إنّ الصراط هو الطريق أو السبيل، ووصف بالمستقيم دلالة على أنّه الطريق الأسهل والأقرب للوصول إلى الغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان, وقد ورد أنّ الصراط المستقيم هو الذي يكون هادياً موصولاً إلى الله تعالى من غير قيد أو شرط ؛ لذا سمّاه الله صراط مستقيماً. فهو الواضح من الطريق الذي يمكن السير به بأمان، فلا يخاف من عواقبه وخواتيمه, فيسير بصاحبه إلى برّ السلام، وحياة الخلد، أمّا غير المستقيم فيرمي بصاحبه إلى الهلاك، فيُعاني صاحبهُ الويلات ويبتعد شيئاً فشيئاً عن المولى سُبحانه، فقد ورد في فاتحة الكتاب ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة:6].
وقد جاءت هذه الآية في معرض حمد الله وتبجيله وطلب هدايته ورفده واثبات العبودية له, وهي اول دعاء يواجهنا في القرآن الكريم وهو طلب الهداية الى الصراط المستقيم, وذلك دليل على اهميته والظاهر انّ الصراط المقصود هو صراط دنيوي، إذ إنّ الآخرة حساب بلا عمل, أمّا الأعمال والتكاليف هي من متطلبات الدنيا فالأمر الإلهي يكون تكليفاً للعباد باتباع هذا الصراط، ومهما أطلنا النظر لا نجد هناك طريقاً مادياً يأمرنا المولى بسلوكه، فنحن مخيرون بسيرنا في الشوارع والأزقة, إذا ان هذا الطريق (الصراط الدنيوي ) طريق غير مادي، فلا يمكننا مشاهدته بأعيننا أو السير عليه بأقدامنا، فهو طريق معنوي يوصل الإنسان إلى الغاية المرجوة من خلقه، وهناك من يعبّر عن الصراط بأنه طريقٌ ينصب بين الجنّة والنار، فيمرّ الخلقُ عليه ليصلون إلى الجنّة أو تزل أقدامهم فيهوون إلى جهنم وبئس المصير، مستشهدين بقوله تعالى في محكم كتابه ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً﴾. [مريم:71].
فجميع الخلق يردون الصراط، ولا مناص من الاعتراف بوجوده إلّا أنّ كيفيته وماهيته لا يمكننا معرفتها ولكننا نلمح تقارباً بين وصف الصراط الحسن وسلوك الانسان في الحياة الدنيا فكلما سلك الانسان طريق الاستقامة و الاعتدال مهتدياً بالصالحين ومتبعاً للنبيين كلما كان صراطه اوسع وامتن واقوم, والعكس بالعكس. ومن هنا يتضح أنّ الصراط يبنى بحسب العقيدة والعمل، ويكفي به اتباع السنّة المحمدية اتباعا صحيحا دون الحاجة به إلى الاعتقاد أو غيرها .
لكن هذا الصراط صراط واهٍ ضعيف إذا بنيَ بالعمل فقط؛ إذ أي شبهة أو بلاء يبعد ذلك الشخص عن السنّة وأهل البيت؛ لأنّه لا يملك اعتقاد بها، فتكون أعمالهُ بلا أساس، وتُنثر نثر التراب وإلى ذلك أشار القرآن الكريم ﴿ قَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾.[الفرقان:23].
إذاً إنّ الأهم هو الصراط الذي يُبنى على العقيدة الحقّة القويمة.
فرقد نازك المحنة
![]() 14 / 6 / 2016 |
![]() |
![]() 11 / 1 / 2022 |
|
![]() 4 / 1 / 2022 |
![]() |
![]() 31 / 8 / 2016 |
![]() |
![]() 14 / 6 / 2016 |
![]() |
![]() 14 / 6 / 2016 |
![]() |