مركز تراث البصرة
الشيخ فتحُ الله بنُ عَلوان الكعبيُّ الدَّوْرَقيُّ عالماً وأديباً
التاريخ : 6/ 1/ 2020        عدد المشاهدات : 1817

إسمُهُ ونسبتُه

هو القاضي الإماميّ أبو علي، جمالُ الدين، فتحُ الله إبنُ الشيخ علوان، إبن الشيخ بشار، إبن الشيخ محمد، إبن الشيخ عبد الحسين، الكعبيّ ، أحدُ كبار علماء الدَّوْرَقِ وأدبائِها، وُلدَ بقبّان سنة ثلاث وخمسين وألف، ونشأ بها[1].

نُسب إلى مدينة قبّان لأنّها مسقطُ رأسه، ونُسب إلى الدّورق الواقعة في جنوب غربيِّ الأهواز ، موطنِ قبيلةِ كَعْب.

حياتُه

وُلد -كما أسلفنا- سنة 1053هـ - الموافق لعام 1643م في مدينة قبّان، موطنِ قبيلةِ كَعْب، يوم كانت قبيلتُه تابعةً للإمارة الأفراسيابيّة في وِلاية البصرة، وكان أبوه من وُجهاءِ كعب، ورجالِ العلم فيها، فنشأ تحت رعايته، وعنيَ بتثقيفه وتعليمه في وقت مبكّر من عمره، وقام بعدّة رحلاتٍ لطلب العلم.

درس العلوم الدينيّة في مدرستَي: (المنصوريّة) و(اللطيفيّة) في منطقة (الجزائر) في شمال البصرة على أيدي كبار العلماء، ليتولّى بعدها قضاءَ البصرة في عهد حكم حسين باشا أفراسياب. له تآليفُ في النحو والمنطق وعلم العروض، وله نشاطاتٌ شعريّةٌ مختلفة[2] .

كان جامعاً لكثير من الفنون العقليّة والنقليّة، ذا باع طويلٍ في الأدب، ارتحلَ إلى شيراز سنة (1079هـ)، فالتحق بالمدرسة المنصوريّة، وأخذَ عن السيّد نعمةِ اللّه الجزائريّ، والحسن بن محمّد الجزائريّ، وعبد بن عبد الحسين الجزائريّ، وواصلَ تعلّمه في المدرسة اللطيفيّة، فدرسَ عند السيد عزيزِ اللّه الموسويّ الجزائريّ، والميرزا علي رضا، والشاه أبي الولي بن محمد هادي الحسينيّ الشيرازيّ.

روى الحديثَ عن أبي الحسن بن محمد طاهر، الفتونيِّ، العامليِّ، النجفيّ، ورجع إلى قبّان، ثمّ تولّى قضاء البصرة، واعتزلَ بعد مدّة، وعاد إلى بلدَته، واشتغل بالتأليف[3].

وكانت تربطه علاقةٌ وثيقةٌ بأُمراء الحُوَيْزة وعلمائِها وأعيانِها؛ فقد كان يشاركهم أفراحَهم، وأتراحَهم، ومجالسَهم الأدبيّةَ والعلميّةَ، وله مدائحُ ومراثٍ فيهم[4].

ثقافتُه

بدأ تعليمَه في وقتٍ مبكّر من عمره في مدينة قبّان، ثم شدَّ الرحالَ لغرض التزوُّد بالعلم، فقصدَ البصرةَ والحويزةَ وشيرازَ، وحصلَ على معارف جمّةٍ في النحو واللغة والأدب والفقه، وتتلمذ على كبار شيوخ زمانِه، وأساتذة عصره، ثم استقرّ في وطنه قبّان يتصدّر حلقات التدريس ومجالس الإفتاء، ويشارك العلماءَ والمفكّرين في ندواتهم، فعرفوا له هذه المنزلة، وأشادوا به، وأثنَوا على مَقامه، فقال الأديب عبد الله التستريُّ: «كان عالماً، أديباً، وقوراً، حسنَ التصنيف، ذكرتُه في تذييل السُّلافة بفقرات، منها: ذو باع في الأدب مَديد، ونظرٍ في إدراك اللطائف حَديد، وفهمٍ في مواضع النكات سديد، وكدٍّ في اقتناص المعارف شديد، ويدٍ تلعبُ بالمعاني لعبَ الراح بالعقول، وذهنٍ انطبع فيه فنون المعقول والمنقول...»[5].

من شعره

من جُملة ما نظمه الكعبي قوله:

مَنْ لِصَبٍّ غلبَ الشوقُ اصطبارَهْ                                       فلذا باحَ وللحبِّ أمارَه

لعِبَت في عقلِه أيدي الهَوى                                                 فلِعُذْرٍ خَلعَ اليومَ عذارَه

غالطَ اللاّحِينَ  في سَلوَته                                                    غَلطٌ فالحبُّ قد أضرَمَ نارَه

يا لقَومي لأَخيكم من رَشاً                                                 صادَه فردٌ فمنْ يطلُب ثارَه

حَكَمَتْ في قلبه ألحاظُه                                                       حُكمَ مَنْ ليسَ له طرزُ الإمارة

لا تلوموني إذا مِتُّ به                                                   فَحَياتي في هَواهُ مستعارَة[6]

وله أشعارٌ كثيرةٌ منها في الحماسة، ومواضيع أخر.

شيوخُه

تلقّى العلم  على عدد كبير من الشيوخ والأساتذة، فأخذ الصرف والنحو عن العلّامة نعمة الله الجزائريّ، والشيخ حسن بن محمد الجزائريّ، والشيخ محمد بن عبد الحسين الجزائريّ، وأخذ العَروضَ عن الشيخ أحمد المدنيّ، وأخذ العربيَّةَ عن السيد عزيز الجزائريّ، إبن عم السيّد نعمة الله الجزائريّ، والمنطقَ عن ميرزا علي رضا وأبي الولي الشيرازيّ، وأصولَ الفقه والحديثَ ومعرفةَ الرجال عن السيد نسيميّ، الذي أخذ عنه علم دراية الحديث و معرفة الرجال أيضاً، واشتغل على أبيه في علم الكلام والفقه وبعض الحديث[7].

ومن هنا، يتبيّن أنَّ بداياته مع العلم  وانشغاله به كانت من البصرة، وعلى أيدي علماء البصرة، أمثال: أسرة آل الجزائريّ العلميّة في البصرة.

آثارُه

صنّفَ الشيخُ فتحُ الله الكعبيّ كتباً كثيرة، منها:

1- الدُّررُ البهيّة في شَرحِ الآجُرّوميّة في النحو.

2- شرحُ الفُتوحات في المنطق.

3- رسالةٌ في العرض.

4- رسالةٌ في سَبَب الخلف والخلافة.

5- رسالةٌ في القراءة.

6- شرحُ شواهد قَطرِ النّدى.

7- زادُ المسافر[8].

8- تحفةُ الأخوان في فقه الصلاة.

9- رسالة في التجويد.

10- الإجادةُ في شرح القِلادة، وهي في شرح قصيدة السيد علي بن باليل الموسومة بالقلادة، ومطلعها:

رُدّي عَليَّ رُقادي أيّها الرُّودُ                                            علِّي أراكِ بهِ والبَيْنُ مَفْقودُ

سَلكَ فيها مَسلك الصفديِّ في شرح لاميّة العَجَم للطغرائيّ[9].

ومع كثرة مؤلّفات هذا الأديب، إلّا أنّنا لم نقف إلّا على كتاب واحد قد طبع من ذلك الكثير، وهو كتاب زاد المسافر، الذي طبع في سنة 1924م. وهذا الكتاب يتضمن مقامه في حوادث البصرة عام 1078هـ - 1667م.

وفاته:

تُوُفّي سنة 1130هـ - 1718م[10] .

هذه نبذةٌ ولمحةٌ مقتضبةٌ من سيرة هذا العالم الفذّ، علَّنا وُفّقنا لتسليط نقطة ضوء وبصيص أمل لمن يريد مزيد البحث والتقصّي عن حياته ومؤلّفاته الكثيرة .

 

 

[1] زادُ المسافر، ص3، أعيان الشيعة 42/260.

3- مجلّة الخطوة العدد 6، من مقال: قراءة في كتاب زاد المسافر، للمترجم له ، الباحث، أ. د. حسين علي المصطفى.

- [3]  ينظر: موسوعة طبقات الفقهاء ج239/12.

[4] - زاد المسافر، ص6، 7، 348. قلائد الغيد: ص ز، الإجازة الكبيرة، ورقة 99، 100.

[5] - الإجازة الكبيرة، ورقة 100، وينظر أيضا: أعيان الشيعة 42/260.

6 -  زاد المسافر ، نسخة مخطوطة في  مركز تراث البصرة ، ص17.

[7] -مخطوطة زاد المسافر، ص16-17 ، مركز تراث البصرة ، تأريخ الأدب العربي في العراق 2/124.

[8] ذكرها ناشر كتاب زاد المسافر في مقدمته، ص4.

[9] أعيان الشيعة 42/206.

10- أعيان الشيعة  42/260، معجم المؤلفين 8/52.


ياسين يوسف اليوسف


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :