مركز تراث كربلاء
حادثةُ العقر في كربلاء المقدسة
التاريخ : 9 / 1 / 2018        عدد المشاهدات : 1548

          قد يستغربُ البعضُ من هذه التسمية واقترانها بمدينة كربلاء المقدّسة، كونها لم تعُد دارجة بين أوساط المجتمع الكربلائي بل والإسلامي  في الوقت الحالي، ولا يخفى أنَّ لكلِّ مدينة أسماء مختلفة، ومناطق تسمى بمسميات عديدة قد يصمد بعضها ويستمر مع حياة تلك المدينة أو يضمحل لسبب أو لآخر، وهذا ما حدث لاسم العقر في كربلاء، والعقر من القرى القديمة التي تقع شمال مرقد الإمام الحسين –عليه السلام- وسميت بهذا الاسم كونها عُقرت في جنوبها بواسطة نهر كري سعدة وبين الفرات، وهناك رأيٌ آخر يقول إنَّ العقرَ يعني الأوابد أو المكان المهجور أو القديم، وقال عنها ياقوت الحموي:" والعقر: عدَّةُ مواضع، منها: عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة، وهي قرية في الشمال الغربي من الغاضرية وبأطلالها أثرياتٌ مهمة وقد روي أن الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ، لما انتهى إلى كربلاء وأحاطت به خيلُ عبيد الله بن زياد قال: ما اسم تلك القرية؟ وأشار إلى العقر، فقيل له: اسمها العقر.  فقال: نعوذ بالله من العقر! فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ قالوا: كربلاء، قال: أرض كرب وبلاء". وهذا القول يتوافق مع رأي الباحث جعفر الخليلي في موسوعة العتبات المقدّسة وجاء فيه: أنَّه تلٌّ منسيٌّ عفى عليه الزمن في مقاطعة الوند من ناحية الحسينية. 

شهدت العقر حدثاً تاريخياً مهماً سنة 102هـ  تمثَّل بخروج يزيد بن المهلَّب بن أبي صفرة (ت 102هـ) على الحكم الأموي، وكان أبوه المهلَّب أحد ولاة يزيد بن معاوية على خراسان وسجستان من بلاد المشرق، وقد نصَّبه كونه أحد القادة المشهورين في فتوحات المسلمين بالمشرق وبعد وفاته سنة 82 هـ / 704 م تولى يزيد على خراسان مكانه بأمر من سليمان بن عبد الملك الذي توجَّس خيفةً من وجوده في المشرق فيما بعد على الرغم من موالاته لبني أميَّة. وقد ذكر هذا الموقف الحسن البصري عندما قام يزيد بن المهلّب بالثورة ضد بني أميّة قائلاً:" إنَّ هذا الذي يدعوكم إلى كتاب الله وسُنّة نبيّه محمّد -صلى الله عليه وسلم- وإلى سُنة العمرين هو الذي كان يقتل الناسَ بالأمس في هوى بني أميّة " وفي مقولة أخرى له في أحد مجالسه منتقداً ابن المهلب:" يا عجباً لفاسقٍ من الفاسقين ومارقٍ من المارقين غبر برهةً من دهره يهتك لله في هؤلاء القوم كلَّ حرمةٍ ويركب له فيهم كلَّ معصية ويأكل ما أكلوا ويقتل من قتلوا حتى إذا منعوه لماظة كان يتلمظها قال أنا لله غضبان فاغضبوا ونصب قصباً عليها خُرق وتبِعَه رجراجة رعاع ".

   بدأ الخلاف يدب بين يزيد بن المهلب والدولة الأموية ولاسيما في عهد الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك سنة 101هـ / 723م ، فقد استولى يزيد بن المهلب على البصرة ونصب عليها أخاه مروان بن المهلب وكان أوثق إخوته عنده ، فقامت الدولة الأموية بتحريك جيش نحو العراق سنة 102 هـ / 724م  فعسكر الجيشُ في منطقة العقر من أرض كربلاء، مما دفع بيزيد بن المهلَّب أنْ يستعدَّ مستغلّاً نقمة أهل العراق على الأمويين جراء السياسات القاهرة التي اتبعوها منذ واقعة الطف، فسار في جيشه من البصرة مارّاً بالكوفةِ باتجاه كربلاء فحدثت المعركة بين الطرفين في منطقة العقر من كربلاء أسفرت عن هزيمة جيش يزيد بن المهلَّب وأخيه حبيب ومقتلهما وكان ذلك سنة 102هـ . وقد أشار إلى تلك الواقعة وأكد حدوثها في كربلاء ياقوت الحموي في معجم البلدان قائلاً :" حتى كان ما كان قتل عنده يزيد بن المهلب بن أبي صفرة في سنة102هـ، وكان خلع طاعة بني مروان ودعا إلى نفسه وأطاعه أهلُ البصرة والأهواز وفارس وواسط وخرج في مائة وعشرين ألفاً فندب له يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة فوافقه بالعقر من أرض بابل فأجلت الحرب عن قتل يزيد بن المهلب " .

 

 

 


الكاتب أحمد فاضل المسعودي


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :