مركز تراث كربلاء
خانات كربلاء ..ذكريات وتراث
التاريخ : 24 / 5 / 2018        عدد المشاهدات : 2663

 

        الخانات هي ابنية واسعة تحتوي غرفا كثيرة مخصصة لأقامة وأيواء المسافرين والزائرين وقوافل التجار والحجاج ، وبعض العوائل الفقيرة أضافة الى أحتواء الخان على مخازن التمور والحبوب والبضائع والسلع التجارية المحلية والمستوردة حيث يستأجر التجار فيه حجر أعمالهم . أزدهرت الخانات في العهود الاسلامية الاولى مع توسع الحركة التجارية داخل الدولة الاسلامية وخارجها . بالاضافة إلى انتشار الخانات على طرق القوافل التجارية ، شيد بعضها كذلك داخل المدن الصغيرة .ثم تحولت إلى فنادق .

         وفي القرن السابع الهجري اتسع انشاء الخانات داخل المدن وخارجها على طرق المسافرين والقوافل التجارية ، لاسيما خلال الحكمين الصفوي والعثماني في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين .

           طرق النقل البري وخاناتها  ( 651 م – 1258م ) :

         شهدت طرق النقل البري تحسنا كبيرا خلال العهد الاسلامي ولاسيما في العهد الاموي والعباسي ، فقد انشأ نظام محكم للطريق ممثل بوضع العلامات الحجرية على الطريق وبناء المنازل ( الخانات ) ،  لنزول التجار ، وخزن بضائعهم .كما تمكنوا من انشاء طرق جديدة لربط اجزاء الدولة العباسية ، وكانت الدولة تقوم بوضع الحراس على امتداد الطرق لحراستها ولاستتباب الامن والقضاء على الاضطرابات وازدهرت الطرق انذاك وبلغت اوج عظمتها في زمن هارون العباسي، فتحسنت مسالكها وازدادت اطوالها وتعددت منافذها واقيمت الجسور والقناطر وتعددت محطات الاستراحة ( الخانات ) التي كانت تقف عندها وسائط النقل القديمة لتأدية اعمال مختلفة تساعد على استمرار السفر وتوفير الراحة للمسافرين ، فهي تقع عند الطريق او قريبا منه لذا كان يراعى ببنائها بان تكون المسافة بين خان واخر حوالي ال 20 كم ، حيث انه بهذه المسافة يتعب المسافرون وحيواناتهم مما يتطلب الراحة لهم فيلجأون الى الخان ومن هنا تنشأ الخانات عند نهاية كل مسافة ، ومن الخانات التي كانت قد شهدت في محافظة كربلاء هي : ( خان العطيشي – خان الربع او خان النخيلة – خان العطشان ).

        تتميز العمارة في مدينة كربلاء التي تعود الى هذه العصور بأهمية خاصة وبشخصية متميزة في التاريخ الحضاري تعكس انماطا تخطيطية وعمارية وزخرفية لفترات اسلامية سابقة . واخص بالذكر العمارات الدينية التي بنيت من قبل الحكام والولاة ومن قبل شخصيات عراقية بارزة . ان نوعية الابنية الفخمة والزخارف والتحليات المترفة التي تتميز بها عمارات هذه العصور تعكس المستوى الحضاري الراقي والذوق الرفيع للعراقيين بصورة عامة ومنهم كما هو معروف المهندس والمعمار والبناء والعامل والحداد والنجار والفنان والخطاط الذين بمجهوداتهم كل في حقل اختصاصه شيدت الابنية الفخمة الخالدة كالجوامع والمدارس والاضرحة والمشاهد .

 

        وهناك انواع من الخانات المنتشرة في كربلاء وهي :

       1- خانات كبيرة خارجية

       خارج المدينة ( خانات القوافل ) :

       شملت كربلاء في عهد المماليك ازدهار ورعاية لمختلف الخدمات ، فانتشرت الخانات والمحطات على مختلف الطرق ، ولاسيما في الاماكن التي تتباعد فيها المدن والقرى ، فكانت على طريق (كربلاء – النجف) وهو طريق الحجاج ايضا ، وبين (كربلاء – بغداد) .

 

      وفي اوائل القرن التاسع عشر الميلادي كانت هذه الخانات قد تحولت جميعها إلى قرى تجارية مهمة يسكنها العرب ويدبرون فيها امورهم دون تدخل من جانب الحكومة . انها مجموعة متصلة من الخانات الكبيرة ، حيث تتوفر فيها كل وسائل الراحة انذاك ، من حظائر فخمة للماشية ، وغرف للمسافرين ، ومسقفات مرتفعة واسطبلات للخيول ، واماكن للطبخ ، وبئر . وقد يتسع الخان احيانا إلى الف رجل . وكانت هذه الخانات قد تحولت جميعها إلى قرى تجارية مهمة يسكنها العرب ، ويديرون فيها امورهم دون تدخل يذكر من جانب الحكومة المركزية .

      ازدادت اهميتها ابان العهدين الصفوي والعثماني في كربلاء ، نظرا لفقدان الامن على الطرق الخارجية ، ولاستمرار حركة التجارة والحج عبر المدن . وتعد اليوم شواهد حية ومتركزة بشكل خاص على طريق بغداد – كربلاء – النجف .  وتعتبر هذه الخانات من المعالم العمرانية والتاريخية البارزة في كربلاء .

      وفي عقد السبعينات من القرن الماضي اقامت دائرة الآثار بحملة ترميم واسعة وشاملة وتجديد كافة المعالم الاثرية والاسواق والشوارع لاسيما الخانات المهمة مثل ( خان النخيلة – خان النص - خان العطيشي – خان العطشان ).

       2- خانات صغيرة داخل المدينة :

      كانت منتشرة في مناطق ومحلات كربلاء ، ويبلغ عددها أكثر من (57خان) لا مجال لذكر أسمائها . تستخدم كفنادق ولأغراض تجارية وتتضمن احيانا حضائر للحيوانات . ومنها خان القطب .

 

       خان القطب (خان الزوراء)

       هو واحد من تلك المعالم التاريخية التراثية في مدينة كربلاء الدينية السياحية . وكان من أكبر الخانات في المدينة . ويسمى خان قطب ، أو خان الزوراء ، ومعروف حاليا (خان بيت وشاح) . ويبلغ عمر هذا الخان اكثر من 200 سنة ، ويقال ان الوصي التركي قد بناه وربما اسمه قطب الدين .

         وفي القرن السابع الهجري اتسع انشاء الخانات داخل المدن وخارجها على طرق المسافرين والقوافل التجارية ، لاسيما خلال الحكمين الصفوي والعثماني في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين .

        وقد لعب هذا الخان كمركزا تجاريا مهما في المدينة قبل ان يزال السور ، وملتقى لمختلف التجار كونه كان مستودعا للبضائع القادمة من المحافظات مثل الصوف والتمر والملح والزيوت الحيوانية والجلود . وكانت الكثير من القوافل التجارية تتخذ منه منطلقا لوجهتها الى ايران ودول الخليج . وبعد ذلك تحول الخان الى معرض لبيع السيارات التي كان يستوردها بعض التجار ابان الاحتلال البريطاني .

      وكان يتوسط الخان بئر ماء للستسقاء حيث لا تزال آثاره واضحة . وحاليا تحول الى مجمع للمحال التجارية البسيطة ، ويضم العديد منها ، اضافة الى معامل النجارة وصناعة الحلويات سابقا .

      الموقع :

      يقع خان قطب في بداية شارع العباس عليه السلام أهم الشوارع التجارية في المدينة جهة العباسية الغربية ، ويعد من أكبر وأقدم الخانات في المدينة . أيام كانت في كربلاء ثلاثة شوارع رئيسية لا غيرها وهي : شارع الحسين ، وشارع الامام علي ، وشارع العباس .

       بعد فتح جانب من السور الذي يحيط بمدينة كربلاء في عام 1881م بعد أن أوعز مدحت باشا باستحداث منطقتي العباسية الشرقية والغربية . ويعد أول من بادر بالتوسيع العمراني بشكل واسع في المدينة .

     يعتبر نوع الطراز المعماري للخان ، اسلامي بحت لاحتوائه على الاواوين والاقواس المدببة والمقرنصات والتي هي عناصر معمارية زخرفية اسلامية انتشرت في الابنية الاسلامية . وهو ضمن سلسلة من الخانات التي بنيت في العهد العثماني .

      و قبل الدخول الى الخان تواجهك بوابة كبيرة وقديمة الطراز مصنوعة من الخشب الصلب الذي يقاوم ظروف الطبيعة ، توحي هذه البوابة للناظر جمالية الابواب الكبيرة لذلك النوع من الطراز المعماري القديم رغم عدم وجود الزخرفة أو الحفر .

       ان مدخل الخان الرئيسي هو من جهة شارع العباس كما ذكرنا آنفا ، ويتألف من :

       الأيوان :

       وعند اجتياز الباب الرئيسي المؤدي الى أيوان مستطيل كبير يزينه عقد مدبب يؤطر بوابة المدخل ومن الناحية المعمارية فان هذا المدخل قريب الشبه بمداخل بعض العمائر الاسلامية البغدادية . ونتيجة لتقادم الزمن فقد انخفض هذا المدخل عن ارضية الشارع ورصيفه ، وتصدع وتهدم أجزاءه لاسيما طابقه العلوي المتكون من الغرف المحيطة به ولم يتبقى منه الا مقهى الزوراء وبعض المحلات المتهالكة البناء .

        فقد استخدمت القباب بشكل نصف كروي تقوم على رقبة اسطوانية . واتبع في طريقة البناء رصف الطابوق ( الآجر ) والجص بشكل دائري على غرار الاسلوب القديم المتبع في بناء القباب التي شيدت في وسط وجنوب العراق خلال العصور الاسلامية .

        ومن جمالية سقف الايوان زيينه بالزخارف الاجرية المتشابكة التي تشبه نسيج الحصير ، واستعملت مواد البناء المحلية كالطابوق ( الاجر ) والجص ،و ان هذا الطراز من التسقيف يكسب الخان مكانة معمارية ممتازة وكان مكونا من طابقين من الغرف التي تخزن فيها التمور عند موسمها ، وفي ايام الزيارات يتحول الخان الى فندق لأيواء الزائرين ، أما في الايام العادية فتستغل ساحته الوسطية لأغراض اخرى حسب مقتضيات الحاجة .

       وكانت المدارس الابتدائية في المحافظة تقيم مهرجانها الكبير في هذا الخان بسبب عدم وجود الساحات الكبيرة في المدارس لأستيعاب المتفرجين أنذاك ، ولأهمية هذا المهرجان الجماهيري ، كان ممن يحضرونه من الشخصيات المتصرف ورؤساء الدوائر وعدد من المواطنين .

      وكذلك تقدم فيه الفعاليات الرياضية والفصول الهزلية ، وكان الممثل الذي يقوم بالاعمال الفنية الكوميدية يجيد دوره أجادة تثير عواطف واحاسيس الجماهير ، وربما يضاهي الفنان الكوميدي المعروف في الاوساط البغدادية مثل (جعفر لقلق زاده) أو باقي المحافظات بالرغم من عدم وجود مسارح وقاعات للتمثيل وامكانيات مادية أخرى .

      ولكن انحسرت هذه النشاطات الشعبية في خان القطب نتيجة توفر المدارس الواسعة والساحات مع تشييد قاعات واسعة وتوفر مسارح خشبية فيها قد تفي بهذا الغرض . ثم انطلقت هذه الفعاليات لتأخذ مجالا أوسع . حتى استقرت على مسارح كبيرة مثل مسرح قاعة الادارة المحلية ، والآن قاعة قصر الثقافة والفنون وغيرها من المراكز الثقافية المتخصصة في هذا المجال الفني .

      لم يبقى من خان قطب الخالد الا بناء شبه خرب أو آيل الى الخراب كان يستعمل سابقا ساحة (مرآب) لوقوف السيارات . وهو الآن محلات قديمة لا تصلح لهذا العصر الجديد للمدينة ، يقطنه مجموعة من الشباب الباحثين عن الاعمال ، ومحلات لبيع الاقراص الليزرية وحلاق ومحلين لبيع المستلزمات العسكرية المحذور تداولها لغير العسكريين اضافة الى مقهى الزوراء التراثي المعروف الذي يعتبر ملتقى للشباب الرياضي ، وملتقى لبعض الادباء والشعراء في بهو موبوء   مظلم أشبه بقبوات العصور القديمة المظلمة .


علي حسين الخفاف


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :