تاريخ البصرة

جبل سنام .. المعلم التأريخي ام المرفق السياحي ؟

جبل سنام .. المعلم التأريخي ام المرفق السياحي ؟

هناك قول تتناقله الالسن يقول : ( الحياة فقاعة فصورها قبل ان تنفجر ) ولعلنا نحيل هذا الامر هنا الى بعض المآثر والمعالم التراثية والتي ستصلها يد الاصلاح والاستثمار لتجعلها مناطق للسياحة والترفيه والاستجمام ، فتنسخ صورتها ، او تخل بهيئتها ، وقد يؤثر هذا العمل على بصمتها او صورتها المحفوظة في الذاكرة الجمعية ، ولعل هذا الامر سيشمل جبل سنام ذلك المعلم التاريخي الشاخص ، والمأثر التراثي الذي يعد من اهم العلامات التاريخية البارزة في مدينة البصرة ، لاسيما وان علماء الجيولوجيا والآثار يرجحون قيام هذا المرتفع البارز الذي يؤلف ظاهرة طبيعية غريبة ، الى انه حالة تختلف عن طبيعة المنطقة ، نتيجة لظواهر وعوامل جيولوجية . جبل سنام الذي يذكرنا بسنام الجمل ، هو المرتفع الوحيد في المنطقة ، والشاخص الذي يشاكس النظر من خلال اطلالته البائنة التي تعلن عن وجود زاحف ، يثير في دخيلة من يراه فضولا يحثه على البحث والتقصي ، بخصوص هذا النشاز الجميل الذي يتحدى الطبيعة ، ويخاتل الفضاء المنتشر ، ويناور الامتداد الافقي للصحراء ، ليعلن عن قصته التي تجمع بين الحقيقة البعيدة ، والخيال القريب . تقول الاسطورة ان ( سنام ) الجبل الذي كان يسكن الحجاز قد هام بحبيبته (طمية) الجبل التي كانت تجاوره في السكن ، لكنهما انفصلا عن هذه الجبال وغادرا باتجاه الشرق ، حتى وصلا الى منطقة نجد وسط الجزيرة العربية ، لكنما التعب دب بطمية لتعلن عن استسلامها وعدم مقدرتها على مواصلة السير . فغضب سنام وواصل تقدمه بمفرده ، لكنه ندم على تسرع قراره ندما شديدا ، وعاد الى حبيبته مشتاقا اسفا هائما ..والتفت ليراها ، لكن رقبته انكسرت وثبت في مكانه ( هذا ما تقوله الاسطورة والحكاية التي يتناقلها الناس ) . حتى ان اهل الزبير يقولون ان السهول والشقوق التي تحاذي الجبل هي من آثار دموع طمية وحزنها على حبيبها سنام ، وما زالوا يرددون المثل المعروف : ( زعلة سنام على طمية ) . ولا بد لنا ان نميز بين جبل (طمية) الذي يقع في العراق ، وجبل طمية الذي يقع في المملكة العربية السعودية الذي يسمى جبل العشق نتيجة لحادثة اسطورية ايضا حدثت بين جبل طمية وجبل قطن ، وجرى ذلك العشق على السنة الشعراء ، و ذكره امرؤ القيس في معلقته المشهورة : (كأن طمية المجمر غدوة في السيل والاغثاء فلكة مغزل ) . يبلغ طول الجبل الذي يرجح المختصون من انه ظاهرة جيولوجية طوبغرافية 1700متر و1200 متر عرضا و152 مترا ارتفاعا ، ويقع ضمن ما يعرف بصحراء (الدبدبة) ذكره الرحالة والمؤرخون منذ عهد بصرياثا وطريدون التي اسسها الملك البابلي نبوخذ نصر ، والتي يقال انها تجاور هذا الجبل ، كما ذكره العلماء والمؤرخون والشعراء والرواة ..حتى شعراء مدينة الزبير ممن ينظم الاراجيز البحرية واشعار الغوص والنوخذة من امثال الشاعر ابن لعبون وحميدان الشويعر ضمنوه في الكثير من اشعارهم واستشهاداتهم ، وقالوا ان نهر (كري سعدة ) المندرس يتصل به وبقية الشعبان التي تنتشر حوله ، ناهيك من ان السيول القادمة من الغرب والجنوب لطالما مرت على سفوح هذا الجبل وثلمت منه ما ثلمت ، وهي سيول معروفة تتكرر على هذه المنطقة نتيجة ارتفاع المناطق التي تجاورها من الغرب والجنوب ، وبطبيعة الحال اثرت هذه السيول والفيضانات على صورة وشكل الجبل مثلما اثرت عمليات التفجير واعمال ومشاريع الهدم على صخوره ، وما خلفته تفجيرات واصوات الديناميت على معالمه الاساسية ، اذا ما عرفنا ان في فترة الخمسينات والستينات نصبت عليه مقالع ومعامل لجمع وتصدير صخوره الغنية والمتميزة ، حتى ان الدولة ساعدت على هذه المشاريع واقامة سكة للحديد وقطار لنقل هذه الصخور الى محافظات العراق . ولهذه الصخور طبيعة جمالية خاصة هي اقرب الى الرمل المزجج والحجر الملتمع ، والعجيب ان الجانب الشمالي من الجبل يحتوي على صخور ذات لون ابيض وسمائي ، لكن لون هذه الصخور في جنوب الجبل يميل الى السواد والرمادي ، حتى ان بعض عوائل الزبير ما زالت تحتفظ بهذه الصخور والاحجار وتجعلها من ضمن زينة دواوينها ومن مقتنياتها . وهناك امر آخر اثر على طبيعة وشكل هذا الجبل الذي استخدمته القوات العسكرية العراقية وجعلته مرصدا وموقعا عسكريا ومكانا لوحدات الرادار والرصد الجوي ، واستخدمت سفحه القريب مدرجا للطائرات وموقعا عسكريا ، واثناء الحرب الامريكية صار الجبل قاعدة عسكرية بريطانية ، وتعرضت صخوره ورماله حسبما يقول شهود عيان الى المصادرة والنقل بواسطة الطائرات والآليات . يؤكد السيد طالب الحصونة مدير ناحية سفوان الحدودية على ان الناحية تتفرد بمهام وواجبات خاصة تمثل العراق عموما ، لا سيما والناحية هي المدخل الاول الذي يفضي الى الوطن ، وان من الطبيعي ان تولي الدولة اهتمامها الخاص الى هذه الناحية ولأهميتها ودورها ومكانتها ، وهذا ما طرحناه ابان زيارة السيد وزير الثقافة والسياحة الى الناحية ، والذي عرضنا وبينا له ضرورة الاهتمام بجبل سنام كمعلم شاخص يمثل البلاد ويؤكد هويتها الحضارية والتاريخية والتراثية ، ولا يختص بناحيتنا فقط . ولا اخفيكم هنا ان الرجل اوعز الى ضرورة ايلاء امر الجبل اهتماما ومكانة خاصة ، وفعلا وبعد التوكل على الله شرعنا بالعمل وبدأت رحلة البناء والاعمار والعمل الذي وقفتم عليه ، وبكل ما يليق وما يجعل هذا المكان من اهم المعالم السياحية والتراثية الحديثة ، وبالطرق واللمسات الجمالية والسياحية والترفيهية التي تليق بتاريخه ، ولا انسى هنا ان العامل الاول والاساس الذي شجعنا على هذا الامر هو الاقبال الهائل للأهالي والطلبة والسياح والسفرات والرحلات غير المنقطعة التي كنا نلحظها من الناس الذين وجدوا في هذا المكان متنفسا لهم وخروجا من زحمة المدينة الى صفاء الصحراء ، مراعين بذلك بعض المخاطر التي تحيط المناطق المحاذية للجبل ومن اهمها المقذوفات والالغام غير المنفجرة والتي سيتم معالجتها في القريب العاجل ان شاء الله من خلال شركة متخصصة بهذا المجال . ولا بد لي ان اشير هنا الى ان للجبل ذاكرة خاصة بأهالي الناحية من خلال ما تشير اليه المؤرخات والحكايات التي يتناقلها الناس هنا فقد حدثت قربه كبرى المعارك قرب هذا الجبل بين قبيلة (اللوحة ) التي تنتسب الى عشيرة (خفاجة) و جيوش الاخوان القادمون من الغرب ، ومما يذكره الاجداد هنا ان ابطال هذه العشيرة ربطوا ارجلهم بالحبال املا بالصمود والثبات والاصرار على المواجهة ، وفعلا قدم ابناء هذه العشيرة شهداء ضمتهم مقبرة تبعد عن الجبل بعض اميال ، وما زال احفاد هذه العشيرة يترنمون بأهزوجتهم التي اطلقوها في تلك المواجهة والتي تقول : ( لمن ثنو بالروضة احتارت كل امطير احتارت ) وللأسف لم نر زيارة او سؤال او حتى استفسار عن هذه الحادثة التاريخية المهمة التي تشير الى الدور الوطني المشرف لأبناء هذه الناحية الا ما ندر . وهناك امر آخر احالنا الى اهمية هذه المنطقة التي تمتلك مؤهلات ومقومات وظروف تختلف عن بقية المناطق الاخرى ، فلقد لاحظنا ان السفرات والجولات الاستطلاعية والزيارات العلمية تؤكد على اهمية هذا المكان والمعلم الشاخص ، من خلال توالي فرق البحث والتحري الدراسي والاكاديمي والتجريبي ، ولا يفوتني هنا ان اشيد بالدور الميداني والعلمي لكلية الزراعة في جامعة البصرة متمثلا بالأستاذ الدكتور عبد الرضا اكبر علوان المياحي ، الذي قام بسلسلة طويلة من الابحاث والدراسات في مجالات زراعة التمور النسيجية الخاص بنخلة البرحي ، واكتشاف العديد من النباتات البرية التي كنا نجهلها ، فضلا عن انواع الطيور والحيوانات التي تجعل من هذا المكان مستقر لها ، واصناف النباتات والازهار البرية ، وانواع المياه والصخور وغيرها ، مما يضيف الى هذه المدينة الحدودية اهمية خاصة وجديدة . ولا اخفيك من اننا حاولنا ان نستفيد من بعض الفنانين الذين يوثقون لتاريخ هذه الناحية من خلال تبريز وبناء الجداريات او النصب او اللوحات التراثية الكبيرة ، لكننا والى الآن ندرس هذا الامر مع تعزيز مساحات المدينة بالأعلام والمشاهير والادباء الذين تركوا بصمتهم على صفحات وتاريخ وتراث بصرتنا الحبيبة . ويقول الاستاذ والاعلامي عيد عبيد الجوراني الذي رافقنا في رحلتنا الى الجبل ، للأسف الشديد خضع هذا المرفق السياحي المهم الى الاهمال المتعمد من قبل الحكومات السابقة ، ولم يحسب له حسابا تاريخيا او آثاريا او سياحيا او ترفيهيا .. ناهيك من ان المناطق التي تحيط مساحة الجبل الاربعة مناطق غنية بالمحصول الاستراتيجي (الطماطة) ، ولا اغالي ان اقول : ان هذا النوع من المحصول الذي يسمى ب(طماطة الجبل) نسبة الى الجبل نفسه هو من ارقى واجود محاصيل ( الطماطة) في البلاد والمنطقة ،كما ان منطقة الجبل تتميز بأفضل انواع (الكمأ) في العراق ، وهو ما يعرف بفقع الزبيدي ، والطيور الغريبة والنادرة مثل الصقور وغيرها ، ولقد وقفنا على حيوانات تعيش حول هذا الجبل مثل الذئاب والضباع والغزلان والضباب والافاعي بأنواعها .. واسمحوا لي ان اقول ان كثرة السفرات والتي نستقبلها هي التي جعلت الحكومة المحلية تستجيب للمطلب الذي قدمته ناحية سفوان متمثلة بمديرها الاستاذ طالب الحصونة الذي اقنع المحافظة بضرورة ان يحظى هذا المرفق التاريخي الفريد باهتمام الدولة والمعنيين وبقية المؤسسات ذات الصلة . وفعلا استجاب السيد محافظ البصرة وبقية الاخوة وكما ترون يشهد هذا المرفق الآن اعمارا واستصلاحا لأكتاف الاراضي المحيطة بالجبل ، فضلا عن نشر المساحات الخضراء التي تحيطه ، واماكن استراحة السياح ، ونصب اعمدة الاضاءة والنشرات والمظلات والدكات والاقواس والنافورات التي تضيف لهذا المعلم التاريخي بهاء وروعة ، وغرس الاشجار التي تتناسب مع طبيعة هذا المعلم ، ونشر واقامة المصدات الترابية والرملية ، واستثمار واستصلاح المساحات الخضراء التي تتناسب مع طبيعة المنطقة ، وسيكون هذا المكان بأذن الله معلما سياحيا تراثيا يضاف الى بقية المعالم التي تفخر بها بصرتنا الجميلة . وتحتوي منطقة جبل سنام على العديد من الاعشاب البرية التي تستعمل لأغراض الطب العشبي كما اخبرنا بذلك السيد عبد المحسن المشرفاوي مسؤول الاعلام في بلدية سفوان ، والذي اشار الى حقول الالغام التي تحيط بالجبل التي خلفتها القوات الغازية الامريكية والاطلسية وما خلفته من الاصابات المؤسفة للعديد من الابرياء وحيواناتهم ، فضلا عن السياح والمتنزهين ومن يتخذ هذه المنطقة مكانا للسفر والاستجمام ، ولقد عملنا لان نثبت بعض الاشارات والارشادات التي تشير لهذه الحقول والالغام غير المنفلقة وتحذر الناس من وجودها وبمعاضدة شركة ما زالت تعمل على هذا الامر . كما ان الجهود التي تقدمها مديرية ناحية سفوان تتم على شكل مراحل ووفق المنهج الذي ترسمه البلدية بمشاركة بعض الجهات الساندة في الناحية وهي جهود مشكورة تؤكد على ان هذا المكان يشهد انبثاق معلم سياحي وترفيهي يعزز دوره التراثي والتاريخي . وحدة الإعلام

صور من الموضوع ...

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7800816579
00964-7800816579
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
turathofbasrah@gmail.com

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...