المراقد والمقامات الدينية
مرقد فقيه أهل البيت جمال الدين أحمد أبو الفضائل

فقيه أهل البيت...جمال الدين أحمد أبو الفضائل عالم عامل، سما بالحلة إلى مدارج العلياء وعلا بها، وهب لله نفسه، وللناس علومه، بعد أن إرتوى من الولاء المشرف لآل البيت(عليهم السلام)، فمنّ الله عليه بالذكر المحمود وسعادة الدارين، وأعطته مدينته الخلود. السيد أبو الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي الحسني الحلي، فقيه أهل البيت (عليهم السلام), من أكابر فقهاء الإمامية ومجتهديهم،مصنف مجتهد كان أورع فضلاء زمانه, وكان شاعراً مصقعاً بليغاً منشئاً مجيداً. آل طاووس أسرة كريمة من أشرف الأسر العلمية التي هبطت الحلة من سورا, نبغ فيها علماء فطاحل, ولقبت الأسرةبآلطاووس (( لحسن وجه جدهم جعفر بن محمد وجمال صورته)), والسيد أبو الفضائل شقيق السيد رضي الدين علي بن طاووس (ت 664 هـ)توفي بعد أخيه بتسع سنين, وله أخوان آخران هما شرف الدين، وعزالدين، وحسب ذلك كان لوالده موسى أربعة أولاد كلهم أهل علم وفضل وتقوى وصلاح، ولم يبق من ذريته سوى من كان من عقب أبي القاسم جمال الدين, ففي هذا الجهبذ انحصرت ذرية آل طاووس, وقد نال أبو الفضائل شرف النسب، وطيب الأرومة، والعلم، والفقه، والشعر، والرجال، والأدب، والزهد، والتعفف، ودقة الفهم، وسرعة الخاطر، ونباهة البال، وحصافة الرأي، ورجاحة العقل، وشدة الورع، وحسن الحلم، والشجاعة، والسخاء، والتواضع، ونكران الذات، وصدق اللهجة، ونباهة الذكر، ماجعله حرياً بأن يكون من دعاة الإرشاد وقادة الرأي، وزعيما يليق بالزعامة الروحية والزمانية، ويكفي من فضله أن يكون أول من قسمالحديثإلى أصوله الأربعة المعروفة, الصحيح, والموثق, والحسن, والضعيف , حيث استنبط ذلك من نظره السديد في أحوال رواة الخبر, واختلافهم في العدالة والإيمان والإتقان بعد أن كان المدار قبله على مجرد ورود القرائن أو التصريح،وقد اتبعه العلامة الحلي سنة (726هـ) , في ذلك التصنيف في مؤلفاته وقواه. يذكر شيخنا النوري في خاتمة المستدرك مشايخه الذين تتلمذ عليهم في الحديث، والفقه، والأصول، والرجال،منهم السيد الجليل فخار بن معد الموسوي،والسيد صفي الدين محمد بن معد الموسوي، ومحي الدين ابن أخ ابن زهرة صاحب (الغنية)،وأبو علي الحسن بن حشرم، نص عليه صاحب المعالم، والحسين بن أحمد السوراوي، والشيخ نجيب الدين محمد بن نما الحلي، والفقيه محمد بن غالب نص عليه غياث الدين في فرحة الغري،والسيد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسني، والشيخ يحيى بن محمد بن الفرج السوراوي. للسيد أبو الفضائل، أحمد بن طاووس مؤلفاتكثيرة زادت علىاثنين وثمانين مجلداً من أحسن التصانيف وأحقها،منها :بشرى المحققين في الفقه ستة مجلدات، وملاذ علماء الإمامية في الفقه أربعة مجلدات، وكتاب الكر، والسهم السريع في تحليل المداينة أو المبايعة مع القرض، والفوائد العدة في أصول الفقه، والثاقب المسخر على نقض المشجر في أصول الدين، وكتاب الروح نقضاً على ابن أبي الحديد، وشواهد القرآن، وبناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية، والمسائل في أصول الدين، وعين العبرة في غبن العترة، وزهرة الرياض ونزهة المرتاض في المواعظ، والإختيار في أدعية الليل والنهار مجلد، والإزدهار في شرح لامية مهيار مجلدان، وعمل اليوم والليلة، وحل الإشكال في معرفة الرجال فرغ منه سنة 644 هـ،وله ديوان شعرذكره ولده السيد عبد الكريم في بعض إجازاته، وكتاب إيمان أبي طالب(عليه السلام) ذكره في بناء المقالة العلوية . ومن أشهر من تتلمذ عليه وروى عنه : الشيخ آية الله العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، والشيخ الحسن بن داود الحلي, صاحب كتاب الرجال، والسيد عبد الكريم بن طاووس (ولده ) أطراه الكثير من العلماء الأعلام منهم تلميذه الحسن بن داود (كان حياً سنة 707هـ) في كتاب (الرجال) إذ قال: هو فقيه أهل البيت, مصنف مجتهد, كان أورع فضلاء عصره, وكان شاعراً مصقعاً منشئاً مجيداً له اثنان وثمانون كتاباً من أحسن التصنيف وأحقها، وقال الحر العاملي (ت 1101هـ) في أمل الأمل أنه كان : عالماً فاضلاً صالحاً, زاهداً عابداً, ورعاً فقيهاً, مدققا, وثقة ثقة, شاعراً جليل القدرعظيم الشأن, من مشايخ العلامة الحلي، وقال عنه المحدث النوري (ت 1320 هـ): هو أول من نظر في علم الرجال وتعرض لكلمات أربابها في الجرح والتعديل وما فيها من التعرض وكيفية الجمع في بعضهما، وقال الأمين العاملي (المتوفى سنة 1371هـ) في أعيان الشيعة: كان مجتهدا, واسع العلم , إماما في الفقه وأصول الدين وأصول الفقه, والأدب والرجال, ومن أورع فضلاء أهل زمانه وأتقنهم وأثبتهم وأجلهم، وكذلك ترجم له الأفندي في الرياض: السيد السند الجليل المعروف بابن طاووس، والعلامة البحراني في لؤلؤة البحرين وذكر جملة من أساتذته وتلامذته وآثاره وما قيل فيه, والخوانساري في روضات الجنات:السيد الجليل , الفاضل الكامل, وترجم له الزركلي في الأعلام:من فقهاء الإمامية ومحدثيهم,لقبه بعض المؤرخين بفقيه أهل البيت, له شعر وعلم وأدب وهو مصنف مجتهد, وترجم له السيد الخوئي في معجم رجال الحديث وذكر آراء العلماء فيه, وترجم له المحقق جعفر سبحاني: كان من أكبر فقهاء الإمامية ومجتهديهم عالماً بالحديث ورجاله,متكلما,أدبياً, شاعراً مجيداً مصنفاً, وهو أول من قسَم من علماء الإمامية الحديث إلى أقسامه الأربعة المشهورة ، وقال ابن عنبة في كتابه عمدة الطالب : جمال الدين أبو الفضائل أحمد العالم الزاهد المصنّف، ووصفه الشهيد الثاني قائلاً: "كان مجتهداً واسع العلم، إماماً في الفقه والأدب والرجال. جاء في آخر كتابه بناء المقالة الفاطمية عدة مقطوعات شعرية نذكر منها هذه الأبيات التي قالها عند توجهه إلى مشهد أمير المؤمنين (عليه السلام): أتينا تباري الريح منا عزائم إلى ملك يستثمر الغوث آمله كريم المحيا ما أظل سحابه فأقشع حتى يعقب الخصب هاطله إذا آمل أشفت على الموت روحه أعادت عليه الروح فآتت شمائله من الغرر الصيد الأماجد سنخه نجوم إذا ما الجو غابت أوافله إذا استنجدوا للحادث الضخم سددوا سهامهم حتى تصاب مقاتله وها نحن من ذاك الفريق يهزنا رجاء تهز الأريحي وسائله وقال وقد تأخرت سفينة توجه بها إلى زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام): لئن عاقني عن قصد ربعك عائق فوجدي لأنفاسي إليك طريق تصاحب أرواح الشمال إذا سرت فلا عائق إذ ذاك عنك يعوق ولو سكنت ريح الشمال لحركت سواكنها نفس اليك تشوق وحين وقع حريق سنة ( 640هـ)، في المشهد المقدس في سامراء، تصدىالسيد الفقيه جمال الدين أحمد بن طاووسلعمارة المشهد المقدس والضريحين الشريفين, وقال في هذا كلاما بديعا وجمع فيه جزءا نظما ونثرا - ومنه – لا يلزم من الحادث المتجدد قدح في شرف من انظمت هاتيك الأعواد على مقدس جثتيهما بل يكون في ذلك برهان واضح شاهد بجلاليتهما لأن روحي من وقعت الإشارة اليهما خالية من عرصات اللحود ساكنة في حضرة الملك المعبود والشرف التام لجواهر النفوس دون من عداها عند من يذهب إلى وجود معناها... وكان سيدنا جمال الدين مع توليه للنقابة تحصيلاً لتلك الغاية السامية يفيض المعارف الألهية، ويحضَ على الورع ويدعوإلى الإصلاح، ويتهالك دون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. توفّي السيّد (قدس سره) سنة( 673هـ)في مدينة الحلّة، ودفن فيها، وقبره بها معروف مشهور، وقد أرخ وفاته السيد مهدي بحر العلوم بقوله: فقيه أهل البيت ذو الشمائل هو ابن طاووس أبو الفضائل هو ابن موسى شيخ بن داود في (باخع) مضى إلى الخلود يقع مرقده الشريف في محلة الجباويين واشتهر مرقده بـ (محلة أبو الفضائل)، هجر أسمها الأول فلا يعرفه إلاّبعض المعمرين، من الحليين, وله حرم يزار، وقد ألحق بالمزار مسجد للصلاة, ومكتبة باسم الإمام الصادق (عليه السلام) العامرة بالمصادر التاريخية، وكتب الفقه، والتفسير، والأدب وغيرها, وأسست مدرسة فقهية ثم ألغيت، ويؤكد الشيخ القمي: أن جمال الدين صاحب التصانيف الكثيرة المتوفى سنة ثلاث وسبعين وستمئة مدفون بالحلة، وقال الخوانساري : وقبره في الحلة مزار معروف مشهور، وتحرج العامة فضلاً عن الخاصة عن الحلف به كذباً وخوفاً, وتسميه العوام السيد عبد الله, وقد اتخذ الشيخ الفاضل حسن الحلي من المسجد مقاماً له للوعظ والإرشاد وإمامة المصلين للصلاة,وحالياً يرقد بجانب المرقد الشريف أخوه السيد محمد بن طاووس, وقد نقل إلى هذا المكان بعد إزالة حسينية ابن طاووس عند مدخل شارع الإمام علي (عليه السلام) في سنة (1984م)، وقد رثاه الشاعر عز الدين أبو علي الحسن العلوي الحلي بقصيدة مطلعها: رحلت جمال الدين فارتحل المجد وغاض الندى والعلم والحلم والزهد