مركز تراث البصرة
إمام أهل السير والتاريخ بالبصرة: أبو عبد الله، محمد بن زكريا بن دينار البصريُّ الغلابيّ
التاريخ : 25 / 1 / 2018        عدد المشاهدات : 2931

هكذا وصفه آغا بزرك الطهراني وذكره في طبقات أعلام الشيعة وأدرج مؤلفاته في موسوعته([1])، هو أحد أئمة الحديث وشيوخ علماء الشيعة في البصرة، كان أخبارياًّ واسعَ العلم، وأحدَ رواة السير والأحداث والمغازي، أهملَه المؤرخون القُدامى والمحدثون مع ما له من العلم الغزير والفضل السابق في ميادين رواية الحديث والأخبار، فالكثير من كبار علماء المسلمين قد نهلوا من علمه .

إنه العالم الجليل، أبو عبد الله، محمد بن زكريا بن دينار البصريُّ الغلابيُّ، مولى بني غلاب([2])، لم تذكر المصادرُ سنة ولادته، إلا أنه وُلد في القرن الثالث الهجري، تتلمذ وأخذ العلم والمعارف الإسلامية عن جماعة من أكابر علماء عصره، وأخذ الحديث عن جعفر بن محمد بن عمارة عن جابر بن يزيد الجعفيِّ، وروى ـ أيضا ـ عن عباس بن بكار الضبيِّ، وعن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وعن غيرهم .

تصدر لكرسي التدريس والفتوى، وتخرج عليه جماعةٌ كثيرةٌ؛ فروى عنه الأخباري الشهير الشيخ أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلوديُّ، وأبو سعيد الحسن بن علي العسكري، وأحمدُ بن إبراهيم بن معلى القميُّ، والشيخ أحمد بن عبد العزيز الجوهريُّ مؤلف كتاب (السقيفة وفدك)، وغيرهم الكثير .

ذكره النجاشي والعلامة الحلي فقالا: (...كان هذا الرجل وجها من وجوه أصحابنا بالبصرة، وكان أخباريا واسع العلم، وصنف كتبا كثيرة...)([3])، ونقل عنه الأردبيليُّ في كتابه (جامع الرواة)، ج 2، ص 114. وذكره السيد الخوئي في معجمه، ج 17، ص94، ووثقه ابنُ النديم في كتابه (الفهرست)، ص 121، فقال : (كان ثقة صادقا)، وذكره ابن حجر في (لسان الميزان)، ج5، ص168 قائلا: (وثقه ابنُ حبّان، وهو ضعيف)، أما سبب تضعيفه من قبل ابن حجر، فهو تشيعه .

صنف الغلابيُّ كتبا كثيرة فُقِدَ معظمُها ولم يبقى منها سوى روايات متناثرة في بطون الكتب، ومن مؤلفاته: كتاب الجمل الكبير، كتاب الجمل المختصر، كتاب صفين الكبير، كتاب صفين المختصر، كتاب مقتل الحسين عليه السلام، كتاب النهر، كتاب الأجواد، كتاب الوافدين، كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام، كتاب أخبار زيد عليه السلام، كتاب أخبار فاطمة ومنشؤها ومولدها عليها السلام، كتاب الجيل، كتاب الحرة، وكتاب التوابين، وعين الوردة([4]) .              

روى الغلابيُّ الكثير من الروايات في فضل أهل البيت ^ ومكانتهم، نذكر منها:

1ـ ما رواه بسنده: (إنما سميت فاطمة فاطمة لأن الله تعالى فطم من أحبها من النار)([5]).

2ـ ما رواه بسنده: (لمّا أُجرىَ الماءُ على قبر الحسين، نضبَ بعد أربعين يوما، وانمحى أثرُ القبر، فجاء أعرابيٌّ من بني أسد، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّه، حتى وقع على قبر الحسين، وبكى، وقال : بأبي وأمي، ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتا. ثم بكى، وأنشأ يقول:

أَرادوا ليُخفوا قبرَه عن عدوه * فطيبُ تراب القبر دلَّ على القبر)([6]).

توفي محمد بن زكريا سنة (298هـ) .                   

وبهذه الأسطر القليلة نكون قد سلطنا الضوء شيئا ما على عالم بصري من أولئك العلماء الأفذاذ الذين غبن حقَهم المؤرخون وعلماء الرجال، ولم يبينوا مكانتَهم في بطون الكتب والروايات، لا لشيء إلا لانتمائهم إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام، والرواية عنهم، وبيان فضلهم، إلا أن الحقيقة لا يمكن إخفائها مهما حاول المبغضون أن يطمسوا الحقائق، فالشمس لا تُحجَبُ بغربال.                

 

([1]) الذريعة الى تصانيف الشيعة، آغا بزرك الطهراني، ج1، ص275 .

([2]) بنو غلاب : من القبائل العربية الشيعية المعروفة بالبصرة، وهم بطن من بني النضر بن كنانة العدنانية. ينظر: حسن الأمين، مستدركات أعيان الشيعة، ج6، ص273  .

([3])رجال النجاشي، ص 346- 347؛ خلاصة الأقوال، للعلامة الحلي، ص259  .

([4])مستدركات أعيان الشيعة، حسن الأمين، ج6، ص273  .            

([5])علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج1، ص177- 178؛ معاني الأخبار للشيخ الصدوق، ص64  . 

([6])ترجمة الامام الحسين عليه السلام، إبن عساكر، ص 408 .

 


أشرف عبد الحسن


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :