مركز تراث كربلاء
بُرجُ السَّاعةِ في العَتَبةِ الحُسَينيّةِ المُقدَّسَة مَعلَمٌ ما زالَ يُحافِظ على هويتِهِ
التاريخ : 26 / 2 / 2018        عدد المشاهدات : 1683

استخدمت أبراج الساعات الكبيرة في  الدول والمدن صاحبة التاريخ العريق والتي تميزت بأهميتها وبُعدها التاريخي والتراثي, للاستفادة من رنّات هذه الساعات ودقاتها في تنظيم حركة وحياة أهل المدينة ولضبط مواقيت الفرائض ولإضافة مَعْلَمٍ وصَرحٍ يشدّ أبصار زائري المدينة.

وعند الحديث عن أبراج الساعات لابد لنا أن نذكر أبراج  الساعات التي اعتلت مرقد الإمام الحسين - عليه السلام -  فقد كانت هناك ساعتان دقاقتان الأولى نصبت على باب القبلة, و الثانية نصبت في باب الحر ثم حوِّلت إلى باب الشهداء -عليهم السلام-  وتذكر المصادر التاريخية أنَّ السلطان ناصر الدين القاجاري أهدى ساعة كبيرة دقاقة إلى الصحن  الحسيني الشـريف فوضعت على الباب القبلي، وكان ذلك عام 1312هـ كما ذكر تاريخها على قاعدتها.

أما الساعة الثانية فتبرع بها  السيد محمد خزينة في سنة 1341هـ وكانت فضية اللون نصبت على برج خاص بها على جهة باب الشهداء من جهة الشرق ولعله إلى هذا يشير السماوي في قوله :

وجاء للحسين في هذي السنة           بعضهم بساعة مستحسنة

فنصبت بين سبيل أحمد                  ومئذن العبد فويق المسجد

وبقيت هذه الساعة  حتى عام 1950م وتم رفعها فيما بعد بسبب عدم توفر مواد صيانة لها.

برج الساعة ومدخل باب القبلة 1972 اثنا الصيانة ويلاحظ مواد البناء

لم  يكن برج الساعة مشيّداً أعلى باب قبلة الصحن الحسيني الشريف في بداية القرن الرابع عشـر الهجري أي في عام 1309هـ إلى أن قام ناصر الدين شاه القاجاري -أحد شاهات إيران- بزيارة كربلاء المقدسة وتشرف بزيارة مرقد الإمام الحسين -عليه السلام- فقرر شراء ساعة ألمانية المنشأ وإهدائها إلى حرم الإمام الحسين - عليه السلام - و بعد مدة تم شحنها إلى كربلاء وتم نصبها أعلى باب القبلة في الصحن الشـريف وجرى خلال افتتاحها احتفال كبير حضره العلماء والمسؤولون والشعراء.

 وفي عام 1381هـ وجد خلل في دعائم قوس باب القبلة الذي يرتكز عليه برج الساعة وتم ترميمه حيث صُبَّت دعائم البرج بخرسانة مسلحة بعد أن رفعت الساعة الدقَّاقة القديمة من أعلى برج  المدخل.

 وفي عام 1382هـ قام سادن الروضة الحسينية المقدّسة بشراء ساعة كهربائية دقَّاقة من ألمانيا بدلاً من تلك القديمة التي بقيت شامخة أكثر من  125 سنة ونصبت الساعة الجديدة بدلاً عنها على برج باب القبلة بعد أن رُبطت قاعدتها بالخرسانة المسلحة. تميزت هذه الساعة عن السابقة بالمتانة وذات واجهات أربع حيث يمكن مشاهدتها من جميع الجهات.

 وفي عام 1383هـ قام سادن الروضة الحسينية السيد عبد الصالح آل طعمة بإكساء قبّة الساعة القِبلية بألواح من الذهب و وضع فوق هذه القبة رمَّانة يعلوها شعاعٌ مصنوعٌ من الذهب وفي داخلها دقاقة كبيرة وضعت لأجل إيصال صوت الساعة الى أبعد مدى, وتم أيضاً تغليف منصتها بالكاشي الكربلائي المزخرف, وكان هناك سُلَّمٌ داخلي له مدخل من أسفل الجانب الغربي عند الزاوية الجنوبية الغربية لمبنى الساعة ويتم الوصول إلى الساعة عن طريقه من أجل صيانتها وتنظيفها, وبقيت هذه الساعة حتى عام  1991م فقد تضـررت بسبب القصف الذي تعرضت له المدينة إبان الإنتفاضة الشعبانية المباركة. وبعد عام 2003م اهتمت الإدارة الجديدة للعتبة الحسينية المقدسة بتوسيع الصحن الحسيني وأجرت عمليات الصيانة والتجديد. علماً أن برج الساعة مرَّ بمراحل عديدة من حيث التغليف بالكاشي الكربلائي والمرمر والذهب.

برج الساعة في محرم الحرام عام 1974 م وقد نصبت حوله السوادق والتكايا

وبتوجيه من الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدّسة وبإشراف الكوادر الهندسية والفنية لشركة أرض القدس وبالتعاون مع قسم المشاريع الهندسية في العتبة الحسينية المقدسة، تم اعادة إحياء هذا المعلم التراثي الجميل بلمسات مزجت بين أصالة الماضي وأحداث الحاضر، فقد تم نقل برج الساعة الجديد  مسافة (12) متراً إلى الإمام، ليكون مكانها فوق باب القبلة من التوسعة الجديدة للحائر الحسيني الشـريف، وبذلك فثمة هدفين من هذا التحويل والنقل، الأول فرضته الضرورة بتوسعة باب القبلة ضمن الحائر الجديد مما غيّب شيئاً من ملامحها بعد أن كانت تعتلي باب القبلة القديم (الحائر القديم) وبذلك فإن هذا النقل سيوفر لها مستوى رؤية من قبل الزائر الكريم، و الهدف الثاني هو تجديدها وتجديد عمارتها.

حيث  تم تنصيب هيكل حديدي لـبرج الساعة مصنوع من الحديد الصلب وبمواصفات تحملية عالية ومقاومة للظروف الجوية وبارتفاع (10,5) م، مقسَّم على جزئين الأول برج الساعة المربع الذي تبلغ أبعاده (3×3)متر، وبارتفاع (6)متر، والثاني بارتفاع (4,5) م تعلوه قبة ذهبية غلِّفت بالكاشي المعرق المطعم بنسبة من الذهب يعلوها لفظ الجلالة" الله " ، فضلاً عن تكبير قطرها من (1,5) م إلى (1,75) م، لتستبدل الساعة القديمة بأخرى حديثة ذات منشأ ألماني تتميز عن القديمة بخفَّة وزنها، وليتم بعد ذلك تغليفها حسب الطراز المعماري الإسلامي الحديث.

تم التعاقد والاتفاق مع شركة (بييروت) الألمانية لتصنيع ساعة كهربائية مربوطة بالأقمار الصناعية عبر (الستلايت) بمقر الشـركة الأم وذلك لمتابعتها وتصحيح الأخطاء والأعطال إنْ وجدت وذلك عن طريق الأقمار الصناعية، إضافة إلى مواصفاتها و قدرتها على العمل في أجواء مشابهة للأجواء العراقية من حيث الحرارة والبرودة وشدّة الرياح، وقد زوِّدت الساعة بإطار ذهبي مجهَّز بمنظومة إنارة مخفية باللونين الأبيض والأحمر، إذ يستخدم الأبيض في الأيام العادية والأحمر أيام وفيات أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

أما  برج الساعة الذي هو عبارة عن قبة مغلَّفة بقطع الذهب الخالص فجهز بمنظومة تكييف، وتم تغليف شبابيكه الداخلية وعزله عن الجو الخارجي وتأثير الماء والرطوبة والحرارة بما يضمن الحفاظ على جودة الساعة وامكانيتها وعدم تأثرها بالظروف الجوية.

  بهذه المميزات و اللمسات الفنية و الزخارف الإسلامية أعيدت الحياة لبرج الساعة من جديد  لتشكل دقات ساعته مصداقاً لتلك الحياة, كما تم حفظ الساعة القديمة في متحف الإمام الحسين -عليه السلام-  لعرضها كمقتنى أثري وتأريخي.


الإعلامي كرار الفتلاوي


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :