مركز تراث كربلاء
عمارة كربلاء خلال العهد الصفوي
التاريخ : 4 / 6 / 2018        عدد المشاهدات : 2842

 

 

 بعد أن تم للشاه إسماعيل الصفوي تأسيس الدولة الصفوية في إيران سنة 906هـ (1501م) أرسل جيشاً كبيراً بقيادة لاله حسين للسيطرة على بغداد.

 وبعد أن تم له ذلك سنة 914هـ (1508م) وقضى على دولة الخروف الأبيض (آق قويونلي) أصبح العراق تابعاً للدولة الصفوية ، فدخل بذلك مرحلة تاريخية جديدة. وفي السنة نفسها قدم الشاه إسماعيل الصفوي بغداد، وفي اليوم الثاني من مجيئه قام بزيارة كربلاء المقدسة ، فأولى المراقد المقدسة في هذه المدينة جل أهتمامه ورعايته. فأنعم على مجاوري الروضة الحسينية بالمال والهدايا. وكانت السنين التي حكم بها الشاه إسماعيل الصفوي العراق سنين أزدهار وهدوء وخاصة المدن المقدسة(عبد الرزاق الحسني : العراق قديماً وحديثاً ، ص : 130 ، الطبعة الثانية ، مطبعة العرفان ، صيدا لبنان 1375هـ (1956م ) .).

 وفي سنة 930هـ (1524م) توفي الشاه إسماعيل الصفوي فخلفه أبنه طهماسب الأول. وكان العراق آنذاك قد أصبح خاضعاً للعثمانيين الذين استولوا عليه. فأرسل طهماسب جيشاً حاصر بغداد سنة 936هـ (1530م) وحاصر القلعة التي تحصن بها حاكم بغداد ذو الفقار. واستطاع طهماسب أن يفتح القلعة وأن يقتل حاكم بغداد، وبعد أن سيطر طهماسب على بغداد والعراق قام بزيارة المراقد المقدسة في كربلاء.(د. صالح محمد العابد: حضارة العراق ، ج10/ ص : 16 ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1985م ).

 

 وسرعان ما بدأ التنافس بين الصفويين والعثمانيين للسيطرة على العراق . وبعد أعتلاء العرش من قبل السلطان العثماني سليم 918هـ (1512م) ، تمت السيطرة على العراق على يد أبنه السلطان سليمان القانوني سنة 941هـ (1535م ) . ولقد بذل هذا السلطان ما بوسعه لأستمالة العتبات المقدسة إليه وكسب ود السكان. وقرر أن يفعل في المدن المقدسة أكثر مما فعله الشاه إسماعيل الصفوي وطهماسب ، وخاصة بالنسبة إلى مدينة كربلاء المدسة . فأنقذ هذه المدينة من خطر الغرق وذلك بإنشاء سد لا زال يعرف مكانه  بـ(روف السليمانية) . وأمر بشق نهر يروي أراضي مدينة كربلاء سنة 941هـ (1535م) سمي بـ(النهر السليماني) نسبة إلى السلطان سليمان ويسمى حالياً بـ(نهر الحسينية) الذي ما زالت مياهه تروي مدينة كربلاء. وينقسم هذا النهر عند دخوله المدينة إلى فرعين : الأول يسير بأتجاه الشمال الغربي من المدينة ويسمى بـ(الرشيدية) ، والثاني يسير بأتجاه جنوب مدينة كربلاء ويسمى بـ(الهنيدية) .

 وفي سنة 980 هـ (1573م) أستطاع الشاه طهماسب الأول بن إسماعيل الصفوي أن يسيطر على بغداد من جديد بعد أن كان العثمانيون قد سيطروا عليه. وبعد أن عقد مع الدولة العثمانية معاهدة صلح قام للمرة الثانية بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأمر في هذه الزيارة بالأهتمام بالمدينة وبالمرقد الحسيني الشريف.

 وفي سنة 984هـ (1576م) توفي الشاه طهماسب وتولى الحكم أبنه إسماعيل الصفوي الثاني إثر إغتيال أخيه حيدر ميرزا في نفس العام . وأمر بالأهتمام بمدينة كربلاء وبمرقد الإمام الحسين (ع)(سلمان هادي طعمة : تراث كربلاء ، ص : 44. )

 

 سيطر العثمانيون بعدئذ على العراق. وتذكر بعض المصادر التاريخية أن الوالي العثماني على بغداد ، علي باشا الوندزادة من قبل السلطان العثماني مراد الثالث قام سنة 984هـ (1576م) بتعمير مرقد الإمام الحسين (ع)(1).

 وفي 25 أيلول 1604م وصل إلى كربلاء الرحالة البرتغالي المعروف بيدرو تكسيرا. وتكمن أهمية هذه الرحلة في أنها مبكرة جداً وتتحدث عن أحوال كربلاء في القرن السابع عشر الميلادي بمختلف جوانبها الاقتصادية والأجتماعية والعمرانية.

 ويصف تكسيرا سكان هذه المدينة بأنهم من العرب والإيرانيين وقليل من الأتراك. وبعضهم كان من بقايا الذين جاءوا لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام وأستوطنوا المدينة ، وقسم آخر خلفتهم الحروب التي أندلعت بين الصفويين والعثمانيين. ممن لاذ بأمان المرقد وسلام المدينة المقدسة.

 واسواق هذه المدينة مبنية بناء محكماً وهي ملأى بالمؤن والبضائع التجارية. وعندما يتطرق إلى الروضة الحسينية يقول: إن المسلمين يتوافدون لزيارتها من جميع الأنحاء.

 ويتحدث تكسيرا عن الفوضى التي كانت تضرب أطنابها في كربلاء والنجف تحت حكم الأمير ناصر المهنا الذي كان يعتبر نفسه سلطاناً.

 

 وكان الشاه عباس الكبير قد توجه ، بعد سيطرته على بغداد سنة 1032هـ (1623م) ، لزيارة كربلاء وزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) . ثم توجه عن طريق الحلة إلى النجف الأشرف لزيارة مشهد الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام )(دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637.).

 وبعد وفاه الشاه عباس سنة 1038هـ (1629م) خلفه الشاه صفي الدين الأول حفيد الشاه طهماسب. وأستطاع السلطان العثماني مراد الرابع بعد حصاره بغداد في نفس السنة أن يستولي عليها وعلى العراق. وكان هذا السلطان سفكاً للدماء وقام بمجزرة قتل خلالها زهاء ثلاثين ألف شيعي(ستيفن لونگريك: أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص : 74. ) ، مما حمل الشاه صفي الدين الأول على أن يسترجع العراق من العثمانيين سنة 1042 (1633م ) . وقد قام في هذه السنة بزيارة كربلاء المقدسة وبذل الكثير من الأموال من أجل ذلك. لكن العثمانيين عادوا من جديد إلى العراق فسيطروا عليه وقتلوا خلال ذلك في معركة واحدة ألفي جندي إيراني ممن يسمون بـ(قزلباش) وكان ذلك في سنة 1048هـ (1638م ) .وعندما بلغ الشاه صفي الدين هذا الخبر الذي أثاره كثيراً ، جهز جيشاً وحاصر بغداد وأستولى على العراق من جديد وقام بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأنعم على فقراء المدينة بالأموال والهبات الكثيرة.

 وعاد العثمانيون إلى العراق مرة أخرى. وتم تعيين الوزير قبلان مصطفى باشا والياً على بغداد ، ولكن لم يؤثر عن هذا الوالي سوى أنه في مطلع سنة 1088هـ (1677م) زار كربلاء وأنعم على القائمين على خدمة مرقد الإمام الحسين (ع).

 أما الوالي العثماني على بغداد ، الوزير حسن باشا ، فقد قام بإصلاحات يمكن القول بسببها أن العراق دخل في عهده مرحلة جديدة. ولقد قام بزيارة مشهد الإمام الحسين (ع) سنة 1116هـ (1704م) وأجزل العطاء على القائمين على الحرم وعلى الفقراء. ثم زار كربلاء مرة أخرى سنة 1127هـ (1715م) وأمر بتعمير الطارمة الحسينية ، وبنى في كربلاء خان الباشا الذي كان يقع مقابل (باب الرجاء) أحد أبواب الروضة الحسينية..

 وفي سنة 1138 هـ (1726م) أستطاع نادر شاه الافشاري أن يقضي على الدولة الصفوية ويتسنم عرش إيران ويمد نفوذه إلى العراق ، حيث سيطر عليه بعد أن قام بحصار بغداد. ثم توجه لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء ومرقد الإمام علي (ع) في النجف. وقامت زوجته وهي كريمة الشاه سلطان حسين الصفوي بإنفاق أموال كثيرة لتعمير الحائر الحسيني سنة 1153هـ (1740م).

 وزار نادر شاه الأفشاري كربلاء مرة أخرى سنة 1156 هـ (1743م) مع وزرائه وعساكره. وقد أولى مرقد الإمام الحسين (ع) والمراقد الأخرى في المدينة عنايته وساهم في تحسين المدينة .(جعفر محبوبة : ماضي النجف وحاضرها ، ص : 223 ، الطبعة الثانية ، دار الأضواء ، بيروت لبنان ، 1406هـ (1986م  ).

 ويقدم لنا الرحالة الألماني كارستن نيبور الذي وصل كربلاء يوم 27 كانون الأول سنة 1765م ، ضمن الرحلة الدنيماركية ، وصفاً ممتعاً عن المدينة. فقد ذكر كثرة النخيل في كربلاء ، ويقول بأن عدد سكانها يفوق عدد سكان النجف ، ويتحدث عن سور كان يحيط كربلاء له خمسة أبواب ولكن خلال زيارته وجده متهدماً.

 ويتحدث نيبور مبهوراً بالروضة الحسينية التي تتألف من الحضرة والصحن (الفناء المكشوف) الذي يحيط بالحضرة التي كانت تشع منها الأنوار ومضاءة كلها في منظر فريد أخاذ لكثرة الشبابيك الزجاجية التي كانت موجودة فيها.

 ويذكر أيضاً أن العباس بن علي بن أبي طالب (ع) قد شيد له جامع كبير تقديراً لبطولته التي أبداها في يوم عاشوراء سنة 61هـ (680م) ، وذكر كذلك بمنى المخيم الذي كان في تلك الفترة حسب ما يصفه حديقة واسعة الأرجاء في نهاية البلدة..


وحدة الاعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :