث كان شعار العباسيين ورايتهم السوداء ولمكانة المرأة عندهم جعلوا رايتهم السوداء زياً للمرأة الذي تلف جسدها لتحافظ على حشمتها وشرفها حتى لا يتعدى عليها أحد وهي حاملة تلك الراية التي صارت فيما بعد هوية المرأة العراقية والعباءة الحالية هي امتداد لتلك العباءة الصوفية مع بعض التحسينات البسيطة . 6.الجبة:- وهي عباءة عن ثوب مفتوح وله أكمام يشبه إلى حد كبير الصاية او الزبون وهو زي تفرد به رجال الدين وخطباء المنبر الحسيني في مدينة الحلة .