مدارس دينية
مدرسة (السردار) حسن خان 1180 هـ ـ 1767م
اشتهرتْ مدينة كربلاء المقدسة بمدارسها الدينية ومعاهدها العلمية التي ذاعت شهرتها في الآفاق مما يُقدم دليلاً واضحاً على تقدم وتطور حركتِها العلمية والدينية العريقة، حيثُ يكمنُ سرُّ تطور المستوى الثقافي والنهوض العلمي لأيِّ مدينة في تنوعِ وتعدد مدارسها ومعاهدها وحلقات الدرس والبحث المنتشرة بأرجائها المختلفة، وقد كان لطلاب العلوم الدينية وهواة البحث والتحقيق وعشاق الفضيلة والتهذيب الخُلقي من المجاورين والوافدين على كربلاء من مختلف المدن والبلدان الإسلامية الدور الأكبر في إثراء هذه الحركة, ممّا دفع بالعديد من الأخيار و الأمراء الصلحاء والحكام من ذوي النفوس الكريمة والمنطلقات الدينية السليمة إلى التبرع ببناء المدارس العلمية والدينية وتشييد الزوايا و التكايا والحسينيات التي أمكن توظيفها في مجال الدرس والبحث العلميين حتى اتخذت هذه المدارس في القرن الثاني عشر الهجري صورة محددة بعد أن كانت أروقة الروضة الحسينية المقدسة في القرن السادس الهجري المنطلق الأول لها وملتقى العلماء وأساطين الفكر وطلاب العلوم والفضيلة، ومنها انبعثتْ وانتشرتْ أنوارها لأماكن أخرى.
تعدُّ مدرسة «حسن خان» أقدم مدرسة علمية دينية في كربلاء حيث يرجع تأريخ بنائها إلى القرن الثاني عشر الهجري، وقد درس فيها وتخرّج منها أكابر العلماء وفطاحل الفقهاء الذين ازدهرت بهم الحركة العلمية والتدريسية في كربلاء خلال القرنين الأخيرين لذا فهي أحد أبرز المعاهد الدينية التأريخية في كربلاء . شيدها السردار حسن خان القزويني سنة 1180هـ ( 1767م) وكانتْ في حينها أكبر مؤسسة علمية دينية في كربلاء وقلّما يوجد نظيرٌ لها في العتبات المقدسة في العراق وموقعها في الزاوية الشمالية الشرقية من الروضة الحسينية المقدسة, قبل أن يتم هدمها بتاريخ 16 محرم الحرام سنة 1368هـ في مشروع إيجاد الشارع الدائري حول الحضرة الحسينية الشريفة.
تخرَّج منها نخبة من العلماء والفقهاء والثقات والمفكرينَ الإسلاميينَ العظام منهم (مصلح الشرق) السيد جمال الدين الأسدابادي المعروف (بالأفغاني) المولود في شهر شعبان 1254هـ ، والفقيه المربي والعالم الكبير الشيخ شريف العلماء المازندراني، كما درس فيها كبار العلماء والمراجع المعروفين خلال القرنين الأخيرين، وكانتْ مدرسةً واسعةً وكبيرةً جداً احتوت على 70 غرفة و صالات عديدة ، ومما يلفتُ انتباه الناظر آنذاك جدرانها المكسوة ببلاطات مزخرفة ومنقوشة بأشكال هندسية متقنة وبديعة، تعلوها آيات قرآنية منقوشة بكل دقة وروعة وجمال حيث أنْفقَ المرحومُ السردار حسن خان القزويني أموالاً كبيرة في إنشائها وتأسيس الأوقاف لها وإعاشة الطلاب الدارسين بها, وقد تولى إدارتَها في أوقاتٍ مختلفة علماءُ أجلّاء، وكان آخر المتولين عليها العالم الفاضل السيد عباس الطباطبائي.
ولقد كانت شامخة ببنائها لعهد قريب حتّى بُوشر العمل بهدمِ جُزءٍ مِنْ بنائِها بتاريخ 18/11/1948 وبقيتْ آثارُها الى آذار سنة 1991م حيثُ أُزيلتْ بعد هذا التاريخ مِنْ قِبَل نظام البعث المقبور، وبهدم هذه المعلم الديني والعلمي والثقافي فقد أسدل الستارُ على تراث معماري وفني كانت تمثله النقوش والزخارف والخطوط التي كُتبت بها الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، كما استبدل نور العلم بظلام الهدم والتهميش والإقصاء والإلغاء، ليعلن الطغاة بصوت جلي أنهم أعداء للعلم والفضيلة والنور.
حسن محسن ثجيل
![]() 26/12/2014 |
![]() |
![]() 26 / 7 / 2016 |
|
![]() 27 / 4 / 2018 |
![]() |
![]() 22 / 8 / 2016 |
![]() |
![]() 12 / 4 / 2018 |
![]() |
![]() 1 / 4 / 2016 |
![]() |