المراقد والمقامات الدينية
جامعُ شَلْهَةِ الحَسَن: منارٌ يشعُّ منه نورُ الهداية والإيمان

الموقِعُ والمؤسّس وزمانُ التأسيسِ يَقعُ الجامع ُ في منطقةِ شَلْهَةِ الحسنِ، التابعةِ لقضاء القُرنة شمالَ محافظة البصرة، شارك في تأسيسه وبنائه أغلبُ أهالي المنطقة، وتمّ بناؤه من مادّة الطين عام (1948م). المراحلُ العمرانيّةُ والتّمويلُ بعد مرور سبعة أعوام من بناء الجامع، أخذَ البناء يتآكل؛ بسبب غزارة الأمطار والتغيُّراتِ المناخيَّة، فرأى الأهالي تهديمَه وإعادةَ بنائه من جديد، فتّمت إعادةُ البناء من مادّة الطين كذلك، ولكن، بطريقة مختلفة، وهي (اللِّبِن)، وتكفَّلتْ عشائر المنطقة كلّها بتجهيز كمّيّة من اللِّبِن من أجل سدّ الحاجة اللازمة لبناء الجامع، وكان ذلك التجديد في البناء عام (1955م). وبعد مرور عدّة أعوام، بدأ الطينُ الجديدُ بالتآكل أيضاً، فقرّر الأهالي بناءَه من مادّة الطابوق المفخور؛ من أجل حلّ هذه المشكلة، فتمّ تشكيلُ جمعيّة خاصّة بجمع الأموال من الأهالي لبناء الجامع، أُطلق عليها (جمعيّة الدّرهم)، وهي عبارة عن اشتراكٍ شهريٍّ يقوم به كلُّ مَن يريد المشاركة في البناء، وفي غضون مدّة من الزمن، تّم جمعُ ستّين ديناراً، وبدأ الأهالي – كعادتهم - بالمشاركة في البناء، وتّم تكليفُ البنَّاء (الأسطة)، الحاج (فَرَج)، وهو من الأخوة التركمان، ويسكن قضاء القُرنة، ولكن، لم يكن المبلغ الذي جُمِع كافياً لإتمام العمل، فنفدَ في بداية الشروع بالبناء، وكان لبعض التجَّار البصرييّن إسهاماتٌ واضحةٌ في إكمال البناء، منهم: الحاج (نجم)، أحدُ تجَّار القُرنة، الذي تبرَّع بمبلغ خمسمائة دينار، وكانت للحاج (سعيد أبو معاش) مشاركة بمبلغ مائة دينار، فضلاً عن إهدائه مكتبةً خشبيةً مع ما تحتوي من الكتب إلى الجامع، وتاجرٌ آخرُ من المنطقة كانت له مشاركةٌ بمبلغ خمسمائة وخمسين ديناراً، وقدْ تبّرع الحاج (عبّاس حبيب الشاوي) بفراش الجامع؛ إذ قام بأخذ قياسات الجامع، وبعث بها إلى إيران، وتمّ تجهيزُه بالزّوالي الفاخرة، وقدْ نُقش عليها (وقف الحاج عبّاس حبيب الشاوي إلى جامع شَلْهَةِ الحَسَن سنة 1385هـ)، ولا يزال عددٌ منها موجود لحدّ الآنْ. وبعد تضافر هذه الجهود كلّها، اكتمل البناءُ مع تجهيزات الجامع عام (1965م)، وبقي هذا البناء شاخصاً حتّى عام (2004م)، بعدها قام الحاج (كاظم جمعة عبد الله) بتوسعته، وهو متولّي الجامع، الذي لازَم هذه التولية منذ بداية التأسيس. مساحةُ الجامعِ وملحقاتُه بعد أنْ تمّت التوسعة في عام (2004م)، أضيفت مساحة (100م2) إلى مساحة الحَرَم، فأصبحت (250م2)، بعد أن كانت (150م2)، لتصبح المساحةُ الكليّة للجامع (650م2 )، لتضمّ المغتسَل والمطبخَ والمغاسلَ والحمّامات، فضلاً عن مكتبةٍ كبيرةٍ ضمن المكتبات العامّة التي أسّسها المرجع الكبير السيّد محسن الحكيم (قدس سره)، تضمّ العديد من الكتب المنوّعة، وكذا أضيف إلى البناء منارةٌ ترتفع خمسة أمتار من أعلى سطح الجامع. نشاطُ الجامع للجامع العديد من النشاطات والأعمال العباديّة، فضلاً عن صلاة الجماعة وإحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام)؛ إذْ يحتضن الجامع نشاطاً قرآنيّاً مُمَيَّزاً لتعليم القراءة الصحيحة للقرآن الكريم، وختمةً قرآنيّةً مستمرّة يشارك فيها المُصلّون كلّ يوم، وهي عبارة عن قراءة صفحتين من القرآن الكريم، وبعد انتهاء الختمةِ، يُستأنف العمل على ختمة أخرى مباشرةً، وهي ـ في الوقت نفسه ـ ختمةٌ تعليميّة؛ إذ تُصحَّح فيها الأخطاء التي من الممكن أنْ يقع فيها القارئ. متولّي الجامع متولّي الجامع هو (الحاج كاظم جمعة عبد الله)، من مواليد البصرة (1933م)، أكمل دراسته الأكاديميّة، ثّم تّم تعيينه في المجال التربويّ عام (1960م)، وأصبح أستاذاً لمادّتَي: اللّغة العربيّة والإسلاميّة، وتولّى شؤونَ الجامع منذُ بداية التأسيس إلى يومنا هذا، وفي عام (1998م)، تقاعد من سلك التدريس الحكوميّ، وصبَّ جهده كلّه من أجل الارتقاء بنشاط الجامع، وفعلاً تولّى هو بنفسه صلاة الجماعة، وأخذ يُعطي الدروس القرآنيّةَ للشباب والأطفال، حتّى تعلَّم جلّ أهالي المنطقة على يديه، فضلاً عن رفعه الأذان في أوقات الصلاة. خطباءُ المنبرِ الحسيني للشّيخ عبد الأمير المنصوريّ (رحمه الله) دورٌ بارزٌ في خدمة المنبر الحسينيّ في جامع (شَلهَة الحسن) في بداية تأسيسه، بعدها، ارتقى المنبر العديد من الخطباء، منهم: السيّد (نبيل)، والسيّد (جاسم)، والشّيخ (فؤاد المزعلي)، والشّيخ (إبراهيم)، والملّا (طارق)، والملّا (محمّد)، وكانت مراسيم قراءة المقتل الحسينيّ في العاشر من محرّم الحرام تقام سنويّاً في الجامع من روَّاده، أمثال: السيّد صادق، والشّيخ صلاح، والسيّد عبد الرزّاق، ومحمود حمّادي، ومضر عبد الكريم، والأستاذ ميثم كاظم، فضلاً عن المتولّي الحاج كاظم جمعة. المؤذّنون وخدمة الجامع أوّلُ مَن رفع الأذانَ في هذا الجامع، المرحومُ، الملّا (عبد الرضا الهادي)، وهو رجلٌ كبير السنّ، لازمَ الحضور والأذان على الرغم ممّا يُواجهه من صعوبات، من غزارة الأمطار في فصل الشتاء، ووعورة الطريق، وبعد وفاته في فترة السبعينيّات، أصبح المتولّي هو المؤذّن، مع مشاركة بعض الأُخوة، أمثال: الحاج: عبد الجليل (مدير مدرسة الشرش)، والمرحوم (حلّاوي)، والسيّد صادق، وآخرون. أمّا بخصوص خَدَمة الجامع، فهم كُثُر، منهم: أولاد المتولّي، وجمعٌ من أبناء المنطقة، وقد تعرّض البعض منهم، للمضايقات، بل وأُعدم آخرون من السلطة البعثيّة الظالمة، وهم: الشهيد السيّد جعفر طالب، والشهيد السيّد مكّي أحمد، وأحد الخدم لوحِق حتّى غاب عن الأنظار مُتَخفِّياً لمدّة عشرة أعوام، إلى حين سقوط ذلك النّظام عام (2003م)، وهو السيّد محمد هادي، وقد كانت السلطات البعثيّةُ تراقب وتلاحق الكثير من المؤمنين، ومن ضمن الذين لوحقوا: الشّيخ عبد الأمير المنصوري، حتّى اضطرّ إلى الهجرة الى خارج البلاد في الثمانينيّات، وبقي إلى أن توفّي ودُفن غريباً في جمهورية إيران الإسلاميّة (رحمه الله). ذهبَ الطغاةُ، وبقي جامع (شَلهَة الحَسَن) مناراً يشعّ منه نورُ الهداية والإيمان. محمد ثائر الزيدي
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.