مركز تراث الحلة
الشيخ حسن آل حمود الحلي  سليل العلم والأدب
التاريخ : 25 / 3 / 2021        عدد المشاهدات : 1756

     على أنوار تلك القبّة البيضاء في النجف، فتح الشيخ حسن آل حمود عينيه، ومن نسمات حوزتها الشريفة تنسّم عبق علومها، وفيهما حَبى واحدودب، وما بينهما نذكر ما قاله جودت القزوينيّ في تاريخه: " الشيخ حسن بن علي بن حسين بن حمود بن حسن الحليّ ولد بالنجف سنة 1305هـ/1887م، ينتهي نسبه إلى عشيرة طفيل إحدى عشائر مدينة الحلّة المعروفة، وهو شقيق الشيخ حسين الحلّي، نشأ على والده المتوفى سنة 1344هـ/1926م الذي كان أحد علماء النجف وأئمّة الجماعة فيها، وغيره من فضلاء النجف فحظي منذ سني شبابه الأولى بمكانة أدبيّة واجتماعيّة مرموقة ".

    وذكره الاستاذ جواد شبر في كتابه(أدب الطفّ) بقوله: " الشيخ حسن الحمود أديب موهوب ينحدر نسبه من أسرة عربيّة تنتمي إلى قبيلة (طفيل) والده العالم الجليل والفقيه الكبير الشيخ علي بن الحسين بن حمود هاجر من الحلّة متوجّها إلى النجف وهو في سنّ الكهولة وأكبّ على طلب العلم حتى نال درجة الاجتهاد وكان تقيًّا، ورعًا، وموضع ثقة المجتمع على اختلاف طبقاته وكان يقيم الصلاة، وتأتمّ به في الصحن العلويّ الشريف مختلف الطبقات إلى أن تُوفي، رحمه الله، في 7 شوال 1344هـ بعد مرض ألزمه الفراش أعوامًا وقد رزقه الله، تبارك وتعالى، بولدين فاضلين هما: الحسن، والحسين، والثاني وهو الأصغر، وكان من المجتهدين العظام وممّن يُشار إليهم بالبنان، وتُوفّي وهو من المعمّرين، وأمّا الأول فهو المترجم له، كان أحد نوابغ عصره ومولده حوالي سنة 1305هـ، في النجف ونشأ بها في كنف والده.

أساتذته

    ومن أشهر أساتذته الذين اتّصل بهم واستفاد منهم في العربيّة وآدابها هم: الشيخ محمد رضا الخزاعيّ، والشيخ عبد الحسين بن ملا قاسم الحلّي، والسيد مهدي الغريفيّ البحرانيّ، وكان شديد الملازمة لحضور نادي العلّامة الجليل السيد محمد سعيد الحبوبيّ وقد كتب بخطّه الجميل ديوان الشيخ محمد رضا الخزاعيّ وهناك مخطوطات أدبيّة كتبها بخطّه أيضًا.

شجاعته

لقد ظهرت شجاعة الشيخ حسن الحليّ الأدبيّة يوم دُعيَ إلى بغداد لأداء الامتحان في عهد الدولة العثمانيّة حتى لا يُساق لخدمة الدفاع، المصطلح عليها بـ(القرعة)، وكان السيد شكري الآلوسي رئيسًا للّجنة، وعندما استجوبه بمسائل دينيّة، وعربيّة، ونحويّة، وصرفيّة، أكبره الآلوسيّ ومنحه ساعة ذهبيّة، فارتجل الشيخ الحلّي قصيدة أولها:

        يافكر دونك فانظمها لنــــا دررا       من المدائح تتلوها لنا ســــــورا

        ويا لساني فصلـــها عيون ثنى        تزان فيه عيون الشعر والشعرا

        وياقريحة جودي في مديح فتى        تجاوز النيرين الشمس والقمرا

آثاره

خلّف آثارًا منها رسالة في علم الصرف وهي اليوم عند ولده الشيخ أحمد، وديوان شعره الذي جمعه ولده وهو ما يربو على (1500) بيتًا مرتبًا على حروف الهجاء،

ومن أشهر قصائده رائعته (البائيّة) التي نظمها (تفجُّعًا) على الصدّيقة الطاهرة فاطمة بنت النبيّ محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ، وأولها:

                                              سلْ أربعًا فطمت أكنافها السحبُ         عن ساكنيها متى عن أفقها غربُ

شعره

وهي مشهورة محفوظة، وقد ترجم له الكاتب المعاصر علي الخاقانيّ في (شعراء الحلّة) ترجمة إضافيّة وذكر طائفة من أشعاره ونوادره ومراسلاته، أمّا قصائده الحسينيّة فهي كثيرة نذكر مطلعَ بعضها:

هنَّ المنازل غيّرت آياتهــــــــا       أيدي البلى وطوت حسان صفاتها     (69 بيتًا)

لست ممّن قضى بحبّ الملاح        لا، ولا هائمًا بذات الوشــــــــــــاح   (54 بيتًا)

ماشجانــي هوى الحسان الغيد       لا ولا همتُ فـــــــــي غزال زرود    (58 بيتًا)

من هاشم العليــاء جبّ سنامها       خطب أحلَّ من الوجود نظامهــــا     (42 بيتًا)

ألا دع عيونـــــــــــــي لهتانها        وخلِّ حشاي لنيرانهــــــــــــــــــــا    (50 بيتًا)

وفي قصيدة في الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ قال:

خلت أربع اللّذات واللـّهو والأنس           ولم يبق منها غير أطلالها الدرـسِ

وقفتُ بها والوجدُ ثقّف أضلعـــــي           ومن حرقي كادت تفيض بها نفسي

أُسائلها أين الذيـــن عــــــــــهدتهم           تضيئين فيهم كنـــت يا دار بالأمسِ

فــــلم تطق التعبير عمّا سألتهــــــا          لتخبرني آثـــــــــار أطلالها الخرسِ

فأجريتُ دمعي فـــــــي ثراها تذكراً          لأربــــــع طه ســــــيد الجنّ والانسِ

لقد أقفرت مذ غاب عنها ابن فاطمٍ           وأضحت مزار الوحش خاوية الاسّ

سرى نحو أرجاء العراق تحوطـــهُ          أسودٌ لورد الموت أظما من الخمس

وله في مصرع أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قصيدة مطلعها:

عج بسفح اللوى وحيِّ الربوعا              وأذل قلبك المعنّى دموعا

وأخرى في الصديقة فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ أولها:

لا رعى الله قيلة وعراها          سخط موسى وحلّ منها عراها

وله قصيدة في مدح السيد محمد القزوينيّ وهذه بعض من أبياتها:

 

       أتى زائرًا واللّيل شابت ذوائبـــه       يرنحه غصن الصبا ويلاعبـــــــــــــــه

         تزرّ على البدر المنير جيوبــــــه       وتضفو على الغصن النضير جلاببــه

        يقابل ليلا صدره أفق السمــــــــا       فترسم فيه كالعقود كواكبــــــــــــــــــه

       على وجنتيه أنبت الحسن روضة      حمتها أفاعي فرعه وعقاربـــــــــــــــه

       وفي فمه ماء الحياة الذي بــــــه       يعيش ـ إلى أن ينقضي الدهر ـ شاربه

ومن نوادره أنّه شارك مع شعراء الحلّة في الحلبة الشعريّة التي اقترحها أبو المعزّ السيد محمد القزوينيّ بعدما أهديت له صورة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ـ عليه السلام ـ كانت محفوظة في بعض خزائن اليونان، فطلب من شعراء الحلّة أن يقولوا فيها  شعرًا.

وممّا قاله الشيخ حسن الحمود الحلّي:

أنظر لتمثال أخي المصطفى     قد شعّ كالبدر بإكماله

 إنّ قابل الأفق بجنح الدجى      أضاء من لألاء تمثاله

وقال أيضًا:

           إنّ عينًا نظرت تمثال مـــَــنْ     كان للمختـــــــــار سيفاً منتضى

           لا ترى النار بيوم الحشر إذْ     كحلت في نور وجـــــه المرتضى

ذكره الشيخ أقا بزرك الطهرانيّ في كتابه (الذريعة) بقوله: " فاضل جليل، وشاعر مبدع، وهو ممّن اشترك في الامتحانات التي قرّرتها الحكومة العثمانيّة للطلاب الدينيّين، وكان من أُباة النفس بمكانٍ، إذ اتخذ استنساخ الكتب سببًا للمعيشة والترفع عمّا في أيدي الناس ".

وقال القزوينيّ: " وقد جمعته بمجالس الحلّة والنجف روابط علاقة متينة فكان يختلف على نادي السيد محمد القزوينيّ بالحلّة، وعلى نوادي النجف المزدهرة أمثال الشيخ جواد شبيب والد الشيخ رضا شبيب، ونادي السيد محمد سعيد الحبوبيّ، ونادي الشيخ أقا رضا الأصبهانيّ، والشيخ عبد الحسين بن ملا جاسم الحلّي، والسيد مهدي الغريفيّ ".

وفاته

توفاه الله يوم الثلاثاء 11 ربيع الثاني سنة 1337هـ، الموافق

 1 كانون الثاني 1919م، ودُفنَ في الصحن الحيدريّ الشريف أمام الإيوان الذهبيّ، وجزع عليه أبوه جزعًا شديدًا بان عليه أثره، كما أسف عليه عارفوه، وأقام له الفاضل الأديب السيد علي سليل العلامة الجليل السيد محمد سعيد الحبوبيّ مجلس عزاء ورثاه بقصيدة مطلعها:

أو بعد ضعنك تُستطابُ الدار       فيقر فيها للنزيل قرار

وقال الطهرانيّ: " تُوفيَ بمرض السّل يوم 11 ربيع الثاني سنة 1337هـ/ الموافق لليوم الأول من شهر كانون الثاني 1919م، وهو لا يزال يرفل بربيع سنوات شبابه الغضّ اليانع وله مجموعة شعريّة محفوظة لدى بعض أولاده ".


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :