مركز تراث البصرة
ابن معتوق الموسوي البصري شاعر اهل البيت عليهم السلام
التاريخ : 4 / 7 / 2017        عدد المشاهدات : 6113

زخر تاريخ البصرة الأدبي بجمّ من المعطيات والإنجازات الكبيرة، ولعلَّ من أهمَّها ما تحقق على ايدي الشعراء والذين كان لهم الدور الاكبر في إغناء الساحة الأدبية, بل في إغناء الحياة بأكملها لما امتاز به الشاعر من مكانة حينها ,إذ كان يمثل اللسان الناطق في التعبير عن كل ما يدور من أحداث ومواقف ,وكان لشعراء البصرة من اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام  مواقف مشرفة لإظهار الحق واتباعه فنا ضلوا بالكلمة وجاهدوا بقول الحق رغم كل المصاعب والتحديات التي واجهوها

ومن هؤلاء الشعراء الذين نذروا انفسهم للدفاع عن مبادئ أهل البيت عليهم السلام وتجسيد مواقفهم , والذي استطاع رغم كل ما واجهته من صعوبات لإخفاء الحقيقة التي كان يقولها ويتمسك بها, فقد سطع نجمه في سماء الأدب العربي ووصل الينا شعره في ديوان مشهور, إنه شاعر العراق في عصره وشاعر أهل البيت السيد شهاب الدين الموسوي المعروف ب(ابن معتوق)  صاحب ديوان (ابن معتوق ).

نسبه

هو  السيد شهاب الدين بن أحمد بن ناصر بن حوزي بن لاوي بن حيدر بن المحسن بن محمد مهدي بن فلاح بن مهدي بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الرضا بن إبراهيم بن هبة الله بن الطيب بن أحمد بن محمد بن القاسم بن محمد أبي الفخار بن أبي علي نعمة الله بن عبد الله بن أبي عبد الله جعفر بن موسى بن محمد بن موسى بن أبي جعفر عبدالله ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام ) (1).

ولد في مدينة البصرة (2) عام 1025هـ الموافق عام 1616م، ونشأ بها وتعلّم  وقال الشعر وأجاده0

شعره

قال عنه ضامن بن شدقم في (تحفة الأزهار) ج3  في ترجمته: (كان المترجم له من عباقرة شعراء أهل البيت (عليهم السلام) فخم اللفظ، جزل المعنى) ثم قال: (كان سيداً جليلاً، حسن الأخلاق، كريم الأعراق، فصيحاً أديباً شاعراً) ثم ذكر نبذة من شعره، وذكره صاحب [تاريخ آداب اللغة العربية] ج 3 ص 280 وقال: إنه مشهور برقته، كما ذكره البستاني في دائرة المعارف الاسلامية ج10 ص589 وقال: (كان من أعيان القرن الحادي عشر وكان له شعر رقيق وشعر منسجم).

اما ما ذكره السيد علي خان صاحب كتاب السلافة إذ قال أنه شاعر العراق رفيع الشرف يمتلك من ظرافة الأدب والجد ... وله اشعار جميلة عميقة المعنى في السادات الأشراف وكبار الشيعة (3).
(وقد امتازت قصائده بقوة السبك وجمال القافية وانتخاب الاوزان الملائمة للغرض الذي نظمت من أجله وقد وفق ابن معتوق في رسم العديد من الصور الشعرية  الموحية والمؤثرة ونظم في كل ألوان الشعر العربي فنراه متنقلًا  بين المديح والغزل والهجاء والرثاء والفخر والتهنئة  والإخوانيات، إلا أنه أطال الاقامة عند  غرض المديح ومدح الرسول (صلى الله عليه واله) وأهل بيته بعينهم دون آخرين، ولعل ذلك نابع من قربهِ منهم أو من إيمانه بشخوصهم وبأنهم يمثلون الحق والعدالة والوجه المشرق للحياة بنظرِه.  وقد كانت لغته سهلة سلسة وقلمه فياض بالأفكار والصور ...)(4)

ديوانه

اصاب ابن معتوق الموسوي  في أواخر حياته مرض الفالج ، فلم يستطع أن يجمع شعره وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر  شعره في ديوان سماه باسمه (ابن ابي معتوق) ، ولثقل تلفظه على اللسان حدث تصحيف وتحريف فسمي عنوان الديوان  (ابن معتوق) ولقد صرح بذلك السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) ج3 ص175 نقلاً عن ملحق السلافة وكتاب الأنوار كما أشار المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني في (الذريعة الى تصانيف الشيعة) ج9 ق1 ص29 الى ذلك  في ذكره لديوان الشاعر أبي معتوق فقال (جمع الديوان ولد الناظم معتوق بن شهاب الدين بعد موت والده ورتبه على ثلاثة فصول: المدائح والمراثي والمتفرقات.. الخ) ثم قال: (وطبع مرة على الحجر بمصر عام 1271هـ، وأخرى على الحروف بمطبعة شرف عام 1302هـ وأخرى بالإسكندرية عام 1290هـ، واخرى ببيروت عام 1885م).

 

ابن معتوق واهل البيت عليهم السلام

كان ابن معتوق الموسوي  من كبار شعراء الشيعة (5) و قد احتوى ديوانه على الكثير من القصائد  في مدائح ومراثي أهل البيت (عليهم السلام) ونشر فضائلهم وإبراز سيرتهم العطرة حتى بلغ من حبه لهم (عليهم السلام) ان اتهمه بعض الحاقدين بالغّلو فيهم , ففي ترجمته في الوسيط قال الاسكندري: (شاعر العراق في عصره وسابق حلبته في رقة شعره ...) ثم قال في نهاية الترجمة: (وابن معتوق من كبار الشيعة  فأفرط في التشيع في شعره وجاء في مدح علي والشهيدين بما يخرج عن حد الشرع والعقل ويمتاز شعره بالرقة وكثرة الاستعارات والتشبيهات حتى لتكاد الحقيقة تهمل فيه جملة)(6) وقد تصدى الأميني في الغدير للرد على الاسكندري فقال شعراء القرن الحادي عشر ما نصه: (لم يكن شاعرنا أبو معتوق العلوي نسباً ومذهباً العلوي نزعةً وأدباً ببدع من بقية موالي أهل بيت الوحي صلوات الله عليهم وشعرائهم المقتصدين البعيدين عن كل افراط وغلو المقتصين أثر الشرع والعقل في ولاء آل الله وإلا فهذا ديوان أبي معتوق بمطلع الأكمّة من القارئ لكن الاسكندري راقه القذف فقال: وليست هذه بأول قارورة كسرت في الإسلام ونحن عرفناك الفئة الغالية وإنها غير الشيعة والله هو الحكم العدل)(7).
لقد أجاد الشيخ الأميني وأبدع في رده على الاسكندري قوله ونفي تهمة الغلو عن شاعرنا في استكثاره مدح أهل بيت الرحمة وموضع الرسالة ونجوم السماء لأهل الأرض وسفن النجاة.

ومن الابيات التي وردت في مدح اهل بيت النبي عليهم السلام :
وقد جلّ عن سائل التشبيه رتبته              إذ فوقه ليس إلا الله في العظمُ
ذرية مثل ماء المزن قد طهروا               وطيبوا فصفت أوصاف ذاتهمُ
أئمة أخذ الله العهود لهم                     على جميع الورى من قبل خلقهمُ
كفاهم ما بـ(عمّ) و(الضحى) شرفاً         و(النور) و(النجم) من آي أتت بهمُ
سل (الحواميم) هل في غيرهم نزلت         و(هل أتى) هل أتى إلا بمدحهمُ
أكارم كرمت أخلاقهم فبدت                      مثل النجوم بماء في صفاتهمُ
أطائب يجد المشتاق تربتهم                     ريحاً تدل بما في طيب ذاتهمُ
شكراً لآلاء ربي حيث ألهمني                     ولاءهم وسقاني كأس حبهمُ

وكانت أول قصائد ديوانه ابتدأت في مديح النبي (صلى الله عليه واله) مطلعها:
هذا العقيق وتلك ثم رعانه         فأفرج لجين الدمع من عقيانه
وقد نظمها  أثناء زيارته الى مكة المكرمة والمدينة المنورة كما صرح بذلك في القصيدة:
أمّلت فيك وزرت قبرك مادحاً       لأفوز عند الله في رضوانه
عبدٌ أتاك يقوده حسن الرجا         حاشا نداك يعود في حرمانه
فاقبل إنابته إليك فإنه بك               يستقيل الله في عصيانه
فاشفع له ولآله يوم الجزا            ولوالديه وصالحي إخوانه
صلى الإله عليك يا مولى الورى     ما حنّ مغتربٌ الى أوطانه
وله قصيدة في رثاء سيد الشهداء الامام الحسين عنوانها (هلَ المحرم) مطلعها

هَلَّ الْمُحَرَّمُ فَاسْتَهِلَّ مُكَبِّرَا                      وَانْثُرْ بِهِ دُرَرَ الدُّمُوعِ عَلَى الثَّرَى

وانظر بغرتهِ الهلال إذا انجلى                  مسترجعاً متفجعاً متفكراً

واقطفْ ثمارَ الحزنِ من عرجونهِ             و اْنْحَرْ بِخَنْجِرِهِ بِمُقْلَتِكَ الْكَرَى

وانس العقيقَ وأنسَ جيرانِ النقا       واذكر لنا خبر الطفوفِ وما جرى
توفي ابن معتوق عام 1087هـ - 1676م.

.................................

الهوامش

  1. تذييل سلافة العصر , السيد عبدالله الجزائري , ص22,تحقيق السيد هادي باليل الموسوي المكتبة الادبية المختصة
  2. الاعلام ,خير الدين الزركلي ج3 ص178.وقيل انه ولد في الحويزة التابعة لإقليم خوزستان فهي كذلك كانت تابعة للبصرة ايام العهد العثماني
  3. أعيان الشيعة، ج7/ 370.
  4. دراسة تحليلية لنماذج شعرية من شعر ابن معتوق الموسوي, د. زينب عبد الكريم المنشور في مجلة كلية التربية الاساسية للعلوم التربوية والانسانية , جامعة بابل نيسان/2015م   العدد/20    ص43
  5. جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب , أحمد الهاشمي  ص390
  6. الوسيط في الادب العربي وتاريخه , الشيخ احمد الاسكندري ص315, طبعة 1919 م دار المعارف للطباعة والنشر، القاهرة
  7. الغدير - الشيخ الأميني - ج 11 / ص 308-309

دار الكتاب العربي بيروت - لبنان الطبعة الرابعة 1397 ه‍ - 1977 م


وليد المحمد


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :