كانت أغلب القبائل العربية التي نزحت صوب الفرات الأوسط من الشيعة الإمامية، ومع أن بعضها أبّان ثورة البساسيري في سنة (450هـ) قد تأثّر بدعوة مؤيد الدين داعي الدعاة الفاطمي فأعلنوا ولاءهم للخليفة الفاطمي في مصر ومن بينهم بنو مزيد، غير أن ولاءهم هذا لم يكن عقيدياً، فقد ظلّ المزيديون مترددين في الدخول في دعوة مؤيد الدين، والواضح أنهم لم يدخلوا في صراع سياسي مسلح ضد الخليفة العباسي.
الأمير صدقة بن مزيد
بقي المزيديون متعلقين بارتباطهم الروحي والمذهبي وولائهم لآل البيت الأطهار(عليهم السلام)، ليس في نظر أهالي الفرات الأوسط فحسب بل في نظر الخليفة العباسي والأمراء البويهيين، ومع كون البويهيين شيعة زيدية أو إمامية، فإن الشيعة في المنطقة وفي واسط وبغداد والسلطة العباسية كانوا ينظرون الى أمراء بني مزيد على أنّهم شيعة وأنّهم المدافعين عن حقوقهم وشؤونهم وحلِّ مشاكلهم، وفي عدّة مناسبات أضطر الخليفة العباسي إلى أن يستنجد بالمزيدين بهدف تهدئة الأوضاع الأمنية المرتبكة في العاصمة، ففي سنة (407هـ/1016م) وقعت فتنة طائفية بين السُنّة والشيعة في واسط، كان من نتائجها نهب السنّة محلات الشيعة والزيدية، فشكّل وجهاء الشيعة وزعماؤهم وفداً قصدوا علي بن مزيد في النيل مستغيثين به وطالبين النجدة والمساعدة، وعلى الرغم من هيمنة البويهيين على السياسة والجيش، فإن أهالي واسط لم يقصدوهم وفضّلوا الاستعانة بالمزيدين، الحالة التي تعكس بوضوح سعة نفوذهم وسلطة علي بن مزيد أولاً ولكونه صار المعوّل عليه في المنطقة والمناطق المجاورة أمثال واسط، والأكثر أهمية هو اعتراف الأهالي بزعامة علي الشيعية وكونه راعياً لهم.