المراقد والمقامات الدينية
جامعُ البَراضْعِيّة الكَبير: موقعٌ للتزوّد الروحيّ

تعدُّ هذه الأماكنُ المقدّسة من أهمّ مواقعِ التزوُّد الروحيّ للعبد المسلم، ولهذه القدسيّة التي خصَّ اللهُ بها المساجدَ، دَأبَ المسلمون على عمارتِها وتعظيمها، حتّى لا تكاد تخلو أيّةُ مدينة اسلاميّة من هذه الصروح المباركة، وللبصرة قَصَبُ السّبق في تأسيس الكثير من المساجد على مرّ التاريخ، ابتداءً من مسجد البصرة المعروف بجامع وخُطوة الإمام عليٍّ عليه السلام، ثاني مَسجد بُنِيَ في الإسلام بعد المسجد النبويّ الشريف، وانتهاءً بزماننا هذا، وصولاً الى جامع البَراضْعِيّةِ الكبير، أحد هذه الصروح الاسلاميّة، وأحد المساجد المعروفة في البصرة . الموقع وزمان التأسيس يقعُ الجامع في منطقة البَراضْعِيّة، وهي عبارة عن منطقةٍ صغيرةٍ تقع بين نهرِ الخُورَةِ الى ما قبلَ نهر السرّاجيَ ، وبالرُّغم من صِغَر مساحة المنطقةِ، لكنّها تعجُّ بكثرة مساجدِها وحسينيّاتها؛ إذ تضمُّ ثلاثةَ مساجدَ، وأكثرَ من اثنتي عشرةَ حسينيّةً، وقد سُمّي هذا الجامعُ بجامع البَراضْعِيّة نسبةً الى اسم المنطقة، والكبير لأنّه أكبرُ مساجدها، ويعودُ تاريخُ تأسيسه الى أكثر من ثلاث مائة عام، ولم يُعرف اسمُ المؤسِّس؛ لبُعد زمن التأسيس. أنشطةُ الجامع دَأَبَ أئمّةُ الجامع ـ وخصوصاً في السنوات الأخيرة ـ على تفعيل دور الجامع؛ عبرَ نافذة النشاطاتِ الدينيّةِ والثقافيّة، واحتضانِ فِئة الشباب؛ وذلك من خلال المحاضرات التوعويّة الأسبوعيّة، وإقامةِ الدورات الفقهيّة والعقائديّة والقرآنيّة، فضلاً عن إقامة المحافلِ الدينيّة بمختلف جوانبها، كمناسباتِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، من ولاداتهم وشهاداتهم، وكذا هناك موكب للجامع يحمل اسم (موكب النبي الهادي صلى الله عليه وآله)، له مشاركاتٌ في مواسم الزيارة، وخصوصاً زيارة الأربعين. المراحلُ العُمرانيّة بُني الجامعُ من مادّة الطين (السَّد)، وبني سقفُه من الصندل (الجندل)، وبقي على هذا الحال الى عام 1995م، حينما تمّ بناؤهُ بناءً من الطراز الحديث، وبقي شاخصاً الى يومنا هذا. تَولية الجامع بعد نزوح بعض العوائلِ من أرضِ البحرَين الى البصرة بسبب المضايقات التي كانوا يتلقَّونها من الجماعات المتشدّدة آنذاك، كانت من بين تلك العوائل النازحة عائلةُ بيت المَرهون، التي استوطَنَت البصرةَ في أواسِط القرنِ الثامنَ عشرَ الميلاديِّ تقريباً، وعند مجيئهم، كان بناءُ جامع البراضعيّةِ شاخصاً، فعملوا على خدمتِه، وكان الحاج مَدَن المرهون هو المتولّي بادئ الأمر، ثمّ جاء بعده الحاج حمَد المرهون، وبعده الحاج طالب المرهون، وأما تولية الجامع في يومنا هذا، فهي بيد الحاج عبد الله المرهون. خَدَمَةُ الجامع ومؤذّنوه نالَ شرفَ الخدمة والأذان في هذا الجامع المبارك الكثيرُ من المؤمنين، الذين سمت أرواحُهم وتعلّقت بخدمة هذا المكان المبارك، ومن أبرز من رفع الأذان في هذا الجامع المبارك العديد من المؤمنين وكان ذلك قبل اختراع الأجهزة المكبرة للصوت، فصدحت حناجرُ كلٍّ من: الحاج جاسم الدوغَجي، والحاج جبّار الجامجي، والحاج حمزة، والحاج أحمد، و الحاج عبّود، وغيرهم من آل الدوغجي، واليوم الحاج عبد القادر نجل الحاج جبّار الجامجي. أمّا بخصوص الخَدَم، فكان من بينهم الحاج حمزة، والسيّد طالب، والحاج جبّار الجامجي، وهو أحد المؤذّنين أيضاً، وغيرهم من المؤمنين . أئمّةُ الجَماعة أمَّ صلاةَ الجماعة في هذا الجامع المبارك عددٌ من أئمّة الجماعة، منهم: السيّد جعفر، والشيخ حسين البصريّ البحراني، والميرزا عبّاس، وأمّا في عام 1995م ، فكان مجيء العلّامةُ السيّد هادي جمال الدين الى الجامع، وهو من تولّى صلاةَ الجماعة، وبعد وفاته عام 2009م ، تولّاها نجلُه السيّد رياض جمال الدين. خُطباءُ المنبر الحسينيّ هناك الكثير من الخطباء ممّن ارتقَوا منبرَ هذا الجامع وصدحت حناجرُهم بذكر سيّد الشهداء، أمثالُ: الحاج علي الدوغجي، والملّا عبود سلمان الدوغجي، والحاج جاسم الدوغجي، والملّا فلاح حسن، والشيخ عبد الحسين، والملّا نوري، وغيرهم. مكتبةُ الجامع بما أنَّ المساجدَ هي دورُ عبادة ودورُ ثقافة تَنشر علومَ أهل البيت (عليهم السلام) ؛ لذا، احتوى الجامع على مكتبة تحوي العديدَ من الكتب المهمّةِ، ذهب جلّها أيّام النظام السابق، وكانت تمتدُّ في القِدَم فتشمل الكثيرَ من المصاحف القديمةِ، وكتبِ الأدعيةِ، والكتب الفقهيّةِ والعقائدية المهمّة، وفي النيّة إعادة بنائها ورفدها بالكتب والمصادر لتكون مركزَ إشعاع يصلُ نورُها الى طلاّب الثقافة والعلوم من أهل المنطقة وغيرها من مناطق البصرة. سيبقى جامع البراضعية الكبيرُ معلماً من معالم البصرة الحديثة، وستبقى نَفَحاتُه تبعثُ في الروح الطمأنينة والسّكينة. هاني نمر عجمي
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.