مركز تراث الحلة
آل معيـــــــة
التاريخ : 5 / 2 / 2020        عدد المشاهدات : 2904

كثيرة هي الشواهد التي دلَّلت على عمق ولاء أبناء مدينة الحِلَّة لآل بيت النبوّة الطاهر (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، في زمن كانت حياة المجتمع العراقي تفتقر لثقافة الارتباط والتمسّك بالعترةِ الطاهرةِ وهم أعلامُ الهداية والقادة الى الله، والطريق الى مرضاته، وقد رسم أولئك الأجداد الخط المستقيم لبلوغ السعادة والغاية التي لأجلها خلقوا، ولم يقتصر هذا على أفراد، إنَّما نهضت لأنواره أسر فتحوا بيوتهم وجعلوها روضات للدرس العلميّ، وقد فتح لهم العليم الحكيم أبواب علمه فحظوا بتوفيقاته، وما تركوه لنا من آثار علميَّة خير دليل على ذلك، ومن هذه الأُسر كانت أسرة آل معية الديباجيَّة.

وصفهم الشيخ يوسف كركوش في كتابه تاريخ الحِلَّة، " آل معية سادة حسنيون من عقب إبراهيم الغمر كانوا يسكنون قصر ابن هبيرة ثم سكنوا الحِلَّة، وهم بيت جليل القدر تولى جماعةٌ منهم النقابة وصدارة البلاد الفراتيَّة "، وقال ابن زهرة في غاية الاختصار، " ذوي النقابة والمنزلة في العراق، كان لهم منزلة البلاد الفراتيَّة زمن الخليفة الناصر لدين الله (575-622هـ/ 1179-1225م) وكان له لباس الفتوة أيضًا، وهم بيت جليل عظيم القدر عند الناس في العراق ".

مرقد ابراهيم الغمر

وذكر ابن عنبة في كتابه عمدة الطالب" وقد برز من هذه الأسرة العديد من العلماء الأعلام منهم والد السيِّد تاج الدين السيِّد قاسم بن الحسين، وكذلك ولده السيِّد تاج الدين فهو علم من أعلام عصره بلا مدافع، له مشاركة في علوم كثيرة فقد كان عالمًا فقيهًا نسابةً أديبًا شاعرًا، وكان منزله يُقصد من طلبة العلم، فقد قرأ عليه في منزله الشهيد الأوَّل محمَّد بن مكي يوم السبت الحادي عشر من شوال سنة 756هـ/1355م كتاب الروضة الذي يتناول مواعظ النبي".

 ومن مشاهير هذه الأسرة:

جلال الدين أبو جعفر القاسم:

هو القاسم بن الحسين بن جلال الدين القاسم بن الزكي الثالث، قال فيه صاحب أمل الآمل: " السيِّد أبو جعفر القاسم بن الحسين بن معية الحسنيّ فاضل، صدوق "، وقال فيه صاحب عمدة الطالب: " كان جليلَ القدرِ فاضلًا شاعرًا "، ومن شعرِه:

تقاعست دون ممَّـا حاولته الهمم       ولا سعت بي إلى داعي الندى قـــــدم

ولا امتطأتُ جوادًا يوم معركـــة       وخانني في الورى الصمصامة الخذم

ولا بلغتُ من العلياء ما بلـــغ ال       آباء قبلي ولا أدركتُ شأنهـــــــــــــــــم

إن كنت رمتُ سلوًا عن محبتكـم        أو كنت يومــــــًا بظهر الغيب خنتكم

فما الذي أوجب الهجران لي فلقد      تنكرت منكم الأخلاق والشيـــــــــــــــم

أذاك من بخل بالوصل أم مـــــلل      أم ليس يرعى لمثلي عندكم ذمــــــــــم

تاج الدين أبو عبد الله جعفر بن معية:

ذكره الدكتور حازم الحِلِّيّ في كتابه الحِلَّة وأثرها العلميّ والأدبيّ " هو السيِّد أبو عبد الله تاج الدين محمَّد بن جلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين بن القاسم بن محمَّد بن الحسن بن معية العلويّ الحسنيّ الديباجيّ الحِلِّيّ، المعروف بابن (معية)، وهي جدته لأبيه، كان من مشاهير علماء العراق وكان فقيهًا جليلَ القدر، نسَّابةً فاضلًا، مُحدِثًا، مؤرخًا، واسع الرواية، أديبًا، شاعرًا، مُؤلِّفًا، درس على علماء عصره، ومنهم: العلَّامة الحِلِّيّ الحسن بن يوسف بن المطهَّر(ت 726هـ)، وابنه فخر المحقِّقين فخر الدين محمَّد بن العلَّامة الحِلِّيّ (ت 771هـ)، وابن أخته أبو تغلب عميد الدين عبد المطلب بن أبي عبد الله الحسين بن محمَّد بن أبي الفضل أبي الفوارس العلويّ، السوراويّ، ومحمَّد بن محفوظ بن وشاح (ت680هـ)، ونصير الدين القاشانيّ.

الدكتور حازم الحلي

قال عنه الحرُّ العامليّ في أمل الآمل: " عالم جليل روى عنه ابن أخته القاسم بن معية "، وجاء في غاية الاختصار: " السيِّد تاج الدين كان أديبًا شاعرًا أمه علوية زيديَّة من بني كتيلة، كان سكن الحِلَّة المزيديَّة، وله وجاهةٌ وتقُدم ورياسة وصيت، أضرَّ في آخر عمره فانقطع بداره وتردد الناس إليه وكاتب الناس بالأشعار وكان علي يكتب بين يديه رقاعه، وكتبه مُسجعَّة مضبوطة وأشعاره حسنة ".

وقال فيه صاحب العمدة: " النقيب تاج الدين جعفر الشاعر الفصيح لسان بني حسن في العراق، حدثني الشيخ تاج الدين محمَّد، قال حدثني أبي عن خاله النقيب تاج الدين جعفر المذكور إنَّه حدثه قال: لهجت بقول الشعر وأنا صبي، فسمع والدي بذلك فاستدعاني وقال: يا جعفر قد سمعتُ أنَّك تهذي بالشعر فقل في هذه الشجرة حتَّى أسمع فقلتُ ارتجالًا شعرًا:

ودوحة تدهشُ الأبصارَ ناضرةً          تُريك في كلِّ غصنٍ جذوة النار

كأنَّما فصلت بالتبر فــــــي حللٍ         خضر تميس بهــــا قامات أبكار

فاستدعاني وقبَّل ما بين عيني وأمر بفرس وثياب نفيسة ودراهم أمر بإحضارها في الحال، ووهب لي ضيعة من خاصة ضياعه وقال يا بني استكثر من هذا فإنا نقصد دار الخلافة ومعنا من الخيل وغيرها وأنواع التكلفات وممَّا لا يتمكن من فعله، ويجيء ابن عامر بدواته وقلمه فتقضى حوائجه قبلنا ويرجع الى الكوفة ونحن مقيمون بدار الخلافة لم يقضِ لنا بعد حاجة ".

محمَّد بن معية 

هو أبو عبد الله السيِّد تاج الدين محمَّد بن جلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين بن معية، كان عالمًا فقيهًا، شاعرًا أديبًا، عالمًا بالأنساب.

قال فيه صاحب كتاب لؤلؤة البحرين: " وكان السيِّد علَّامة نسَّابة فاضلًا عظيمًا، يروي عنه شيخنا الشهيد رحمه الله تعالى، وقد ذكر في بعض إجازاته أنَّه: أعجوبةُ الزمان في جميع الفضائل والمآثر".

وذكره صاحب العمدة: " فمِن تصانيفه: كتاب في معرفة الرجال خرج في مجلدَين ضخمَين، وكتاب نهاية الطالب في آل أبي طالب خرج في أثنى عشر مجلدًا ضخمًا قرأتُ عليه أكثره، وكتاب الثمرة الظاهرة من الشجرة الطاهرة أربع مجلدات في أنساب الطالبيِّين مُشجرًا، قرأتُ عليه بتمامه، والفلك المشحون في أنساب القبائل والبطون، قرأتُ عليه كثيرًا ممَّا خرج منه، ولم يبلغ من هذا الكتاب إلَّا قريبًا من الربع، وكتاب أخبار الأمم خرج منه واحد وعشرون مجلدًا، وكان يقدر إتمامه في مائة مجلد، كلُّ مجلدٍ أربعمائة ورقة، وكتاب سبك الذهب في سبك النسب مختصر مفيد قرأته عليه بتمامه، وكتاب الجذوة الزينبيَّة مختصر قرأته عليه أوَّل اشتغالي بعلم النسب لم أقرأ قبلها إلَّا مقدمة مختصرة لشيخ الشرف العبيدليّ، وكتاب تبديل الأعقاب، وكتاب كشف الالتباس في نسب بني العبَّاس، ورسالة الابتهاج في الحساب، وكتاب منهاج العمال في ضبط الأعمال إلى غير ذلك من كتبه في الفقه والحساب والعروض والحديث.

ومن أشعاره قوله:

ملكت عنان الفضل حتَّى أطاعنـــي        وذلَّلتُ منه الجامح المتصعبـــــــا

وضارت عن نيل المعالي وحوزها         بسيفي أبطال الرجال فمــــــا نبا

وأجريت في مضمار كلِّ بلاغــــــةٍ        جوادي فحاز السبق فيهم وما كبا

ولكن دهري جامح عن مآربــــــــي        ونجمي في برج السعادة قد خبـا

ومن غالب الأيام فيما يرومــــــــــه         تيقن أنَّ الدهر يضحى مغلبــــــا

ترجم له المحقِّق جعفر السبحاني في موسوعة طبقات الفقهاء، فقال:" كان من أعيان الشيعة، فقيهًا، مُؤرخًا، حاسبًا، أديبًا، شاعرًا، وإليه انتهى علم النسب في زمانه، وكان واسع الرواية، عارفًا بالحديث ودقائقه، وعدد مشايخه تزيد على ستين شيخًا) ".

أشهر أساتذته: العلَّامة الحِلِّيّ، وعميد الدين الأعرجيّ، ومحمَّد بن محفوظ بن وشاح، وعبد الكريم بن طاووس، وعبد الله بن حمدويه، وفخر المحقِّقين والد العلَّامة الحِلِّيّ، ونصير الدين القاشانيّ، وضياء الدين الأعرجيّ، ومحمود بن يحيى الشيبانيّ، ووالده القاسم بن معية، وكمال الدين الرضا بن محمَّد الآبي، وعلي بن أحمد المزيديّ، وله أساتذةٌ في الرواية من علماء أهل السُنة.

أشهر تلامذته: محمَّد بن مكي العامليّ، وبهاء الدين علي بن عبد الكريم الحسينيّ، ومحمَّد بن أحمد بن أبي المعالي الموسويّ، وجمال الدين أحمد الحسينيّ بن عنبة، ومحمَّد وعلي ولدا الشهيد الأوَّل.

ومن رائع شعره قوله:

يعزُّ على أسلافكم يا بني العُلا        إذا نال من أعراضكم شتم شاتم

بَنوْا لكم مجد الحياة فما لكـــــم        أسأتم الى تلك العظام الرمــــائم

أرى ألفُ بانٍ لا يقـــــوم لهادمٍ        فكيف ببانٍ خلفه ألــــــــف هادمِ

صورة افتراضية محمد بن مكي العاملي

ترجم له الخونساريُّ في روضات الجنات: " كان من أعاظم تلامذة العلَّامة الحِلِّيّ وولده فخر المحقِّقين، وابن اخته عبد المطلب، والإمام الأعلم نصير الدين القاشانيّ، وهو من أفخم مشايخ شيخنا الشهيد الأوَّل ".

 وذكر ابنُ زهرة في غاية الاختصار انقطع آخر عمره بمنزله في الحِلَّة فأخذ طلاب العلم يترددون إليه في منزله، وممَّن درس عليه السيِّد النسَّابة تاج الدين محمَّد بن حمزة بن زهرة الحسينيّ.

توفي النقيب تاج الدين في الحِلَّة ثامن ربيع الأوَّل سنة 776هـ ونُقل إلى مشهد الإمام علي (عليه السلام)، ودُفن فيه.

أبو محمَّد اسماعيل بن جعفر

هو أحد هذه الأسرة العلميَّة الكريمة، ويُعد من الشعراء الأفذاذ في عصره، توفي سنة 680هـ، ودُفن بمدينة النجف الأشرف.


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :