مركز تراث كربلاء
من مواقف أهالي كربلاء الخالدة
التاريخ : 5 / 1 / 2018        عدد المشاهدات : 778

لم تقتصـر مواقفُ العلماء و رجال الدين والمفكّرين الكربلائيين على الأمور و القضايا التي تخص مدينة كربلاء المقدّسة أو العراق فقط، بل كانت لهم مواقف بطولية في الدفاع و التصدي لجميع القضايا التي تتعرض لها الأمّة الإسلامية في أيِّ بلدٍ كانت . فقد سجّل التاريخ بكلِّ فخرٍ و اعتزاز هذه المواقف؛ كونها كانت تدافع عن الدين الإسلامي وتدعو إلى الوحدة والتكاتف، كما كانت تنبذُ الظلمَ والعدوان الذي تتعرضُ له الدول العربية، وتستنكر جميع التدخّلات الاستعمارية التي كانت تمارسها  الدول المستعمرة آنذاك.

وسنتحدث اليوم عن موقف الكربلائيين من الاحتلال الإيطالي لليبيا عام 1911م، من أجل إعادة إحياء هذه المواقف و تعريف الأجيال بها.

فقد كانت إيطاليا آخر الدول الأوروبية التي دخلت مجال التوسّع الاستعماري، وكانت ليبيا عند نهاية القرن التاسع عشـر، هي الجزء الوحيد من الوطن العربي في شمال أفريقيا الذي لم يتمكن الصليبيون الجدد من الاستيلاء عليه، ولقرب ليبيا من إيطاليا أصبحت هدفاً من أهداف السياسة الاستعمارية الإيطالية.

فعندما قامت إيطاليا باحتلال ليبيا  عام 1911م, تفاعل مع هذا الحدث كثيرٌ من الوطنيين الكربلائيين ورجال الدين وغيرهم من الأحرار حتى أصبحت ردة الفعل كبيرة في المجتمع الكربلائي، حيث تمّ تنظيم مظاهرات كبيرة أُلقيت فيها الخُطَب الحماسية والقصائد الوطنية من أجل شحذ الهمم وحشد الصفوف. وقد دعا الخطباءُ و المثقفون في هذه المظاهرات إلى نبذ الخلافات بين أبناء الأمّة الإسلامية.

في الوقت ذاته دعا المتظاهرون إلى جمع التبرعات ، فتمّ جمع أربعمائة ليرة عثمانية من كربلاء المقدّسة فقط لغرض إعانة ومساعدة الحكومة الليبية في التصدي لهذه الهجمة الشرسة, وقد تمّ إيداع  المبلغ لدى أحد وجهاء المدينة وهو السيد حسين الصافي لحين اكتمال جمعها من الناس.

كان العلماءُ و المجتهدون يهدفون إلى نشـر الوعي السياسي على أكبر رقعة من الأمّة الإسلامية, من أجل مواجهة جميع المخططات الاستعمارية التي ترمي للقضاء على المسلمين في البلدان الإسلامية كافة.

فقد أرسلوا برقيةً إلى السلطان العثماني محمّد رشيد في (17 ذي الحجّة 1329هـ- 1911م) تدعو إلى التصدي ومواجهة المشاريع الاستعمارية, والتخلي عن سياسة المهادنة معها, حيث كانت البرقية تمثل موقف العتبات المقدّسة والمُجتَمَعَينِ الكربلائي والنجفي في مواجهة الاستعمار، ومدى تفاعلهم مع مشكلات البلاد الإسلامية؛ لأنّهم يدركون حجم وأبعاد هذا المخطط الاستعماري.

  هذه هي المواقف الرجولية و البطولية التي كان يسطّرها علماؤنا وقادتنا في الماضي القريب والتي نفخر ونعتزُّ بها؛ فهي خير دليل على وحدة الصف العربي والإسلامي في جميع البلدان الإسلامية وفي نفس الوقت تمثِّل التراث الحقيقي لهذه الأمّة المجاهدة والمحاربة لجميع أهل الظلم والعدوان و الاستعمار,  آملين أن يحذو بقية المسلمين في العالم حذو أهالي كربلاء في هذه المواقف لرصِّ الصفوف واعتبار الأمّة الإسلامية جسداً واحداً، غير آبهين  بأصوات النشاز التي تدعو إلى التفرقة الطائفية التي يهدف لها الاستعمار وأعداء الأمّة الإسلامية, فهذه السمة الوحدوية يأمرنا بها الدين الحنيف  من أجل حفظ الأمّة من التفكك والتصدي للمخاطر التي تحف بها.   


الإعلامي حسام فؤاد الموسوي


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :