مركز تراث الحلة
آل نما
التاريخ : 13 / 5 / 2016        عدد المشاهدات : 4523

أسر علمية حلية...

                                 آل نما

      تجلت الحياة الفكرية في الحلة وازدهرت في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، وقد يعود الأثر الكبير في ذلك إلى إسهامات أغلب الأسر الحلية العلمية التي اندفعت بشكل كبير لنشر العلم والأدب.

    شاركت تلك الأسر من خلال فتح بيوتهم لطلبة العلم وتذليل الصعوبات أمام الوافدين إلى الحلة لنيل العلوم من مدارسها، مما سهل لأبناء هذه الأسر انتمائهم إلى هذه المدارس وحصولهم على مختلف العلوم، ومن بين تلك الأسر العلمية التي أشتهر الكثير من أبنائها أسرة آل نما الربعية، نسبة إلى قبيلة ربيعة العربية الشهيرة وسموا بـ ( آل نمـا ) نسبة إلى جدهم نما بن علي بن حمدون المعاصر لأبي علي بن الشيخ الطوسي (ت٥١٥هــ/١١٢١م)، وأسرة آل نما هذه عرفت بالزعامة الدينية والعلم والفقاهة ورواية الحديث والأدب والفضل، وتخـرج علـيهم جمع من العلماء والمحققين، وخلفوا مـن بعدهم علما كثيـرا، وقد ذكرهم الكثير من العلماء منهم العالم الحلي يحيى بن سعيد (ت٦٩٠هــ/١٢٩١م): ( إن بيـت ابن نما، بيـت عريـق فـي العـراق شـهير بـالعلم والفضل، وقـد خرج مـن هـذا البيت علماء وفقهاء لا يدرك شـأوهم، ولا يشق غبارهم)، وكذا ذكرهم صاحب كتاب أعيان الشيعة فقال عنهم: (بنو نما طائفة كبيرة في الحلة فيهم العلماء والفقهاء والمحدثون)، وقال عنهم الشيخ الفضلي: ( كلهم علماء، فقهاء، محدثون، وهم كثيرون ) .

فمنهم ممن اشتهر برواية الحديث وهو:

   الشــيخ جلال الدين الحسن بن أحمد بن محمد بن نما (كان حيا سنة 752 هـ/١٣٥١م)، أحد المعروفين بابن نما، وصفه النوري، في خاتمة المستدرك، بـ (الشيخ الأجل الأكمل) والشهيد الاول، في الأربعون حديثا بـ (العالم الصالح الدين)، من أسـرة ال نما المشهورة بـالعلم فكـان أحـد رواة الحديث النبوي الشريف ومن ثقات الرواة.

   ومن أبرز فقهائهم في الفقه جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما (ت ق٧هـ/الثالث عشر م)، وقد ذكره الأفندي في رياض العلماء وحياض الفضلاء هو ابن الرئيس العفيف الفقيه أبي البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الحلي الربعي، ولد وسكن في مدينة الحلة فـي محلة الجامعين، مكان آبائه وأجداده ومناخ العلم والعلماء ومجمع أهـل الفضل والمعرفة، وقـد نشأ وتربى في بيت شيدت دعائمه بالعلم والتقوى، إذ عاش في كنف والده العالم الفقيه الجليل أبي البقـاء هبـة الله بن نما، وعَلّمَهُ شتى العلـوم فأحسن تعليمه، وأصبح مـن جهابذة علماء وفقهاء أسرة آل نما الكريمة .

    وقال الطهراني، في طبقات أعلام الشيعة، ومن طلاب والده هبة الله بن نما، كمـا عاصـر نبذة من علماء الحلة كانوا أنبغ عصـرهم بالفصاحة والنباهة.

     ومنهم الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الربعي الأسدي (ت ٦٤٥ هـ/١٢٤٧م) ذكره الحر العاملي في أمل الآمل، والأفندي في رياض العلماء، والطباطبائي، في رياض المسائل، شيخ فقهاء الحلة وزعيمهم في زمانه، إذ كان ألمع علماء عصره، جليل القدر، شيخ الطائفة ورئيسها في زمانه، وهو الذي عمّر بيوت الدرس إلى جانب المشهد المنسوب إلى صاحب الزمان (عليه السلام) سـنة (٦٣٦هـ)، وأسكنها جماعة مـن الفقهاء فكان يقيم مجلس درسه في هذا الموضع، كان عالما موسوعيا مما جعله رئيسا في عصره، إذ كان موضع إجلال واحتـرام واعتماد مـن قبل العلماء، أحتل موقع الصدارة في الفقه والحديث والتقوى، فعرف بدقة النظر في الفقه وقوة الدليل وشمولية المنهج، كما بـرع فـي اللغـة والأدب والشعر والنثر والتاريخ والسير، وبأسلوب كان ينم عن تمكن ودراية بهذه الفنون جميعهـا، ويظهـر هـذا الامر جليا في كتابه ( المناقب المزيديـة فـي إخبـار الملـوك الأسدية ) وقد امتدحه الكثير من العلماء، نذكر منهم حفيده جعفر بـن حبيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما يمتدحه ويشيد بفقاهته والمرتبة العليا التي وصل إليها في كافة فروع العلم والمعرفة بهذه الأبيات الشعرية فقال فيه :

وجد أبي الحبر الفقيه أبي البقـــــــــا             فما زال في نقــل العـلوم مقدمـــــــــا

يود أناس هدم ما شـيـــد العلــــــــــــى     وهيهات للمعـروف أن يتـهـدمـــــــــا منالي بعيد ويح نفسك فاتـئــــــــــــد                فمن أين في الأجداد مثـل التقي نما

     ومن أعلام هذه الأسرة التي عرفت بالعلم والفضل نجــم الــدين جعفــر بــن محمــد بــن جعفــر بــن هبــة الله بــن نمــا الحلــي (ت ٦٨٠هـ/١٢٨١م) من كبار فقهاء الحلة في القرن السابع الهجري، وقـد وصف بأنه من الفضلاء الأجلاء وكبار الدين والملة، ومن أجلاء العلماء، قـال عنـه المجلسـي: (إنه من أفاضل مشايخ علمائنا الإمامية)، وقال عنه الشيخ عبد الله الأصفهاني في رياض العلماء : ( عالم ، جليل )، وقال: ( من أفاضل مشائخ علمائنا ) وقال السيّد محمّد باقر الخوانساري في روضات الجنّات : ( كان من الفضلاء الأجلّة ، وكبراء الدين والملّة )، كان من أعاظم الفقهاء أحد مشايخ آية الله العلامة الحلي وهو صاحب مقتل الحسين (عليه السلام) الموسوم بـ ( مثير الأحزان ) وكتاب ( أخذ الثار  في أحوال المختار)، وكان مع غزارة علمه شاعرا جيدا كتب في مختلف أغراض الشعر، كالحماسـة، والمـديح، والرثـاء، وخصوصـا لأهـل البيـت (علـيهم السلام ).

من قوله في رثاء آل البيت (عليهم السلام :(

وقفت على دار النبي محمــــــــد              فالفيتها قد اقفرت عرصاتها

وأمست خلاء من تلاوة قــــارئ            وعطل فيها صومها وصلاتها

فاقوت من السادات من آل هاشم            ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها

فعيني لقتل السبط عبرى ولوعتي          على فقدهم ما تنقضي زفراتها

ومن قوله في الفخر: 

انا ابن نما إما نطقت فمنطقــــــــــي        فصيح إذا ما مصقع القوم اعجما

وإن قبضـت كف امرئ عن فضيلة          بسطت لها كفا طويلا ومعصما

بنى والدي نهجا إلى ذلك العلـــــــى           وافعالي كانت إلى المجد سلما

كانت وفاته رحمه ‌الله سنة ستمائة وثمانين تقريباً ودفن بمدينة الحلّة في العراق.

  ولم تقتصر هذه الأسرة على الفقه، وإنما كان لها رجالاتها في الأدب، فكان أبو الحسن علي بن علي بن نما بن حمدون الكاتب (٥٢٣هـ/ ٥٧٩هـ)، كان أديبا فاضلا، بـرع فـي الأدب والكتابـة، وكــان لــه ترســل جيــد وشعر حسن، وكان له ديوان شعر في مختلف الفنون، مليح الشعر، ولد بالحلة ونشأ بها، ثم قـدم بغداد واستوطنها وتوفي بها.

    هذا غيض من فيض هذه الأسرة العلمية الحلية الكريمة التي أنجبت الكثير من العلماء والأدباء والفقهاء والمفكرين، وهناك الكثير من أعلام هذه الأسرة التي لها إسهامات كبيرة في إنعاش الحركة الفكرية في الحلة. 


مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :