أعلام
السيّد نعمة الله الجزائريّ

السيّدُ نعمةُ الله الجزائريُّ، المعروفُ بالمحدّثِ الجزائريّ (1050 ـ 1112 هـ)، من العلماء والمحدّثين الشيعةِ البارزينَ في القرن الحادي عشر والثاني عشر، وهو من السادة الجزائريّين، ويرجعُ نسبُه إلى عبد الله بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام). درسَ عندَ أبرزِ علماء عصره في مسقطِ رأسه جزائرِ البصرة، ثمّ في الحُويزة، وشيراز، وأصفهان، وكان من المساهمين في إعدادِ مصادرِ كتابَي العلامة المجلسيِّ المعروفَين في علم الحديث، وهما: (بحارُ الأنوار)، و(مرآة العُقول)، وكذا ساهم بجمعِ أكثر من أربعة آلافِ كتابٍ، استنسَخَ بنفسه جُزءاً منها. في شيراز توجَّه السيدُ نعمةُ الله نحو شيراز برفقة أخيه السيّد نجم الدين؛ إذ كانت مهداً للعلم، ومجمعاً لكبار العلماء ذلك الزمان، وحينما وصلَها، سكن في مدرسة المنصوريّة، وبقىَ في شيراز تسعَ سنوات، فدرس فيها العلومَ العقليةَ: الفلسفة، والحكمة، والإلهيات، والعلومَ النقليّةَ: الحديث، والفقه، والأصول، على يد أشهر أساتذتها. في أصفهان ثم تركَ شيرازَ متوجّهاً إلى أصفهان، فتتلمذ على يد أشهر علمائها، منهم: العلامة المجلسيّ، الذي أحلَّه منه محلَّ الولد البارّ، والتزمه بضع سنين لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً، وكان ممّن يستعينُ بهم في تأليف كتبه كما تقدم، وكان يخصُّه من سائر الأصحاب، ويثني عليه في المحافل، ويوقِّره، ويصوِّبُ تحقيقاته، ويميل إلى ترجيحاته. كرامةٌ في كربلاء بعد سنوات في أصفهان، أصيب السيّد نعمةُ الله بضعف في البصر؛ بسبب كثرة المطالعة، فقصد العتبات المقدّسةَ؛ من أجل الزيارة، وطلب الشفاء، يقول السيد الجزائري عن هذه الرحلة: «ثم أتينا إلى زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين، وكنت قد أخذتُ تراباً من عند رأس كلِّ إمام، فأخذتُ من تراب رِجلَي الحُسين، ووضعتُه فوق ذلك التراب، واكتحلتُ به، ففي ذلك اليوم قَوِيَ بصري على المطالعة، وصارَ أقوى من الأول». العودةُ الى البصرة بعد زيارته للعتبات المقدَّسة، رجع السيدُ إلى مَسقَط رأسه الجزائر، وبقىَ فيها ثلاثةَ أشهر، وشرعَ بكتابة كتابه المعروف ( غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام). الى الحُويزة وبسبب الحوادث التي حدثت في البصرة سنة (1079 هـ)، من القتال والحرب بين السلطة العثمانية وأمير البصرة حسين أفراسياب، انتقل السيّدُ إلى الحويزة، وكانت تحت سيطرة الدولة الصفويّة، وحين وصولها، استقبله حاكمُ الحويزة، وقابله بحفاوة وتكريم، وطلَبَ منه البقاءَ فيها. الى شوشتر ثم دعا أهالي مدينة (شوشتر) السيدَ إلى الإقامة في المدينة، فقبلَ الدعوة، ومنذ وصوله اليها، قلّده السلطان سليمانُ الصفويُّ منصبَ القضاء، وإمامة صلاة الجمعة، وسائرَ المناصب الدينيّة، وكذا لقّبه بشيخ الإسلام في مدينة شوشتر. وبفضل إقامة السيّد، أصبح أهل المدينة بعد مدّة وجيزة عارفين بالمسائل والأحكام الشرعية، ملتزمين برعاية الآداب والسنن الأخلاقيّة والشرعيّة، وبدأ ببناء المساجد في المدينة، وعيّنَ أئمّةً لها، وقد أصبحت المدينة بفضل عناية السيّد واهتمامه مركزاً نشطاً للعلوم الدينية. مؤلَّفاتُه للسيدِ نعمةِ اللهِ الجزائريِّ مؤلَّفاتٌ متنوّعة في شتّى أنواع العلوم الإسلامية، بلغت أكثر من خمسين كتاباً، ومن أبرزها: • عقود المرجان في تفسير القرآن • الأنوار النعمانية في معرفة النشأة الإنسانية • نور البراهين، أو أنيس الوحيد في شرح التوحيد، وهو شرح على كتاب التوحيد للشيخ الصدوق • الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللآلي • تحفة الأسرار في الجمع بين الأخبار • حاشية أمل الآمل • كشف الأسرار في شرح الاستبصار • رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار • زهر الربيع في الطرائف والملح والمقال البديع • حاشية شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة • نور الأنوار في شرح الصحيفة السجاديّة • غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام • النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين • مقامات النجاة في شرح الأسماء الحسنى • هدية المؤمنين في الفقه • مسكِّن الشجون في حكم الفرار من الوباء والطاعون أقوال العلماء فيه ورد الكثير من الكلمات من أعاظم العلماء في حق السيد نعمة الله الجزائري، ومنها: • قال عنه العلامة المجلسي في إجازته له: «السيّد الأيد الحسيب، الحبيب اللبيب، الأديب الأريب، الفاضل الكامل، المحقّق المدقّق، جامع فنون العلم وأصناف السعادات، حائز قصبات السبق في مضامير الكمالات». • قال عنه الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل: «فاضل، عالم، محقّق، علّامة، جليل القدر، مدرّس، من المعاصرين». • قال عنه الشيخ عبد الله الإصفهاني في رياض العلماء: «فقيهٌ، محدّثٌ، أديبٌ، متكلّم معاصر، ظريفٌ، مدرّس، والآن هو شيخ الإسلام من قبل السلطان بتُسْتَر». • وقال عنه الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين: «كان هذا السيّد فاضلاً، محدّثاً، مدقّقاً، واسع الدائرة في الاطّلاع على أخبار الإمامية، وتتبّع الآثار المعصومية». وفاته توفي (رحمه الله) في (23 شوال سنة 1112 هـ)، في قرية جايدر من قرى مدينة لرستان، بعد وفاة شيخه المجلسي بسنتين، وكان عمره (62) سنة، وكانت وفاته في طريق عودته من زيارة الإمام الرضا ع؛ إذ تمرض وتوفي عند وصوله إلى قرية جايدر، فدفن بها، وبنيت على قبره قبة، وقبره معروف يُزار. هديةٌ للمؤمنين من السيد نعمة الله الجزائري وقد اخترنا لقرائنا الأعزاء هدية جميلة جدا، يهدينا إياها السيد نعمة الله الجزائري، ذكرها في آخر كتابه (هدية المؤمنين)؛ إذ جاء هناك: (خاتمةٌ تتضمَّنُ دعاءً عظيمَ القدر، وهو ما رواه عمرُ بنُ شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي ’، أنّ جبرئيلَ نزلَ عليه ضاحكا مستبشرا، فقال: السلام عليك يا محمَّد، قال: وعليكَ السلامُ يا جبرئيل، فقال: إنَّ اللهَ بعثَ إليكَ بهديّة، قال: وما تلكَ الهديةُ يا جبرئيل؟ فقال: كلماتٌ من كُنوز العَرش، أكرمكَ اللهُ بها، قال: وما هنَّ يا جبرئيل؟ قالَ: قُلْ: يَا مَنْ أَظْهَرَ اَلْجَمِيلَ، وَسَتَرَ اَلْقَبِيحَ، يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ اَلسِّتْرَ والسريرةَ، يَا عَظِيمَ اَلْعَفْوِ، يَا حَسَنَ اَلتَّجَاوُزِ، يَا وَاسِعَ اَلْمَغْفِرَةِ، يَا بَاسِطَ اَلْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى، وَيَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، يَا كَرِيمَ اَلصَّفْحِ، يَا عَظِيمَ اَلْمَنِّ، يَا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اِسْتِحْقَاقِهَا، يَا سَيِّدَنَا، يَا رَبَّنَا، يَا مَوْلاَنَا، يَا غَايَةَ رَغْبَتِنَا، أَسْأَلُكَ ـ يَا اللهُ ـ أَنْ لاَ تُشَوِّهَ خَلْقِي بِالنَّارِ. فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِجَبْرَئِيلَ: مَا ثَوَابُ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: هَيْهَاتَ، هَيْهَاتَ، اِنْقَطَعَ اَلْعَمَلُ، لَوِ اِجْتَمَعَ مَلاَئِكَةُ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَسَبْعِ أَرَضِينَ عَلَى أَنْ يَصِفُوا ثَوَابَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ مَا وَصَفُوا مِنْ كُلِّ جُزْءٍ جُزْءاً وَاحِداً. فَإِذَا قَالَ اَلْعَبْدُ: يَا مَنْ أَظْهَرَ اَلْجَمِيلَ وَسَتَرَ اَلْقَبِيحَ، سَتَرَهُ اللهُ وَ رَحِمَهُ فِي اَلدُّنْيَا، وَجَمَّلَهُ فِي اَلْآخِرَةِ ، وَ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ أَلْفَ سِتْرٍ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ. وَإِذَا قَالَ: يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ وَلَمْ يَهْتِكِ اَلسِّتْرَ، لَمْ يُحَاسِبْهُ اللهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، وَلَمْ يَهْتِكْ سِتْرَهُ يَوْمَ تُهْتَكُ اَلسُّتُورُ. وَإِذَا قَالَ: يَا عَظِيمَ اَلْعَفْوِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ خَطِيئَتُهُ مِثْلَ زَبَدِ اَلْبَحْرِ. وَإِذَا قَالَ: يَا حَسَنَ اَلتَّجَاوُزِ، تَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى اَلسَّرِقَةِ وَ شُرْبِ اَلْخَمْرِ وَأَهَاوِيلِ اَلدُّنْيَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اَلْكَبَائِرِ. وَإِذَا قَالَ: يَا وَاسِعَ اَلْمَغْفِرَةِ، فَتَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ سَبْعِينَ بَاباً مِنَ اَلرَّحْمَةِ، فَهُوَ يَخُوضُ فِي رَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ اَلدُّنْيَا. وَإِذَا قَالَ: يَا بَاسِطَ اَلْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، بَسَطَ اللهُ يَدَهُ عَلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ. وَإِذَا قَالَ: يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى، وَيَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ اَلْأَجْرِ ثَوَابَ كُلِّ مُصَابٍ، وَكُلِّ سَالِمٍ، وَكُلِّ مَرِيضٍ، وَكُلِّ ضَرِيرٍ، وَكُلِّ مِسْكِينٍ، وَكُلِّ فَقِيرٍ، وَكُلِّ صَاحِبِ مُصِيبَةٍ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ. وَإِذَا قَالَ: يَا عَظِيمَ اَلْمَنِّ، أَعْطَاهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مُنْيَتَهُ وَمُنْيَةَ اَلْخَلاَئِقِ . وإِذَا قَالَ: يَا كَرِيمَ اَلصَّفْحِ، أَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالَى كَرَامَةَ اَلْأَنْبِيَاءِ. وَإِذَا قَالَ: يَا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اِسْتِحْقَاقِهَا، أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ اَلْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ شَكَرَ نَعْمَاهُ. وَإِذَا قَالَ: يَا رَبَّنَا، وَ يَا سَيِّدَنَا، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: اِشْهَدُوا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَأَعْطَيْتُهُ مِنَ اَلْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ خَلَقْتُهُ فِي اَلْجَنَّةِ، وَاَلنَّارِ، وَاَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ، وَاَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ، وَاَلشَّمْسِ، وَاَلْقَمَرِ، وَاَلنُّجُومِ، وَقَطْرِ اَلْأَمْطَارِ، وَأَنْوَاعِ اَلْخَلْقِ، وَاَلْجِبَالِ، وَ اَلْحَصَى، وَاَلثَّرَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاَلْعَرْش، وَاَلْكُرْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ: يَا مَوْلاَنَا، مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ مِنَ اَلْإِيمَانِ. وَإِذَا قَالَ: يَا غَايَةَ رَغْبَتَاهْ، أَعْطَاهُ اللهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ رَغْبَتَهُ، وَمِثْلَ رَغْبَةِ اَلْخَلاَئِقِ. وَإِذَا قَالَ: أَسْأَلُكَ يَا اللهُ أَنْ لاَ تُشَوِّهَ خَلْقِي بِالنَّارِ، قَالَ اَلْجَبَّارُ جَلَّ جَلاَلُهُ: اِسْتَعْتَقَنِي عَبْدِي مِنَ اَلنَّارِ، اِشْهَدُوا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ أَعْتَقْتُهُ مِنَ اَلنَّارِ، وَأَعْتَقْتُ أَبَوَيْهِ، وَإِخْوَانَهُ، وَأَهْلَهُ، وَوُلْدَهُ، وَجِيرَانَهُ، وَشَفَّعْتُهُ فِي أَلْفِ رَجُلٍ مِمَّنْ وَجَبَتْ لَهُمُ اَلنَّارُ، وَأَجَرْتُهُ مِنَ اَلنَّارِ. فَعَلِّمْهُنَّ ـ يَا مُحَمَّدُ ـ اَلْمُتَّقِينَ، وَلاَ تُعَلِّمْهُنَّ اَلْمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ لِقَائِلِهِنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَهُوَ دُعَاءُ أَهْلِ اَلْبَيْتِ اَلْمَعْمُورِ حَوْلَهُ إِذَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِ». اللهمَّ، اجْعلنا ممَّن يدعو بهذا الدعاء، وممَّن يستجابُ له دعاؤه، بحقِّ محمَّدٍ وآلِ محمَّد ’. المصادر • هديّةُ المؤمنين، نعمة الله الجزائري، صورة نسخة محفوظة في مركز تراث البصرة . • الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آقا بزرك الطهراني، بيروت، دار الأضواء، ط3، 1983 م. • طبقات أعلام الشيعة، آقا بزرك الطهراني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1430 هـ. • مصفى المقال في مصنفي علم الرجال، آقا بزرك الطهراني، بيروت، دار العلم، ط2، 1988 م. • أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1983 م. • الاجازة الكبرى، عبد الله بن نور الدين الجزائري، تحقيق: محمد السمامي الحائري، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، ط1، 1409 هـ. • أملُ الآمال، محمد بن الحسن (الحرّ العاملي)، تحقيق: أحمد الحسيني، قم، دار الكتاب الإسلامي، 1362 ش. • روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، محمد باقر الخوانساري، بيروت، الدار الإسلامية، ط1، 1411 هـ/ 1991 م. • نجوم السماء في تراجم العلماء، محمد علي بن محمد صادق الكشميري، طهران، 1387 ش. • رياض العلماء وحياض الفضلاء، عبد الله أفندي، قم، مكتبة أية الله المرعشي النجفي، 1401 هـ. الشيخ الدكتور محمود العيداني