مركز تراث كربلاء
أسرة آل المازندراني .. شريف العلماء أنموذجاً لرجالاتها
التاريخ : 11 / 6 / 2017        عدد المشاهدات : 2795

من مشاهير الأسر العلمية التي سكنت مدينة كربلاء المقدسة في القرن الثالث عشر الهجري بعد أنْ هاجرت إليها من بلاد فارس وتحديداً مدينة (مازندران) حيث اشتهرت هذه الأسرة في كربلاء باسم آل المازندراني ممثلةً بكبار العلماء العاملين الذين سجَّلوا بصمة علمية واضحة المعالم، متناغمين بذلك مع مكانة مدينة كربلاء المقدسة حيث كان من أبرز من تصدى منهم لهموم المرجعية الدينية هو الشيخ محمد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري، الشهير بشريف العلماء، كان فقيهاً إمامياً مجتهداً، من كبار الأصوليين ومشاهير المدرّسين فقد قرأ أولاً على يد السيد محمد المجاهد ثم قرأ على والده السيد علي الطباطبائي (صاحب الرياض) في الفقه والأصول، وبعد أن تقدَّم السيد الطباطبائي بالعمر، انتقل شريف العلماء إلى المباحثة والمطالعة المستقلة، وشرع بالتدريس فاجتمع في درسه الطلاب الفضلاء والعلماء بما يربو على ألف طالبٍ وعالم، واجتذبت دروسه القيّمة العلماء الأجلاء من النجف إلى كربلاء منهم تلميذه العالم النابغة الحجة الشيخ مرتضى الأنصاري –قدس سره- الذي انتهت إليه فيما بعد الرئاسة العلمية للطائفة الإمامية.

كان شريف العلماء يلقي درسين في اليوم، أحدهما للمبتدئين والآخر للمتقدمين في الدراسة، وقلّما وجد عالم وأستاذ بارع ومقتدر ومتمكن من قواعد علم الأصول مثله، وقد صرف عمره وأنهك جهده في تربية جيل من العلماء الأصوليين، ولهذا كان قليل التأليف، وإلى جانب ذلك كان أعجوبة الحفظ والضبط، ودقة النظر وسرعة الانتقال في المناظرات والمباحثات الجدلية، لإلمامه التام بعلم الجدل، وكان يقوم بمهمة التدريس لساعات طويلة في اليوم .

وكانت حلقات درسه تعقد بانتظام في المدرسة العلمية المعروفة باسم (مدرسة السردار حسن خان) في كربلاء المقدسة، فاتجهت إليه الأنظار، وتهافت عليه أهلُ العلم لغزارة علمه وحسن تقريره، ومن الجدير بالذكر أنّ حوزة كربلاء في عهده قد اخذت زخماً علمياً كبيراً لأن حلقات درسه وأبحاثه وتقريراته الفقهية والأصولية إجتذبت إلى المدينة المئات بل الآلاف من الفضلاء والطلّاب المبتدئين والمنتهين، إذ كان يحضر تحت منبر درسه ألفٌ من الطلبة فيهم العلماء والأفاضل، وقد غالى فيه بعض تلامذته، ومنهم تلميذه "الفاضل الدربندي" حتى فضَّلوه على المتقدمين والمتأخرين، ووصفه تلميذه السيد محمد شفيع بن السيد علي أكبر الموسوي الحسيني العلوي البروجردي، في إجازته المسماة (الروضة البهيَّة في الطرق الشفيعيَّة) فقال بشأن أساتذته ومشايخه: فمنهم السالك في مسالك التحقيق، والعارج في مدارج التدقيق، مقنن القوانين الأصولية، مشيد المباني الفرعية، مفتاح العلوم الشرعية، مربي العلماء الإمامية، مدرِّس الطالبين جميعاً في جوار ثالث الأئمة، شيخنا، وأستاذنا ومربينا ووالدنا الروحاني والعالم الرباني، محمد شريف إبن ملّا حسن علي المازندراني. مما يدلل على مدى سعة وأعلمية شريف العلماء مقارنتةً بنضرائه الآخرين. حتى بلغ عدد من يحضر درسه ألف شخص أو أكثر، منهم السيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني الحائري صاحب الضوابط، ومرتضى بن محمد أمين الأنصاري، وإسماعيل اليزدي، والسيد محمد شفيع بن علي أكبر الجاپلقي، والسيد عبد الغفور بن محمد إسماعيل اليزدي الغروي، وعبد الخالق بن عبد الرحيم اليزدي، ومحمد شفيع بن محمد علي الدابوقي البارفروشي، ومحمد سعيد البارفروشي المازندراني المعروف بسـعيد العلماء، وغيرهم  .

 انصرف شريف العلماء -وهو لقب لازمة طيلة حياته- إلى تربية العلماء الأعلام، فلهذا السبب كان –قدس سرُّه- قليل التأليف، يقابلها فرائد من الصفات العقلية التي تميز بها فكان «اعجوبة في الحفظ والضبط ودقة النظر وسرعة الانتقال في المناظرات وطلاقة اللسان » توفّي عام 1245هـ ودفن في داره في كربلاء، وقبره اليوم مزارٌ معروف.

 

أ.م.د. علي طاهر الحلي - وحدة الدراسات - مركز تراث كربلاء


وحدة الدراسات


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :