أعلام
من أعْلام البَصرة الشاعرُ الأديبُ عبدُ الله بنُ أيّوب الخُرَيْبِيّ

تميّزت البصرةُ عبرَ تاريخها الطّويل بالشّعر والشّعراء، فاشتهرت بسوقِ المِرْبَد في العصر الاسلاميّ، الذي كانَ ملتقى الشّعراء والأدباء والخطباء، فكانت المربدُ محطّةَ استراحةٍ للتجّار، الذين كان أغلبُهم يُجيد الشعرَ والخطابةَ وفنونَ اللغة، ومن شُعراء البَصرة الذين عرفوا بانتمائهم وولائهم لأهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: أبو محمّد، عبدُ الله بن أيّوب الخريبيّ البصريّ، الشاعرُ الأديبُ الفاضلُ، عُدَّ من متّقي شُعراء أهل البيت عليهم السلام (1)، وعاصرَ إمامَةَ الرضا عليه السلام ، وكان من المنقطعين إليه، ولما تُوفّي عليه السلام، وقف يؤبِّنُه بقصيدة، ويمتدح الإمامَ محمداً الجوادَ عليه السلام، قال فيها (2) : يَا بْنَ الذَّبِيْحِ وَيَاْ بْنَ أَعْرَاْقِ الثَّرَى طَاْبَتْ أَرُوْمَتُهُ (3) وَطَاْبَ عُرُوْقَا (4) يَا بْنَ الْوَصِيِّ وَصِيِّ أَفْضَلِ(5) مُرْسَلٍ أَعْنِيْ النَّبِيَّ الصَّاْدِقَ الْمَصْدُوْقَا مَاْ لُفَّ فِيْ خِرَقِ الْقَوَاْبِلِ مِثْلُهُ أَسَدٌ يُلَفُّ مَعَ الْخَرِيْقِ خَرِيْقَا (6) يَاْ أَيُّهَاْ الْحَبْلُ (7) الْمَتِيْنُ مَتَى أَغِدْ يَوْماً بِعَقْوَتِهِ(8) أَجِدْهُ وَثِيْقَا أَنَاْ عَاْئِذٌ بِكَ فِيْ الْقِيَاْمَةِ (9) لَاْئِذٌ أَبْغِي لَدَيْكَ مِنَ النَّجَاْةِ طَرِيْقَا لَاْ يِسْبِقَنِّيْ فِيْ شَفَاْعَتِكُمْ َغداً أَحَدٌ فَلَسْتُ بِحُبِّكُمْ مَسْبُوْقَا يا ابنَ الثمانيةِ(10) الأئمّةِ غَرَّبوا (11) وأبا الثلاثةِ شرَّقوا تَشريقا إنَّ المَشارقَ والمَغاربَ(12) أنتمُ جاءَ الكتابُ بذلكُم تَصديقا وقد وقعَ الاختلاف اللغويُّ بين المصادر في نسبة عبد الله بن أيّوب للخُرَيْبة بسبب اختلاف نُسخ الكتب؛ إذ لقَّبَه بعضُ المصنَفين (13) بعدّة ألقاب منها: الجزّينيَ، والجُرَيْنيّ، والحُزَيْبيّ، والخُزَينيّ، والخريتيّ، والعامليّ، ولكنّ المرجّح عندنا نسبتُه للخُريبة، وهذا الرأي يؤيّده المصنّفون والمحقّقون(14) . والخُرَيبة مكانٌ دون دجلةَ فيه قصرٌ وفيه ديادبةُ الأعاجم، يُقال له: الخريبة، ويُسمَّى أيضاً البُصَيْرة. بينه وبين دجلةَ أربعةُ فراسخَ، له خليجٌ يجري فيه الماء إلى أَجَمَة قَصَب(15) ، وهي محلَّةٌ مشهورةٌ بالبصرة ، بلفظ تصغير خَرِبَة: موضعٌ بالبصرة(16)، وسُمِّيَت بذلك فيما ذكره الزجّاجيُّ لأنّ المَرْزُبانَ كان قد ابتنى به قصراً وخَرِبَ بعدَهُ، فلمّا نزل المسلمونَ البصرةَ، ابتنوا عنده وفيه أبنيةٌ وسمُّوها الخُرَيبة، وقال حمزةُ: بُنيَت البصرةُ سنة 14 من الهجرة على طرف البرّ إلى جانب مدينةٍ عتيقةٍ من مُدُن الفُرس كانت تسمّى (وهشتا باذ أردشير)، فخرّبها المثنّى بنُ حارثةَ الشّيبانيّ بشنِّ الغارات عليها، فلمّا قَدِمَت العربُ البصرةَ، سَمّوها الخُريبة (17). لم تذكر المصادرُ سنةَ ولادتِه ولا وفاتِه، ولكنْ، استناداً الى أنّه كان معاصراً للإمام الرضا عليه السلام، تكون ولادتُه في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، فيما تكون وفاتُه في النصف الأوّل من القرن الثالث للهجرة؛ استناداً الى أنّه عاصر الإمامَ الجوادَ عليه السلام . الهوامش : ______ 1 - معالم العلماء، لابن شهر آشوب، 186؛ أمل الآمل، للحر العاملي،1/ 111، ترجمة 104؛ أعيان الشيعة، الأمين، 8/ 46ـــ 47. 2 - ينظر: كتاب مقتضب الأثر، لابن عياش الجوهري، 50ـــ 52؛ معجم رجال الحديث، للسيد الخوئي، 11/ 123ـــ 124، ترجمة 6727. 3- الأرومة: أصلُ الشجرة، واستعمُلت للحَسَب، فقالوا: هو طيّب الأَرومة، كريمُ الأصل. 4- أعراق الثرى: أصول الأرض وأركانها من الأئمّة والأنبياء، والمراد: ابنُ خير أصول الأرض. 5 - ووردت بلفظ أكرم عند: الأمين، أعيان الشيعة، 8/ 47؛ معجم رجال الحديث، للخوئي، 11/ 124، ترجمة 6727. 6 - هذا البيت ورد عند: ابن عياش الجوهري، مُقتضب الأثر، 51. ونقله عنه: المجلسيّ، بحار الأنوار، 49/ 219، حديث 7، باب 22. 7 - ورد بلفظ الجبل عند: الأمين، أعيان الشيعة، 8/ 47. 8 - العقوة: الساحة والمحلّة. 9 - هذه الكلمة وردت مصحّفة عند: ابن عياش الجوهريّ، مقتضب الأثر، ص51. 10 - وردت مصحّفة بلفظ الثانية عند: ابن عياش الجوهري، مقتضب الأثر، ص51. 11 - غَرَّبَ عن وطنه: ابتعدَ. والمراد: من مضى منهم ومات. 12 - جاءت مصحّفة بلفظ المُقارب عند: ابن عياش الجوهري، مقتضب الأثر، ص52. 13- ينظر: معالم العلماء، لابن شهر آشوب، 186؛ أمل الأمل، للحرّ العاملي، 1/ 111ـــ 112، ترجمة 104؛ بحار الأنوار، 49/ 219، حديث 7، باب 22؛ الصدر، تكملة أمل الآمل، ص268، ترجمة (236)؛ مُستدركات علم رجال الحديث، للنمازي، 4/ 487، ترجمة 8097. 14 - ينظر: السيّد حسن الصدر، تكملة أمل الآمل، ص268، هامش رقم 3، ترجمة (236)؛ محسن الأمين، أعيان الشيعة، 8/ 47. 15 - ابن الفقيه، البلدان، 227. 16 - معجم ما استعجم، للبكريّ الأندلسيّ، 2/ 495؛ الأنساب، للسمعانيّ، 2/354؛ النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، 2/ 19؛ اللباب في تهذيب الأنساب، لابن الأثير، 1/ 437 – 438؛ لسان العرب، لابن منظور، 1/ 350؛ لب اللباب في تحرير الأنساب، للسيوطيّ، 92. 17 - مُعجم البلدان، 2/ 363. د. اشرف عبد الحسن
صور من الموضوع ...
نأسف ، لاتتوفر اي صور عن هذا الموضوع حاليا.