مركزُ تُراثِ كربلاء التابعُ لقسمِ شؤون المعارف الإسلاميّة والإنسانيِّة في العتبة العباسيّةِ المقدسةِ لهُ الكثير من الاصدارات والمؤلفات التراثية ذات القيمة العلمية والأهمية المعرفية والتأريخية، وهذه الإصدارات تتشابه من حيث الرصانة وتتنوع من حيث المضمون، وسنحاول أنّْ نسلط الضوء عليها واحدا تلو الآخر بطريقة تعريفية مختصرة.

وإنَّ كتابَ (المرجعية الدينية ودورها في بناء الدولة العراقية) هو أحد هذه الإصدارات المباركة، وتضمّن قراءة في فتاوى المنبر الكربلائي للشيخ الشيرازي (قدس سره) واية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله)، وقد قُسم على مقدمةٍ تُظهِر أهمية الموضوع، وتمهيدٍ يبيّن دور المرجعية في قضايا البلدان الإسلامية عامّة، وفصلين يتناول الفصل الأول: (المواقف والرؤى في فتوى ثورة العشرين إسهاماتها في تأسيس الدولة العراقية)، وفي الفصل الثاني: (المواقف والرؤى في فتوى الجهاد الكفائي وإسهاماتها في الحفاظ على الدولة العراقية)، وفي الخاتمةِ يتضمن نتائج وتوصيات، ثم ملحقيّن توثيقيين، الأول منها يتضمن: (وثائق خطية وصورية عن ثورة العشرين وفتوى الدفاع الكفائي)، وفي الثاني: (مجموعة من الخطب والبيانات الرسمية والتوصيات المتعلقة بالفتوتين).

وقد تحدث لنا مدير مركز تراث كربلاء الدكتور إحسان علي الغريفي عن هذا الكتاب قائلا:

إنَّ المتتبع لسيرة مراجعنا العظام وعلمائنا الكرام يجد مكنونات سامية، وأمورا تستحق كل إجلال وإكبار، وذلك من خلال مواقفهم النبيلة وتضحياتهم الجليلة، وصبرهم الجميل، وإخلاصهم في خدمة الإسلام والمسلمين، سائرين على نهج الأئمة المعصومين، والأنبياء والمرسلين، وللتأريخ شواهد كثيرة تشهد لهم بذلك، فضلا عمّا أورثوه من آثارٍ وأسفارٍ ومصنفات شملت شتى العلوم والمعارف والفنون، ومن الشواهد على ذلك ما ازدان به التراث الفكري الكربلائي من وقفة المرجعية الدينية في كربلاء متمثلة بالشيخ محمد تقي الشيرازي في فتواه والتفاف علماء كربلاء ورجالاها حول صدى تلك الفتوى التي صنعت التاريخ.. وأضاف:

جاء هذا الكتابُ ليحتفي بهذه الذكرى بمناسبة مرور قرن كامل من الزمان عليها وتكليلها وتتويجها بانتصار فتوى المرجعية الدينية العليا ضد الدواعش والتي انطلقت من منبر كربلاء لتؤكد على نهج واحد في رفض الظلم والطغيان والدفاع عن المقدسات والأوطان لتكونا بحق كلا هاتين الفتوتين رسالة كربلاء المقدسة الى العالم، وكان الكتابُ متناغمًا مع دور المرجعية الدينية في مرحلتين حرجتين من تاريخ العراق الحديث، فضلا عن توثيق دور الأبطال الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدين والوطن، وهذا أيسرُ جميلٍ نقدمه لهم بحفظ وتدوين دورهم البطولي الخالد.

الجدير بالذكر أن الكتاب المذكور هو من تأليف الشيخ الدكتور عماد الكاظمي، وقد راجعه وضبطه ووضع فهارسه مركز تراث كربلاء، وتمت طباعة 500 نسخة منه كطبعة أولى في دار الكفيل للطباعة والنشر والتوزيع.