يتراءى جليًّا لكلِّ من أمعن النّظر في مجالس كربلاء وجود مجلس العالم الجهبذ السيّد محمد باقر الحجّة الطباطبائيّ (1273-1331هـ/1856-1913م) الذي ينحدر من أسرة لها في المجد العلمي طارفٌ وتليد، وعُرف رجالها بالفضل والأدب، وقد ورث عن أبيه مكتبة قيّمة احتوت على ما تسرُّ به الخواطر وتقرّ برؤيته النّواظر.
كان السيّد محمد باقر أعجوبة في الفقه، تتهافت على تعظيمه القلوب، وكان من العبّاد المتهجِّدين، عالماً بمعاني القرآن وتفسيره وله نظمٌ رائقٌ ونثرٌ فائق، وكان له برّ وصداقة، وقد ولي التّدريس والفُتيا، أحاط به الكربلائيون يقبسون من حكمته، ويهتدون بإرشاده، ويفيدون من علمِه وإقدامه، ومن المسلّمات الثابتة أنَّ أسرة السيد من أعيان الأسر كما أشرنا، وممّا نقله الرّواة والثُّقاة أنَّ له مجلساً كبيراً يقع وسط سوق التجّار في الدّار التي كان يقطنها والده، تؤمّه الناس من طبقات ونِحل ومِلل مختلفة، وكانت تجري فيه المناظرات والمناقشات العلمية في الحياة والأدب والتفكير، وقد اجتمع في مجلسه عددٌ غفيرٌ من العلماء والأعيان، وتناقلوا الثناء على علمِهِ وأدبِه..
له تصانيف مهمة في الفقه والأصول والكلام والأخلاق نظماً ونثراً، منها: كتاب الزّكاة، الشهاب الثاقب، أو السهم النّاقب "مطبوع"، مصباح الظلام "مطبوع" ، أرجوزة في النّكاح، أرجوزة في الأطعمة والأشربة، أرجوزة في الردّ على من كفّر الشيعة، أرجوزة في الصلاة والحج، الدرَّة في النّحو، المصباح في أحكام النّكاح، ولعلّ له آثاراً أخرى جهلها مترجموه. تخرَّج عليه طائفة من الأدباء كانت لهم منزلة رفيعة في الآداب منهم: الشاعر السيّد عبد الوهاب آل الوهاب المتوفّى سنة 1322هـ والشاعر الشيخ حسين الكربلائي المتوفّى سنة 1328هـ والشيخ حبيب شعبان المتوفّى سنة 1336هـ .
وممّن كان يرتاد مجلسه أيضاً السيّد عبد الوهاب الحسينيّ النّقشبنديّ المفتي بكربلاء المقدّسة، وللسيّد محمد باقر تقريض على كتابه المطبوع سنة 1327هـ باسم "المنحُ الوهبيّة في تخميس الهمزيّة البوصيريّة" وقد علّق على تقريضه بقوله: " وقال مقرضاً على التّخميس النّفيس جناب العلّامة الشهير والفهّامة المحقّق الكبير إمام الجعفريّة في الروضة الحسينيّة السيّد محمد باقر أفندي الطباطبائيّ... إلخ".
وعندما أدركه الأجل يوم 11 رجب سنة 1331هـ /1913م رثاه عددٌ من الشعراء بقصائد غُرر أنشدت في هذا المجلس. ومنهم من أرَّخ وفاته قائلاً:
رضوانُ نادى في الجنانِ أرِّخوا "قد نوَّر الفردوسَ نورُ الباقر" 1331هـ
وقال الشيخ إبراهيم البادكوبي في قصيدة أرَّخ بها وفاته:
قلتُ لنجمِ السَّعدِ هل تَدري مَنْ قد حلَّ في مسندِهِ اللّائقِ
قال نعم، قلتُ فأرِّخ "فقال انتقل الأمرُ إلى الصادقِ 1331هـ
تولّى من بعده ولده العالم السيّد محمّد صادق الحجّة وكان كوالدِه عالمًا فاضلاً شاعراً بليغاً، حسن الصّحبة والعِشرة، رقيق الطّبع، فصيح العِبارة، سلِس القيادة، سخيّاً جَواداً، له تقاريض شعريّة وأراجيز مفيدة، تصدَّر المجلسَ وكان له الفضل الأكبر على الكثير من الكربلائيّين.
من آثاره: أحسن العدد، أرجوزة في العدد، أرجوزة عقد الدُّرَر، رسالة في الغَيبة، الفقه الاستدلالي، الروض المطوّل في علم الأصول "مطبوع".
كان يرتاد مجلسه السيّد عبد الوهاب الخطيب الحسينيّ مفتي كربلاء المقدّسة، وفي شعره حرارة عاطفة وجمال لغة وبراعة أسلوب.
ورغم قصر المّدة التي عاشها السيّد محمد صادق بعد وفاة والده، إلّا أنّه بذل نشاطاً ملموسًا في بثِّ الوَعي الديني بين صفوف تلامذته وجلّاسه. و لا يمكن بحال تجاهل حياة هؤلاء المبدعين وعصورهم الإبداعية من آثار لا تُنكر.
مساجد وجوامع تاريخية 23 / 6 / 2016 |
|
الحشود المليونية في كربلاء تجدد البيعة لابي الاحرار عليه السلام |
|
صورة لمرقد ابي الفضل العباس عليه السلام 1 / 4 / 2016 |
|
اسواق كربلاء 22 / 8 / 2016 |
|
شوارع كربلاء 22 / 8 / 2016 |
|
مقام الامام المهدي ع في كربلاء ..عطر الامامة وملايين العشاق الوافدين 27 / 4 / 2018 |
|